الحوار مع الإسلاميين في ليبيا كارثة

اعتمد الاسلاميون في ليبيا نسقا اقصائيا ومسيرة مالية وسياسية واقتصادية تعتمد الهيمنة التامة على مقدرات الدولة اليبية بحجة أسلمتها.

يرى كثير من علماء الإدارة والمختصّين بإدارة الأزمات ان اكبر سبب للإزمة هو تعارض الاهداف. فبينما كان للإسلامويين في ليبيا، هدف رئيس كما عبّر عنه رئيس جماعة الإخوان المسلمين الليبية السيد الكبتي بعد إنتصار إنتفاضة فبراير وفي لقاء وخطاب مُعلن في بنغازي يومها: "مشروعنا هو أسلمة الدولة الليبية". وعلى طريقتهم طبعاً كان ولا يزال للتيار الوطني المدني الليبي هدف رئيس وهو تأسيس دولة مدنية ديموقراطية دستورية تحترم حق المواطنة، ذات مؤسسات دولة حديثة خادمة وراعية.

بحكم سيطرة الإسلاميين على مقدرات الدولة الليبية بعد 23-10-2011 لأسباب عديدة منها الدولية ومنها الاقليمية ومنها المحلية، ثقافية وسياسية، نصبّوا دارا للإفتاء تُفتي سياسياً وإقتصادياً وثقافياً لصالح الجماعة ومشروعها وتحرّم غيرها، ووصلت إلى حد تقسيم الليبيين بين كافر ومؤمن، وطاغية وثائر، وعسكر ومدنيين، وغيرها من التقسيمات المُفتنة، كما نصّبوا انفسهم ومن والاهم على خزينة بيت مال الليبيين، المصرف المركزي الليبي، وجعلوا من الهيئة المركزية للرقابة الشرعية بالمصرف المركزي، وجلّها من الإخوان المُسلمين، رقابة شرعية إخوانية على سياسات المصرف النقدية والإقتصادية كتدخّل مؤدلج سافر على اهمّ اداة للسياسات النقدية والإقتصادية، فظهرت تسميات كثيرة تحت ظل هذا الوهم منها، المُرابحة الإسلامية، الإقتصاد الإسلامي. كما تم تمرير وإهدار الكثير من الاموال الليبية وصرفها على نشاطات الجماعة في الداخل والخارج ومنها صرف الكثير من الاموال على الحركات والجماعات الإرهابية والمُرتزقة وتقرير ديوان المُحاسبة الليبي (المُستغرب) خير دليل، والذي افاد بأن ما مجموعه 277 مليار دينار تم صرفها خلال الاعوام من 2011 وحتى 2017 (وهي الفترة التي سيطر فيها الاسلاميون على سياسات الدولة الليبية)، لم يرَ فيها الليبيين إنجازا لائقا للخدمات او التنمية، كما عبّر السيد غسّان سلامة عن هذا الامر بأنه "لا يوجد فساد في ليبيا، يوجد نهب ممُنهج"، وبأنه "في ليبيا يولد كل يوم مليونير".

مُنيّت شركات وهيئات الإستثمارات الخارجية والداخلية والبنوك المحلية وقطاع الأعمال وغيرها بكثير من الخسائر الإقتصادية والمالية تحت وهم وقرارات منع الفوائد التي اصدرها "المؤتمر الوطني" تحت شعارات وفتاوى إصلاح القوانين والتشريعات وجعلها "إسلامية". كما إن تعارف الاهداف بين التيارين المدني والإسلاموي يكمن ايضاً في ان الجماعة الليبية هي جماعة تابعة لسياسات التنظيم الدولي للإخوان المُسلمين والتي هدفها الاصلي هو تحقيق ما يسموّنها في ادبياتهم القطبية والبنّائية "دولة الخلافة الإسلامية" والتي تلتقي كثيراً مع اهداف وممارسات داعش والقاعدة وغيرها من المنظمات والجماعات الإرهابية، ويجعلها نقيضاً كاملاً فكرا واهدافاً واستراتيجية وسياسة وإدارة وممارسة ومطالب، مع التيار الليبي المدني الديموقراطي ويجعل من مبدأ الحوار مع هذه الجماعة وانصارها ونتائجها هو أزمة وطنية تحوّلت إلى كارثة إنسانية ووطنية وإقتصادية وإجتماعية وثقافية وحتى دولية. والدليل نتائج ما يسمى باتفاق الصخيرات عكس ما حدث في مصر بعد 30 يونيو 2013، حيث استعادت الدولة المصرية هويتها وسيادتها وصون وحدتها ونسيجها الإجتماعي ومؤسّساتها الوطنية وعلاقاتها الدولية المُحترمة.