الربيعي ومعن يقدمان رؤيتهما التحليلية في الإعلام والمنظومة الأمنية

"الإعلام الأمني" يعد موضوعا حديث العهد، وكانت هناك خشية لدى كثيرين من تناول هكذا موضوعات بهذه التسمية.
الكتاب تضمن ثلاثة فصول سلط فيها الباحثان الضوء فيها على أهمية الإعلام الأمني والأساليب التي ينتهجها المسؤولون في العراق
الكتاب يشرح كيفية التصدي لظاهرة الإرهاب والمخدرات والانحراف المجتمعي من خلال وسائل الإعلام

يعد كتاب "الإعلام والمنظومة الأمنيـة.. رؤية تحليلية في الإعلام الأمني التخصصي" الذي أعده الباحثان المتخصصان المبدعان في شؤون الإعلام، ومن لديهما خبرات متراكمة في الإعلام الأمني، وهما الدكتور أكرم الربيعي واللواء الدكتور سعد معن، مدير العلاقات والإعلام في وزارة الداخلية والناطق باسم قيادة عمليات بغداد منذ سنوات، من أفضل الكتب التي صدرت حديثا، وراحت تغزو دور النشر العربية ومراكز بحوثها، كون البحث يشكل إضافة نوعية متقدمة حفلت بها المكتبة العراقية والعربية، ومن يسعون إلى ولوج مناهج الإعلام الأمني، حيث افتقرت مؤلفات أساتذة الإعلام وطلبة الدراسات العليا في الإعلام لهكذا موضوعات منذ فترة طويلة.
وربما يعد هذا العلم "الإعلام الأمني" موضوعا حديث العهد، وكانت هناك خشية لدى كثيرين من تناول هكذا موضوعات بهذه التسمية، حتى لا يقال إن هناك جهات أمنية دفعتهم لكتابة موضوع خطير من هذا النوع، ومن يحتسب على أجهزة الأمن قبل سنوات، يواجه نظرة تبدو وكأنها "متوجسة" وليست مريحة أو لنقل ليست إيجابية، ويبقى عملها في إطار من السرية، بحجة الحفاظ على الطابع الأمني للعمل الاعلامي الأمني!
الكتاب موضوع الصلة "الإعــلام والمنظومة الأمنيـة.. رؤية تحليلية في الإعلام الأمني التخصصي" جديد في الموضوعات التي تناولها، وكان اختيارهما لعنوان الكتاب ولفصول البحث الثلاثة موفقين، وربما عانى الباحثان من ندرة المصادر التي تناولت موضوعات بحثهما، وما كتب في هذا المجال على قلته، كان ربما في مصر أولا ، وليس في العراق وقبل سنوات طوال، إذ يجد أي باحث صعوبة بالغة في تناول موضوع يخص الاعلام الأمني، كونه كما ذكرت يثير مخاوف وهواجس، ويحاول من يقترب منه وكأنه يبحر في بحر مترامي الأطراف، يرهب من يحاول ان يركب سفنه، لكن الباحثين الكفوئين أصرا على دخول ميادينه، وما يشفع لهما أنهما كانا قريبين من هذا الإختصاص، أو لديهما خبرات ذاتية، من خلال تكليفات خاصة ضمن محاضرات في دورات سابقة، لكنها لم ترتق إلى إعداد بحث أكاديمي إعلامي يتناول موضوعة "الإعلام والأمن"، والعلاقة بينهما، وقد أبدعا في عرضهم لموضوعات الكتاب، حتى عده باحثون فتحا جرئيا وضع أولى لبنات لتأسيس ثقافة "الإعلام الأمني" موضع التنظير والبحث المتخصص، وقد نجحا في تلك المهمة، ووفقا في هذا العمل، حتى غزا مؤلفها المكتبة العربية في منطقة الخليج ولبنان ومصر والمغرب العربي وراحت كثير من دور النشر العربية، تعرض هذا الكتاب وتدخله كليات ومراكز إعلامية ضمن اهتماماتها!
وقد حاول الباحثان الاجابة عن مجمل أسئلة وضعوها، لفصول البحث وتوزعت محاور الأسئلة كالتالي: علاقة الأمن بالإعلام، دور الإعلام في بناء منظومة الأمن الاجتماعي، الأمن الإعلامي  وعلاقته بالأمن الاجتماعي، الأمن الإعلامي النفسي وأهمية التوعية من الإنحراف الفكري، كيفية التصدي لظاهرة الإرهاب والمخدرات والانحراف المجتمعي من خلال وسائل الإعلام.
وقد تضمن الكتاب ثلاثة فصول سلط فيها الباحثان الضوء فيها على أهمية الإعلام الأمني والأساليب التي ينتهجها المسؤولون عن الإعلام الأمني في العراق، وتشخيص مدى كفاءته وإمكانية تطويره بما يحقق منظومة أمنية سليمة تحمي المواطن.

