قبيل الصمت الانتخابي نسق الضجيج حول الاستفتاء يتصاعد في تونس

بعد فترة خمول، معارضون لمشروع الدستور التونسي الجديد يصعّدون ويشتبكون مع قوات الأمن ساعات قليلة قبل يوم الحسم.
الأمتار الأخيرة في سباق الاستفتاء على الدستور التونسي
تونس

يغلب الانطباع لدى الكثيرين أن نسق الحملة الانتخابية للاستفتاء على الدستور كان بطيئا ولم يأخذ الزخم الذي أخذته الحملات الانتخابية السابقة، رغم أن الأيام الثلاثة الأخيرة من الحملة أخذت نسقا تصاعديا على مستوى الأنشطة الدعائية لأحد الموقفين المتخذيْن من الدستور المرتقب.
وتُختتم السبت عند منتصف الليل بالتوقيت المحلي الحملة التي انطلقت في الـ3 من يوليو/ تموز الجاري، ليخيم الصمت الانتخابي على المستوى الوطني الداخلي، في حين عمّ الصمت الانتخابي بالخارج منتصف ليل الجمعة.
وتوقعت رئيسة منظمة "مراقبون" رجاء جبري في تصريح أدلت به للإعلام المحلي الشهر الماضي، أن يشهد الإقبال على الاستفتاء "عزوفا" بسبب عدم قيام هيئة الانتخابات بدورها في التوعية بعمليات تسجيل الناخبين.
وأضافت جبري أن إجراء الاستفتاء يوم الإثنين عقب عطلة نهاية الأسبوع (العطلة الرسمية في تونس السبت والأحد)،وحلوله في فترة ذروة الحرارة في تونس، وانشغال التونسيين بزيارة الشواطئ والمهرجانات والأعراس، كلها عوامل ستؤثر في الأجواء العامة للاستفتاء سواء طيلة فترة الحملة الانتخابية أو في يوم الاقتراع نفسه.

مازال الكثير من التونسيين  لا يميزون بين الانتخابات والاستفتاء

ولاحظ عدد من المسؤولين عن الهيئات الفرعية التابعة لهيئة الانتخابات في بعض المحافظات أن نسق الحملة كان بطيئا في الأسابيع الأولى بينما شهد تصاعدا في الأسبوع الأخير عندما عمدت بعض الأحزاب المشاركة في الحملة إلى تكثيف أنشطتها الدعائية عبر عقد اللقاءات المباشرة مع المواطنين في إطار حملات تفسيرية لفصول مشروع الدستور وعبر تعليق اللافتات ونصب الخيام الدعائية.
ويفسر الخبير القانوني معتز القرقوري ظاهرة "النسق البطيء" للحملة في تصريح سابق لـ"ميدل إيست أونلاين" بأن الاستفتاء يختلف عن الانتخابات من حيث الطبيعة والآليات والأدوات".
وأوضح أن ذلك لم يفهمه الكثير من التونسيين الذين مازال الكثير منهم يتساءل عن القائمات الانتخابية والمترشحين"، مضيفا "والحال أن الاستفتاء يحتمل أحد خيارين إثنين لا ثالث لهما، نعم أو لا على الدستور برمته".
وأضاف القرقوري أن طبيعة الدساتير في حد ذاتها يكتنفها بعض الغموض لدى عامة الناس نظرا للجوانب التقنية والقانونية والسياسية التي تكون أحيانا معقدة ولا يفهمها المواطن العادي بسهولة".  
ولاحظ بعض المتابعين أن نشاط الحملة تكثف خاصة لدى الأطراف الداعية إلى التصويت بـ"نعم" على غرار حزبيْ الشعب والتيار الشعبي وحركة تونس إلى الأمام، بينما لا تزال تحركات الرافضين لمشروع الدستور متواضعة.
ونظم الائتلاف المدني المعارض للاستفتاء تظاهرة بالعاصمة شارك فيها سياسيون معارضون ونواب سابقون بالبرلمان المنحل للمطالبة بمقاطعة الاستفتاء وإيقاف مسار 25 يوليو.
وشهدت التظاهرة تشنجات وأعمال عنف خاصة إثر التحاق مجموعة من المتظاهرين المساندين لمسار 25 يوليو مطالبين بـ"القطع مع عشرية الخراب".
واضطرت قوات الأمن لمواجهة تلك الأعمال بإطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين.

المخالفات المسجلة طيلة فترة الحملة لم تكن جسيمة أو خطيرة ولا تؤثر على إرادة الناخبين

ودعت جبهة الخلاص التي تضم حركة النهضة والأحزاب المتحالفة معها ومنظمات مدنية إلى تنظيم تظاهرة السبت "من أجلِ الدفاع عن قيم الجمهوريّة ومن أجل الديمقراطية، وضد دولة الاستبداد والحكم الفردي".
وتوقع بعض المحللين أن يرتفع منسوب العنف خلال اليومين القادمين بعد فترة "السبات" التي مرت بها الأطراف المعارضة لدستور الجمهورية الجديدة.
وفي تصريح أدلى به لوكالة رويترز الأسبوع الماضي دعا رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي أنصاره للتظاهر يوم الاستفتاء في ال25 من يوليو الجاري، واصفا أجواء الحملة بـ"الباردة والجنائزية".
ويقول سرحان الناصري رئيس حزب التحالف من أجل تونس المساند لمشروع الدستور الجديد في تصريح خاص لـ"ميدل إيست أونلاين" إن "عدم تحرك الأطراف المعارضة للدستور بشكل واضح على الميدان أثناء الحملة الانتخابية يعود إلى أن تلك الأحزاب لم تعد تلقى قبولا لدى الأوساط الشعبية، فضلا عن تكتيك تعده حركة النهضة ومن معها للتظاهر بشكل مكثف يوم الاقتراع في محاولة للتشويش على سلمية المسار وسعيا لإحداث البلبلة وخلق الفوضى".
وأفاد مراقبون مدنيون وناشطون بالهيئات الفرعية للانتخابات أن المخالفات المسجلة طيلة فترة الحملة لم تكن جسيمة أو خطيرة بحيث تؤثر على إرادة الناخبين.
وصرح فرحات بن يحمد رئيس الهيئة الفرعية بمحافظة قابس (جنوب شرق تونس) للإعلام المحلي الجمعة، أن المخالفات التي تم رصدها ذات صبغة ترتيبية  كعدم الإبلاغ أو تغيير المكان أو التعليق في غير المكان المخصص للحملة، مضيفا أنه لم يتم الاستنجاد بالقوة العامة طيلة كامل فترة الحملة.
وأعلن رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر الثلاثاء أن عدد الناخبين المسجلين للمشاركة في الاستفتاء بلغ أكثر من 9 ملايين ناخب.
وأكد بوعسكر أن محاولات اختراق المنظومة الإلكترونية لتسجيل الناخبين كانت محاولات "محدودة وفاشلة"، حسب تعبيره.
وسيتم الإعلان عن النتائج في الـ26 من يوليو، ليتم لاحقا فتح باب الطعون والنظر فيها، وبعدها تُعلن النتائج النهائية في أجل أقصاه 27 آب/ أغسطس القادم.