"الحرب السيبرانية" يحذر من خطورة إختراق الفضاء الإلكتروني

أحمد عزت سليم قدم في بداية كتابه عدة تعريفات للحرب السيبرانية.
في هذه الحرب يمكن استخدام أنظمة التحكم الكامل في إختراق شبكات الحاسوب الفردية أو المركزية، أو الهواتف؛ لنسخ أو إتلاف كل ما عليها
الإرهاب السيبراني يهدف إلى توفير بنية فكرية لدعم وتجنيد الجماعات المتطرفة، عن طريق التخطيط الدقيق الذي يؤدي إلى غسل الأدمغة

قدم أحمد عزت سليم في بداية كتابه "الحرب السيبرانية الماهية والفاعليات والتطورات"  عدة تعريفات للحرب السيبرانية ملخصها أنها تلك الحرب الفكرية التي تحدث بواسطة المواد المحملة على الشبكة  العنبكوتية: جوجل، فيس بوك، تويتر وغيرها، وتصبح  شبكات الكمبيوتر أو الهوانف الذكية هي الساحة الفعلية لهذا الصراع، ويُعد المُرسل هو المعتدي بينما المتلتقي هو المعتدى عليه.
ويمكن في هذه الحرب استخدام أنظمة التحكم الكامل في إختراق شبكات الحاسوب الفردية أو المركزية، أو الهواتف؛ لنسخ أو إتلاف كل ما عليها من بيانات خاصة بالأفراد أو المؤسسات  أو الدول؛  أما الدور الرئيسي في هذه الحرب المدمرة يكمن في بث الأفكار الهدامة التي تحقق أغراض الجهة المهاجمة؛ وقد تم التوسع في توظيف الفضاء الإلكتروني في تأجيج كافة أشكال الصراعات الدولية والطائفية، والعرقية، والأيدلوجية.
وقد تطور ما يعرف إصطلاحًا بالإرهاب السيبراني بهدف توفير بنية فكرية لدعم وتجنيد الجماعات المتطرفة، عن طريق التخطيط الدقيق الذي يؤدي إلى غسل الأدمغة، ثَّم الحشد وتوجيه الأفراد والجماعات نحو التصادم مع السلطة والدولة  وبأسلوب يفوق في خطورته الإرهاب العادي، حيث يتم زرع قناعات وأفكار في ظاهرها  العدلة والحرية وفي باطنها كل جوانب الشر؛ وذلك من أجل إشعال الفتن وخلق التصادم الدموي داخل البلدان، وخاصة في العالمين الإسلامي والعربي؛ لصناعة ما يعرف بالفوضى الخلاقة بالنسبة لهم والمدمرة بالنسبة لنا.
وإذا كان الإنترنت قد خلقت نخبا جديدة صعدت على الساحة الاجتماعية على حساب النخب المصنوعة عبر أجهرة الإعلام التقليدي بعيدا عن قيود الجغرافيا، إلا أن درجة التأثير السلبي تكمن في من يتم توظيفهم من هذه النخب أو غيرها بهدف تغير البنية الاجتماعية بشكل يتعارض مع الهوية الوطنية، وبصورة تفضي إلى تدمير التقاليد التي كانت سائدة من ذي قبل.

الأمن السيبراني للعالم العربي يتطلب مراجعة كافة الأبعاد العسكرية، والسياسية، والاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية، والديمجرافية، والمعلوماتية والتكنولوجية، وغيرها؛ حتى يتم التصدي لمحاولات الهدم بطريقة علمية،  وأيضًا لتكوين حائط صد للدفاع عن الأمن القومي

تمنح وسائل التواصل الاجتماعي لبعض الخبراء الغربيين فرصة ذهبية للقيام بعمليات التحليل الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والعسكري للشعوب؛ تمهيدًا لوضع الخطط اللازمة لاستنزاف وإنهاك البلدان محل الاستهداف، وبطرق متنوعة  منها بث الأفكار الجنسية الشاذة، وتسهيل المحادثات الإباحية بين الجنسين؛ ثم تهديد المتورطين في مثل هذه العلاقت بالفضيحة، أو الصمت مقابل  تجنيدهم كعملاء للتخابر ضد الأوطان، هذا بالنزامن مع  نشر الثقافات المخالفة للمعتقدات؛  لتحويل الشباب من قوى منتجة إلى فئة عاطلة ومدمنة للجنس والمخدرات.
ومن وسائل الحرب السيبرانية إرسال الشفرات والبرامج الخبيثة لتدمير أجهزة الحواسيب، أو استخدام الرسائل الاقتحامية المُرسلة والمحملة ببرامج للتجسس إلى الإميلات بهدف جمع المعلومات أو التصيد الاحتيالي، وأحيانا يتم تقليد المواقع الموثوق بها أو البريد الإلكتروني للكيانات الكبري؛ لذات الغرض، أو بهدف الوصول إلى أسرار المستهدفين، أو خداع الشباب بفرص عمل وهمية عبر إعلانات الهجرة إلى البلدان الثرية. 
وتوفر البيانات التي يتم جمعها فرصة للكيانات المعادية كي تقوم بوضع خطط اقتصادية لإفقار وتدمير الاقتصاديات الناشئة أو عرقلة نموها، أو صناعة رأي عام زائف لخدمة توجه سياسي محدد، وبالتالي تشمل الحرب السيبرانية صناعة التأثيرات المتنوعة على مستوى السلطة الرسمية وغير الرسمية، والقوى العاملة والعاطلة، والفرد والجماعة، كما أن هذه التهديدات تستهدف في نفس الوقت تدمير قوة الدولة العسكرية وزعزعة فكرة السيادة، وخلق بيئة تؤدي إلى تقسيم أو إقتطاع جزء من أراضي الدولة المستهدفة. 
وتشير بعض الإحصائيات أن العالم يوجد به حاليا نحو 13 خادمًا جذريا؛ تستخدم لتجقيق أهداف الحرب السيبرالية؛ وتستحوذ الولايات المتحدة الأميركية وحدها على عشرة خوادم منها؛ مما يعطيها قوة تأثير عظمي على تغير البنية الفكرية بما يتفق مع مصالحها، وفي نطاق الشرق الأوسط تمارس إسرائيل هذه الحرب من الوحدة 8200، وذلك بهدف جمع الإشارة وفك الشفرات وتشغيل شبكات التجسس على نطاق دولي علاوة على التنصت والرصد والتصوير والتشويش وإختراق البريد الإلكتروني وغيرها، ولضمان السرية والتفرد؛ يقوم مجمع الصناعات العسكرية الذي تملكه الحكومة الإسرائيلية بتطوير أجهزة إلكترونية لذات الغرض.
يرى المؤلف أن حماية الأمن العربي يجب أن يقوم على عدة ركائز أساسية منها: إدراك التهديدات سواء الخارجية منها أو الداخلية، ورسم استراتيجية  لتنمية قوة الدولة والحاجة إلى الإنطلاق المؤمن، وتوفير القدرة على مواجهة التهديدات الخارجية والداخلية ببناء القوات المسلحة وأجهزة الشرطة القادرة على التصدي والمواجهة، وإعداد سيناريوهات واتخاذ إجراءات لمواجهة هذه التهديدات.
يتضح من العرض السابق أن الأمن السيبراني للعالم العربي يتطلب مراجعة كافة الأبعاد العسكرية، والسياسية، والاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية، والديمجرافية، والمعلوماتية والتكنولوجية، وغيرها؛ حتى يتم التصدي لمحاولات الهدم بطريقة علمية،  وأيضًا لتكوين حائط صد للدفاع عن الأمن القومي.