الدولة الوطنية الليبية الثانية

الوضع الحالي لا يمكن ان يستمر ومن الضروري ان يأخذ الشعب الليبي زمام الأمور من السياسيين المتعاركين.
العراك الليبي غذته ايديولوجيات لا تؤمن بالدولة الوطنية ولا هوياتها
لماذا لا نتجاوز كل هذه المتناقضات والسلبيات ونلتفت إلى ما يجمعنا

في ظل ما تمرّ به ليبيا اليوم من أزمات متكرّرة في مشهد وعراك لفظي وحتى دموي يراه كل العالم الذي لا يزل يصرّ على الاقل في ادبياته ان ليبيا يجب ان تبقى موحدّة رغم ان بعض السياسات والمشاريع الدولية القديمة الجديدة، قد ساهمت في تفاقم هذا الامر بشكل او بأخر. طبعاً تمّ هذا في ظل المشهد الإنتقالي خلال السنوات التسع الماضية والذي لم يؤدّ حتى الان لأي توافق شرعي بين الليبيين ولا حتى إنجازي ما عدا زيادة الوعي الشعبي بضرورة وجود مؤسّسات وطنية ليبية قادرة على حماية الأمن والقانون والحدود ومُحاربة الإرهاب والفساد بكل أشكاله وهو الامر الذي حاربه من تسلّطوا على مقدرات البلاد وتغلغلوا في مفاصلها بعد إنتفاضة فبراير.

كثيرون يؤمنون اليوم ان هذا العراك قد غّذّته ايديولوجيات لا تؤمن بالدولة الوطنية ولا هوياتها ولا تاريخ تأسيسها ونضالاتها في ادبياتها ومشاريعها، وكذلك قرابة خمسة عقود من انواع الأدلجة والشعارات الاخرى التي دمّرت مكتسبات الدولة الوطنية الاولى (المملكة الليبية 1951-1969). وطالما نحن بقية الليبيين الذين يؤمنون بضرورة وجود وتأسيس الدولة الوطنية الواحدة، لماذا لا نتجاوز كل هذه المتناقضات والسلبيات ونلتفت إلى ما جمعنا يوماً من جديد لصياغة مبادىء الدولة الوطنية الثانية على غرار ما حدث في كثير من الدول والمجتمعات.

فرنسا مثلاً والتي مرّت خلال تاريخها بكثير ممّا نمر به اليوم وتم إعادة البناء خلال زمن قريب تحت شعار بناء "الجمهورية الخامسة"، وكذلك دولة تونس اليوم والتي يبدو انها في محاولة السعي وعلى اعتاب تأسيس الجمهورية الثالثة (الاولى بورقيبية والثانية جمهورية زين العابدين والثالثة جمهورية ما بعد إنتفاضة الياسمين ومحاولات سيطرة جماعات الإسلام السياسي عليها)، مع محاولات تجنّب كوارث ونكبات المرحلة الإنتقالية الليبية السابقة وظلمها والأخذ بإيجابياتها إن وُجدت تحت عنوان ومشروع بناء وتأسيس الدولة الوطنية الليبية الثانية.