لماذا ندعم الجيش الليبي بقيادة حفتر

اصحاب تمييع شكل الدولة يريدونها مائعة لهم ولمشروعهم وما يتلاءم مع مصالحهم ومشاريعهم، فلا هي الان "عسكر" ولا "مدنية".

بعد سنواتٍ من الفساد والإنقسام الإرهاب ونشر الفوضى في ليبيا، تحرّك الجيش الوطني الليبي باتجاه تمركز الجماعات الاسلاموية والتنظيمات الإرهابية في طرابلس (حيث تتمركز السلطة والمال) وما حولها، للقضاء عليها وإنهاء سيطرتها وإختطافها لمفاصل وإدارات وثروات وحتى وثائق الدولة الليبية، وكان سابقاً إن قام بذلك في بنغازي ودرنة والجنوب الليبي. التحرّر من هذه الجماعات التي تختطف المجتمعات والدول وحتى الافراد، ليس أمراً سهلاً، وهي مهمة الجيوش الوطنية مثلما فعل الجيش المصري حين استعاد الدولة بمساندة كاملة من الشعب، وذلك بإنهاء حكم جماعة الإخوان المسلمين الذين كادوا بممارساتهم وسياساتهم وإرهابهم ان يُفكّكوا المجتمع المصري ويفتنوا بين نسيجه المُتماسك وان يدمّروا الهوية الجامعة للشعب المصري العظيم وان يُدمّروا إقتصاده وعلاقاته الدولية والاقليمية ويدمّروا جيشه الوطني وامنه.

ها هو الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر يسعى لتنفيذ المهمة نفسها وتحقيق الهدف ذاته.

أطراف عربية وإقليمية مثل قطر وتركيا (وبقايا المشروع الدولي السابق للتمكين) كانت سبباً في الفتنة بين الليبيين لسنوات، بل ساندت الإرهابيين بالمال والسلاح وحتى دولياً وإعلامياً للمحافظة على وضع الفوضى داخل ليبيا وكمشروع لا تهمّه الاوطان بقدر تفتيتها ونشر الفساد والفتنة فيها. التحرر من حكم الاستبداد الاول كان مرحلة مهمة للعودة لبناء الدولة المدنية الحديثة وهي تعتبر مرحلة لا تقل تاريخية عن مرحلة معركة الحصول على الاستقلال. ليبيا عاشت حتى الان وبعد إنتفاضة شعبها في فبراير 2011 في ظل فوضى وفساد وإرهاب وفتنة تكاد تقضي على مقدراتها، ليس بسبب تلك الإنتفاضة، بل بسبب انها وقعت ولظروف اخرى تحت حكم اخر هو حكم الإرهاب وداعميه وقد حان لها أن تستعيد دولتها واستقرارها وتتخلص من الحكم الإرهابي الذي فرض سيطرته عبر أمراء الحرب وقادة الميليشيات وزعماء التنظيمات والأحزاب (الإرهابية) من خلال مرحلة إنتقالية كانت مُعظمها بتصميمهم وتخطيطهم بما فيها منع تأسيس جيش وطني حرفي موحّد يحمي الارض والحدود ويرعى بناء مؤسسات دولة مدنية حديثة من خلال عمليات إغتيلات وتصفيات وإبعاد وتشويه خيرة ضباط الجيش الليبي ومُعظمهم كانوا مُعارضين للنظام الساابق اوانشقوا عليه تضامنًا مع إنتفاضة شعبهم في فبراير 2011.

الجيش الليبي، والذي تأسّس في ظروف صعبة من ضمنها الحِصار والإرهاب، جاء لإنهاء حالة الفوضى والإنقسام، بعدما استنفد كل السبل السلمية مع هؤلاء وفي ظل رعاية اممية التي يبدو الان انها فهمت معاناة الليبيين والليبيات لسنوات واسبابها والتي طالت بعض اعراضها حتى الدول الاوروبية نفسها (الهجرة غير الشرعية والفساد والعمليات الارهابية مثل مقتل السفير الاميركي في ليبيا وكثير من العمليات الإرهابية في بريطانيا وغيرها). الأحداث الميدانية في طرابلس تشير جميعاً إلى تقدمٍ ملحوظٍ ونجاحات متتابعة للجيش الليبي بدعم من الشعب الليبي لإنجاح هذه الخطة التاريخية إي «تطهير طرابلس»، لإنقاذ ليبيا واستعادة استقرارها وفرض سيادتها على كامل ترابها الوطني كمرحلة تحرير ثالثة من خلال عملية عسكرية منظّمة لإستعادة الدولة وفرض السيادة الوطنية.

لعل بعض المواقف السياسية المعلنة التي تتحفّظ على بعض الجوانب من العملية العسكرية للجيش الوطني الليبي يمكن تفهّمها بأنها مواقف ومبادئ إنسانية عامة أعلنها الجيش الليبي نفسه قبل هذا التحرّك. لكن بعضها الآخر هو محاولة لإبقاء الوضع على ما كان عليه وإطالة أمد الأزمة تحت شعارات كاذبة مثل "لا لعسكرة الدولة" وهم اصلاً اصحاب تمييع شكل الدولة فلا هي الان "عسكر" ولا "مدنية". يريدونها مائعة لهم ولمشروعهم وما يتلاءم مع مصالحهم ومشاريعهم.

أخيراً، فالمصلحة الوطنية في تحرك الجيش الوطني الليبي هي لإنقاذ الشعب الليبي والدولة الليبية بعد نهاية كل الحلول الأخرى وفشلها على مدى ثمان سنوات عِجاف.