الكتاب يعد مرجعا مهما للباحثين وطلبة الدرسات العليا في دراساتهم المستقبلية التي ينبغي إيلاؤها الأهمية والاهتمام الأكبر والخوض في تفاصيل أخرى، تحاول تحديث معلومات هذا الكتاب

ومن وجهة خبراء الإعلام يعد الأمن والإعلام بعدين لمحورين أساسيين يلتقيان على هدف واحد ألا وهو مصلحة المواطن رغم اختلافهما في وجهات نظرهما، فالإعلام يركز على حق الشعب في الإطلاع والمعرفة، ورجل الأمن يركز على حفظ الامن والسلم الاجتماعي وسلامة المواطن، وكيفية خوض ميادين عمليات الاتصال والحرب النفسية والاهتمام بموضوعة الرأي العام، والبحث عن سبل لتوطيد أواصر العلاقة بين الأمن والصحفيين وعموم الإعلاميين.
وفي الفصل الثاني من الكتاب تناول الباحثان المنظومة الأمنية وتحديد ماهية ثقافة المجتمع وكيفية تشجيعه على حب النظام والانضباط والالتزام بثقافة القانون والحفاظ على المال العام لتحقيق الأمن العام. وتناول مظاهر الانحراف السلوكي في قطاعات الشباب، بعد أن بات العراق الآن يعاني منها مشكلة تفشي المخدرات بين صفوف بعض الشباب. وأهمية وضع أطر علمية وعملية ميسرة لمكافحة هذه المشكلة الكبيرة التي باتت تهدد السلم المجتمعي بأضرار بالغة، والآن تعد قضية الأمن الإلكتروني مادة جديدة تهدد الأمن المجتمعي، بعد أن تم تحريف مضامينها عبر وسائل الاتصال الحالية كالإنترنت التي غزت الساحة، وراحت تشكل مصدر تهديد تتطلب خبرات واسعة في كبح جماح من يخوضون غمار ولوج ميادين الجريمة، بكل أنواعها، عبر تلك الوسائل الالكترونية ، وهم بهذه الممارسات أصبحوا فعليا يهددون الأمن المجتمعي في عقر داره.
وتناول الفصل الثالث من الكتاب واقع الخطاب الإعلامي الأمني في العراق، وقام المؤلفان بإجراء مسح ميداني على عينة البحث، المكونة من مئة فرد، احتوت على 21 سؤالاً توزعت بين المعلومات الديموغرافية والخطاب الإعلامي الأمني وأساليبه وطرقه، وأسفرت إحدى نتائجه عن أن الخطاب الأمني الإعلامي أسهم الى حد ما في تحسين العلاقة بين الجمهور والأجهزة الأمنية، بالرغم من أن النتيجة الأخرى التي ظهرت ضمن عينة البحث تشير إلى أن 80 % من عينة البحث كانوا يؤكدون على وجود قصور في الدور الذي يقوم به الإعلام الأمني والمؤسسات الإعلامية ذات الطابع الأمني في تعزيز الأمن.
ونود أن نؤكد مجددا، كخبراء إعلام لفترة تجاوزت الـ 45 عاما، بأن هذا الكتاب "الإعــلام والمنظومة الأمنيـة.. رؤية تحليلية في الإعلام الأمني التخصصي" يعد فعلا باكورة المؤلفات الاعلامية التي تتحدث عن موضوع الاعلام الأمني في العراق، والكتاب يعد مرجعا مهما للباحثين وطلبة الدرسات العليا في دراساتهم المستقبلية التي ينبغي إيلاؤها الأهمية والاهتمام الأكبر والخوض في تفاصيل أخرى، تحاول تحديث معلومات هذا الكتاب، بما يرفد المكتبة العراقية بعامة والجهات الأمنية التي لديها صلة بالعمل الإعلامي بخاصة، ليكون لديها إطار نظري يسهل على منتسبيها وكوادرها ولوج هذا الميدان الحيوي والاستراتيجي من علوم الإعلام والاتصال والعمل الأمني!