الأزهر يستورد جدل تونس حول الميراث

مفتي الديار المصرية يؤكد ان المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة 'مخالف للشريعة الإسلامية'، في رد ضمني على أستاذ أزهري أجازها معتبرا تونس سابقة لعصرها.
علام: لا اجتهاد في النصوص التي هي قطعية
استاذ الأزهر سعد الدين الهلالي: الميراث حق يجوز التنازل عنه وليس واجبا مثل الصلاة والصوم

القاهرة - تبرأ مفتي الديار المصرية شوقي علّام في بيان الإثنين من فتوى لاستاذ أزهري أجازت ما اعتبره اجتهادا تونسيا "صحيحا" في المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، سابقا لزمانه مقارنة بالأوضاع الاجتماعية في مصر.

وقال علام فيلبيان نشره على صفحته الرسمية على موقع فيسبوك أن المساواة في الميراث "أمر مخالف للشريعة الإسلامية".

وجاء بيان المفتي المصري يوما بعد تصريحات إعلامية لأستاذ الفقه المقارن بالأزهر الدكتور سعد الدين الهلالي أيدت توجها تونسيا لإقرار المساواة في الميراث، وبعد يومين من إعلان الرئاسة التونسية أن مشروع قانون مساواة في الميراث سيعرض الجمعة على مجلس الوزراء توطئة لإحالته الى البرلمان للتصويت عليه خلال الأشهر المقبلة.

وقال علّام "إن المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة أمر مخالف للشريعة الإسلامية ولإجماع العلماء على مر العصور".

وأضاف، دون الإشارة إلى دولة تونس، أنه "لا اجتهاد في النصوص التي هي قطعية الدلالة قطعية الثبوت بدعوى تغيُّر السياق الثقافي الذي تعيشه الدول والمجتمعات الآن".

والمساواة في الارث كانت أحد الاجراءات الاكثر اثارة للجدل بين سلسلة اصلاحات اقترحتها لجنة الحريات الفردية والمساواة التي شكلها الرئيس الباجي قائد السبسي في صيف 2017.

وتقوم قوانين الإرث في تونس المستمدة من الشريعة الاسلامية اجمالا على قاعدة "للذكر مثل حظ الانثيين".

ويريد مشروع القانون المعروض جعل المساواة هي القاعدة العامة مع تمكين المواطنين الراغبين في الاستثناء منها سواء لأسباب دينية أو غيرها.

وشدد علّام على أن "المرأة في نظر الإسلام وشرعه كالرجل تماما، لها ما للرجل من الحقوق، وعليها ما عليه من الواجبات".

وأوضح أن "المرأة في الدين لها أكثر ثلاثين حالة في الميراث، ونجد الشرع قد أعطاها في كثير من الأحيان أكثر مما أعطى الرجل"

واشار على سبيل المثال في هذا الصدد الى حالة وفاة المرأة "عن زوج وبنت.. يأخذ الزوج الربع في حين أن البنت- وهي أنثى- تأخذ النصف".

وأوضح مفتي مصر أن الحالات التي تأخذ فيها المرأة نصف الرجل "لا تعدو أربع حالات" ابرزها ميراث الأبناء من الإناث والذكور عن الآباء أو الأمهات.

لكن استاذ الفقه المقارن بالازهر الدكتور سعد الدين الهلالي رأى عكس ذالك في مداخلة هاتفية لبرنامج يبث في قناة مصرية خاصة.

وخلال تدخله زجم الهلالي بإن قرار تونس بالمساواة في الإرث بين الرجل والمرأة "صحيح فقها".

وأضاف أن "الميراث مسألة حقوق، وليست واجبات مثل الصلاة والصوم"، ذاهبا الى ان "الحقوق يكون للناس الحق في التعامل بها كيفما يرون"، ما يعني جواز التنازل عنها.

وقال الهلالي أن "فتوى الفقيه تختلف باختلاف الزمان والأوضاع وباتساع إدراكه"، مستشهدا برأي الإمام محمد الغزالي عن خروج المرأة من منزلها حيث منع أولا ثم أباحه، مشددا على ضرورة تجديد الخطاب الديني، والخروج عما أسماه "حالة الجمود في الفكر".

وذكر أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر أن ما فعلته تونس هو "أحد أوجه الفقه الصحيحة"، متابعا "شيوخ تونس توصلوا إلى ذلك، وأكيد رأيهم مش خطأ".

ونبه الهلالي إلى أن الحكم للشعب وليس للمؤسسات، ضاربا مثالا بأسرتين أولاهما اجتمع الإخوة واستقروا على أن يوزعوا الميراث بينهم بالتساوي، والأسرة الأخرى أصر الرجال فيها على الحصول على ضعف ميراث المرأة، متسائلا "أي الأسرتَين أرحم في ما بينهما؟".

وقال الهلالي خلال تدخله الذي اثار جدلا اجبر الأزهر على الرد سريعا، بان مصر "ستلحق بركب تونس بعد عشرين او ثلاثين عاما"، مثمنا المسار الاصلاحي الذي تتبعه الأولى.