الحوثي.. الإرهابي المدلل

ما الذي سيخسره الحوثيون إذن إن صنفوا إرهابيين أو لم يصنفوا؟

ما قرأنا يوما قرارا سياديا متقلبا متلونا مترددا تعلنه دولة عظمى مثل القرار الأميركي الذي بشر به الرئيس الديمقراطي جو بايدن بـ "تصنيف ميليشيا الحوثي مجموعة إرهابية عالمية" إذا ما توفرت شروط تنفيذه بعد انقضاء مهلة الثلاثين يوما.

قرار قابل للإلغاء في حيثيات صياغته، لم تكن إدارة البيت الأبيض راغبة في الإعلان عنه لولا المساس بهيبتها أمام الرأي العام العالمي، وجمهورها الحائر فيما يراه من ضعف في مواجهة فئة متمردة في بقعة جغرافية متناهية في الصغر عابثة بالأمن العالمي في أهم ممر مائي يربط بين قارات العالم، لم تخش تحالفا دوليا تقوده الولايات المتحدة، لم تأبه بأي تحذير أو تهديد، ابتلعت الضربات "التأديبية" وصرفتها في قنوات الاستهلاك الزائد.

قرار صاغته الخارجية الأميركية في بيان يثير العجب، يفرغ القرار من محتواه، يبدو أن من صاغه لا يفقه في تشريع قرار سيادي تعتمده دولة عظمى تقود قاطرة العالم، كشف عن تردد أو تلكؤ أو تعاطف غير معلن مع "إرهابي مدلل" لا يقبل الترويض، يرفض الكف عن عبثه، لا تنفع معه لا العصا ولا الجزرة.

قرار أميركي في بيان "دبلوماسي" مرن يترجى جماعة الحوثي لإيقاف هجماتهم في البحر الأحمر وخليج عدن مقابل إعادة النظر في تصنيفهم كـ "إرهابيين"، علما أن التصنيف لم يدخل حيز التنفيذ، بما يعني أن الحوثيين ما زالوا "دعاة سلام" في تصنيف إدارة جو بايدن رغم قرصنة الملاحة البحرية والاستهتار بالعقيدة العسكرية الأميركية، ومازال أمامهم الوقت الكافي لإثبات "نوايا السلام".

البيت الأبيض يبيت نية الإنقلاب على قراره السيادي "النسبي" ويطمئن الحوثيين في بيانه: "هذا التصنيف -مجموعة إرهابية عالمية- يسعى إلى تعزيز المحاسبة على الأنشطة الإرهابية، وإذا أوقف الحوثيون هجماتهم في البحر الأحمر وخليج عدن فستعيد الولايات المتحدة هذا التصنيف".

القرار حتى في حالة تنفيذه لن يفرض حصارا على المناطق التي يحكمها الحوثيون فالمطارات والموانئ والاتصالات والانسيابية التجارية والتحويلات المالية ستبقى مفتوحة دون رقابة بموجب تراخيص تصدرها وزارة الخزانة الأميركية.

الحوثي المتمرد منذ عهد أوباما - بايدن، بعث قدرته في تقطيع أوصال اليمن وسلم مفاتيح باب المندب لـ "ولاية الفقيه"، أدرك سر بقائه وراء الصمت الأميركي المستثمر لوجوده في ظل صراع عالمي يتنامى بلا توقف.

ما الذي سيخسره الحوثيون إذن إن صنفوا إرهابيين أو لم يصنفوا؟                        

إذا ما كان الهدف الأميركي إبعادهم عن إيران، فالقطيع لا يعيش إلا في حضيرة راعيه، والبيت ألأبيض يتحاشى الاقتراب من حضيرة الراعي الذي يحرك قطيعه كما يشاء.