الخيار بين احترام أسس الفيدرالية الديمقراطية والوحدة الوطنية وبين الدفع بأسباب الانفصال

تحولت ممارسات الحكومة الفيدرالية بحق إقليم كردستان إلى ما يشبه العرف السياسي القائم على انتهاك الحقوق.

السلطات الاتحادية العراقية لا ولم تلتزم بالدستور ولا تتقيد بما يفرضه النظام الفيدرالي الذي تم اختياره كنظام حكم في العراق وتثبيته في الدستور العراقي ومن ثم تم التصويت عليه من قبل الشعب.

هذا النظام الذي خول لاقليم كردستان نظام مستقل (سلطة تشريعية، وتنفيذية، قضائية مستقلة ولها حق السيادة على حدودها الطبيعية) وهذا يعني تحديد السلطات الحصرية في العراق الاتحادي وترك ما تبقى لاقليم كردستان اضافة الى بعض السلطات المشتركة بين بغداد واربيل ولكن كلمة الفصل فيها عند النزاعات ستكون للإقليم حسب المادة 115 من الدستور العراقي.

ومن اهم الامور الاساسية والرئيسية والتي تخلق مشاكل مستمرة بين بغداد واربيل هي التي تتعلق بتوزيع الثروات الوطنية وتنظيم الموازنة العامة لانها تقع ضمن اختصاص الحكومة الاتحادية.

في الحقيقة ملكية وإدارة الحقول النفطية الحالية وكذلك توزيع عائداتها تمت معالجتها دستوريا في المادتين 111 و112 بموافقة اقليم كردستان وذلك من اجل توزيع عائدات الواردات على الشعب العراقي بشكل منصف وهذا يؤكد مدى حرص الاقليم على دخل المواطن في جميع محافظات العراق وبث شعور الطمأنينة.

في الواقع موافقة إقليم كردستان على تقسيم الدخل القومي العراقي بين الأقاليم بما في ذلك دخل البترول ولكن حسب تعداد السكان فضلا عن ما يتسببه انتاج البترول من مشاكل وتأثيراتها على البيئة المحلية، فان لم يأخذ ذلك بنظر الاعتبار وثم تم التعامل مع مواد الدستور سياسيا فبالتأكيد سنشاهد استياء ورفض من الإقليم وأي اقليم اخر مستقبلا حتى غير المنتج للبترول في حال التقصير في دخل البترول.

وما نراه في البرلمان العراقي منذ تأسيسه هو تجسيد للمصالح الحزبية والفئوية في تشريع القوانين خاصة عندما يكون التوقيت قبل الانتخابات محاولين الكسب على حساب مناطق اخرى مما يفقد العدالة محتواها الذي اكد عليه الدستور.

فترى بعض الاحزاب والاطراف يتحججون على ان مناطقهم او محافظاتهم تعاني من سوء الخدمات والتنمية مقارنين ذلك لا بالمحافظات الاخرى بل بالاقليم ويحملونه عبئ فشلهم وتقصيرهم الإداري والفساد المستشري في تلك المناطق رغم معرفتهم المسبقة بمدى معاناة الإقليم مع الحكومة الاتحادية في قطع الميزانية تارة وتأخيرها في فترات إستحقاقها تارةً اخرى، والإشكالية الكبيرة هنا ان هؤلاء الفاشلين في إدارة مناطقهم هم الأغلبية في البرلمان العراقي مما يصعب على إقليم كردستان كسب المفروض لجماهير الاقليم.

وما يحصل اليوم في موضوع الموازنة لا يختلف اثنان على انه مؤامرة ضد الإقليم فاستمرار هذه الظاهرة العدائية لاتفاقات سياسية بين اطراف ذات مصالح لا يمكن ان يخرج خارج إطار المؤامرة، وتاريخ الكرد حافل بالمؤامرات عليهم لذا اجزم ان سياسة بغداد لا ولم تغيير من شوفينيتها واصرارها على الاجحاف بحق الشعب الكردي.

وضمن المعطيات الاقليمية وحتى الدولية لا تبشر على المدى القريب بالاعتراف الحقيقي والواقعي على حقوق الشعب الكردي لذا ادعو حكومة الإقليم الى:

1- تعزيز سعيها في بغداد للإسراع في مناقشة قانون النفط والغاز العراقي لرسم ملامح إدارة الثروة النفطية وإدارة عائداتها بالشكل الذي يحقق العدالة.

2- تعزيز تشكيل السياسات الاقتصادية التي تحقق مطالب وخدمات الاقليم لتعم الفائدة على دخل المواطن الكردستاني.

3- استغلال المصادر المحلية لزيادة الدخل المستقل للاقليم واذلال اي مواقف مجحفة صادرة من الحكومة الاتحادية عليها.

4- قياس معدل النمو الاقتصادي ودخل الفرد فضلا عن القدرة الشرائية والبطالة… الخ لمعرفة مستوى معيشة المواطنين في الإقليم وذلك لتمكين المؤسسات المسؤولة في اتخاذ قرارات مدروسة لعمل الازم.

5- بذل الجهود في اتمام مسودة مشروع دستور الاقليم لمناقشته سياسيا واعلاميا ومن ثم للتصويت البرلماني والشعبي.

وأخيرا وليس اخرا.. الى الحكومة الاتحادية والذين وقفوا وانتقدوا الاستفتاء نقول: كما هناك أسس لتكريس الوحدة الوطنية في الدول الفيدرالية الديموقراطية كذلك هناك اسباب تشجع على الانفصال الأمر الذي يتطلب منكم تعزيز الأسس وإضعاف الأسباب.