الحكومة الثالثة آخر ما تحتاجه ليبيا
تونس- يتساءل مراقبون في ليبيا وخارجها اليوم عن السر وراء تسريب "خبر" التوجه نحو تشكيل حكومة ثالثة في ليبيا تٌنهي حالة النزاع المستمر بين حكومة فتحي باشاغا وحكومة عبد الحميد الدبيبة المنتهية ولايتها.
ورغم نفي البرلمان الليبي نيته المشاركة أو الموافقة على هذا الأمر إلا أنه قد يعود للطرح في قادم الأيام خاصة مع تنامي مؤشرات بأن الأمور ستتعقد أكثر بين باشاغا والدبيبة.
وذكرت وسائل إعلام محلية وعربية ان رئيس مجلس الدولة الأعلى خالد المشري هو أول من طرح فكرة تشكيل حكومة مصغرة تتولى التحضير للانتخابات المقبلة.
ودعا المشري حكومتيْ باشاغا والدبيبة إلى الاستقالة والقبول بالتغيير، موجها لهما التهمة بعدم الرغبة في الذهاب إلى الانتخابات.
وقال أستاذ العلوم الجيوسياسية والاستراتيجيات رافع الطبيب لـ"ميدل إيست أونلاين" أنه "لا توجد نية جدية من كل الأطراف للذهاب إلى الانتخابات المقبلة"، مضيفا "لا باشاغا ولا الدبيبة ولا البرلمان ولا مجلس الدولة الأعلى راغب في الوصول إلى الانتخابات".
لا باشاغا ولا الدبيبة ولا البرلمان ولا مجلس الدولة الأعلى راغب في الوصول إلى الانتخابات
وأشار الطبيب إلى أن ثقافة "الريْع السياسي" هي السائدة اليوم في الساحة السياسية الليبية. فالجميع، في نظره، "يسعى لأخذ نصيبه من الكعكة قبل حلول الانتخابات التي ستمسح نتائجها أفواه الجميع".
وأضاف رافع الطبيب وهو مختص في الشأن الليبي أن "هناك معلومات استباقية تفيد أن الجميع سيخسر الانتخابات لصالح طرف آخر، وهو سيف الإسلام القذافي".
وذهبت التخمينات بحسب متابعين إلى اعتبار تصريحات المشري كانت بمثابة رسالة وجهها إلى البرلمان الذي فهم الرسالة على ما يبدو لكنه سارع بالنفي خاصة بعد الجدل الواسع الذي أثاره الخبر.
وأشار بيان النفي الذي أصدره البرلمان الليبي إلى أن "العمل جارٍ على دعم ومساندة حكومة فتحي باشاغا من كلّ الأطراف الليبية، لأنّها هي الحكومة الشرعية التي جاءت بقرار ليبي".
ويرجح بعض المحللين أن يكون قد تم فعلا تداول الفكرة أو المشروع بين عدة أطراف سياسية قبل أن يفصح عنها المشري، بسبب حالة الإحباط التي بدأت تتملك العديد من الفاعلين السياسيين بسبب احتدام المعركة حول الشرعية بين باشاغا والدبيبة، والذي يهدد بالانزلاق العنيف والدامي مرة أخرى.
وذكرت وكالة سبوتنيك الروسية قبل ايام أن "المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز تسعى لوضع خريطة طريق جديدة، وتشكيل حكومة جديدة بخلاف حكومة باشاغا أو الدبيبة، كما أنّها تسعى للذهاب نحو الاستفتاء على مشروع الدستور أوّلاً، وإرجاء الانتخابات إلى مرحلة لاحقة".
ستيفاني ويليامز تسعى لوضع خريطة طريق جديدة وتشكيل حكومة جديدة بخلاف حكومة باشاغا أو الدبيبة
أعادت الأحداث التي شهدتها العاصمة الليبية طرابلس الأسبوع الماضي سيناريو الأحداث الدامية التي عاشتها البلاد طيلة السنوات الماضية، ليُطلّ شبح الاقتتال الليبي- الليبي برأسه من جديد، وذلك إثر محاولة رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان فتحي باشاغا دخول العاصمة طرابلس لممارسة مهام حكومته، في خطوة لم تحظ بدعم قوي من قبل الميليشيات المسلحة.
ويرى الطبيب، المختص في الشأن الليبي، أن "المؤشرات خطيرة جدا في ليبيا مع تراجع أصوات السياسيين أمام هدير القنابل وصوت الرصاص الذي أخذ في التوغل داخل الأحياء السكنية الآمنة التي بدأت تعيش اشتباكات مسلحة".
وفي هذه الحالة، بحسب الطبيب، لن تحدث انتخابات وشيكة في ليبيا، كما يرجح آخرون أن المسار الدستوري سيشهد انتكاسة رغم التقدم النسبي الذي يشهده حاليا، فقد أعلنت ويليامز السبت، أن لجنة المسار الدستوري المشتركة تمكنت من التوصل إلى توافق مبدئي حول 137 مادة من أصل 197 بمسودة الدستور.
من الواضح أن ليبيا باتت مقسمة إلى قسمين، شرقي تسيطر عليه حكومة باشاغا، وغربي تسيطر عليه حكومة الدبيبة، لكن ماهو دور المؤسسات السيادية الأخرى كالبرلمان ومجلس الدولة الأعلى؟
يقول الطبيب إن ليبيا تعيش اليوم ومنذ سنوات "عبثا مؤسساتيا"، مضيفا أن الحاكم الفعلي في ليبيا اليوم لا هو باشاغا ولا هو الدبيبة. إنه مصرف ليبيا المركزي". فهو، في تقديره، الذي "يدير شؤون البلاد ويدفع أجور موظفي الدولة، ويدعم ماليا هذا الطرف السياسي على حساب الآخر وهو الذي يتجمع حوله المستثمرون ورجال الأعمال".
وكان المستشار الإعلامي لرئاسة مجلس النواب الليبي فتحي المريمي أكد أنه سيتم إقرار ميزانية رسمية لحكومة باشاغا من مجلس النواب، وفقا للإعلان الدستوري والقوانين السارية في الدولة الليبية.
وعانى مصرف ليبيا المركزي، كغيره من مؤسسات الدولة من التقسيم والانقسام طيلة السنوات الماضية إلى أن تم الإعلان في يناير الماضي عن توحيده كمؤسسة مالية سيادية تمثل الدولة.