السايبورغ .. شخصيات رقمية قادمة

السايبورغ هو تلك الشخصية الآدمية المتكونة من جزئين: الأول جزء حيوي والآخر جزء آلي.
كل الثورات العلمية مثل كانت ثورات مرحلة، ما عدا الثورة المعلوماتية فهي ثورة مستقبل لا مرحلة
نحن نشكل أدواتنا وبعد ذلك أدواتنا تشكلنا

منذ تلك اللحظة التي هيمن فيها الحاسب الإلكتروني على جميع المجالات العلمية والثقافية والفنية، والخطى متسارعة نحو تنشيط وتطوير علاقة الإنسان بهذا الحاسب العملاق بسلطته الكبيرة والضئيل بحجمه، بل أصبح البعض يصفه بأنه "بيتنا الثاني" بل أكثر أهمية من بيتنا السكني الأول لأننا نحمله – أي الحاسوب (الموبايل) – معنا أينما نذهب أو نكون، من هنا تعقدت هذه العلاقة واتسمت أحيانا بالخطورة والرعب والقلق، إذا لم يكن العقل الإنساني قد تشبث بنفوذه على العقل الإلكتروني الذي يحمله بين يديه، وإلا ستكون النتائج ذات عواقب وخيمة على الأول وانتصارا ساحقا للثاني. 
تتوقف هذه المقالة عند محطة واحدة من محطات هذه العلاقة التي أصبحت بمثابة قلق وتوجس مبعثه من الخبراء والمهتمين تجاه توقعاتهم واكتشافاتهم الإلكترونية الرقمية التي أثبتتها الابتكارات الحاسوبية لعدد كبير من البرامجيات والعوالم الافتراضية والشخصيات المرقمنة الإذاعية منها والتلفازية وصولا إلى الشخصيات السينمية الفيلمية، محققة لنا هذه الابتكارات أبطالا دراميين جددا أطلقت عليهم مصطلحا جديدا هو السايبورغ أو (ما بعد الإنسان) بمعنى أنها شخصيات تجاوزت مفهوم الإنسان التقليدي لتصل إلى مفهموم جديد ومعاصر يساير هذه التقانة الرقمية، بل ويمتزج معها لدرجة التحدي الإلكتروني بين ما هو مادي وما هو فوق المادي.
إذا .. السايبورغ هو تلك الشخصية الآدمية المتكونة من جزئين: الأول جزء حيوي والآخر جزء آلي، وأن هذه الشخصية لديها قدرات خاصة ليطرح البحث تساؤله بحسب الآتي: هل يوجد بالفعل أشخاص بهذه المواصفات الآن .. أو مستقبلا؟ 
كلنا سايبورغيون .. شئنا أم ابينا .. هكذا يؤكد الخبراء والمهتمون. وذلك بسبب تعلقنا وتواصلنا بالتقنية الرقمية معها ومع كل جديد يظهر عبرها ومنها. فإذا لم نكن اليوم، فمستقبلا كلنا مشروع سايبورغ بامتياز بحسب تجليات الواقع واستنباطاته العلمية. بل إن البعض يرى ومنهم مؤسس الذكاء الاصطناعي مارفين منسكي من معهد ماساشوستس للتكنولوجيا يرى "أن هؤلاء الناس المعدلين قد يمثلون المرحلة التالية من مراحل التطور البشري، وبذلك سنكون قد حققنا خلودا حقيقيا عن طريق استبدال الفولاذ والسليكون بالجلد". 

عملية نقل العقل الإنساني إلى جهاز الحاسوب باستخدام التكنولوجيا، والذي سينتج عنه مرحلة ما بعد الإنسان، ستكون من البديهيات المستقبلية

توسعت الرقمية لتشمل مجالات واسعة من العلوم والفنون والثقافات، إلى جانب التعاملات والعلاقات العامة والخاصة التجارية منها والسياسية والاجتماعية، بل نكاد نجزم أن هذه الرقمية الإلكترونية قد هيمنت على مختلف الأمور الحياتية بامتياز، لدرجة أننا لا يمكن تصور حياة ما، بدون هذه الرقمية، بل أن مجتمعا ما، لا يحتاج إلى التعامل الرقمي اليوم، يعد مجتمعا تقليديا يقطن في مراحل متأخرة من الزمن، وينبغي تنبيهه وقرع جرس الإنذار وسط أهله وناسه وفضائه. 
هذه الرقمية لا يمكن أن تتنفس أو تكون ديناميكية حية، إلا تحت فضاء الشبكة العنكبوتية العالمية، أي الإنترنت، وكان كثير من المهتمين والمحللين قد تنبأ بهذه الثورة الرقمية منذ زمن طويل، بل عدّها مرحلة مهمة وعملاقة من مراحل التطور البشري والصناعي ومنهم ريمي ريفيل بقوله: "فإذا ما صدقنا العديد من المحللين فسنكون يومها شاهدين وفاعلين لثورة صناعية ثالثة مرتبطة بتنمية تكنولوجيا الإعلام والتواصل، بعد ثورة صناعية أولى ارتكزت على تطور الآلة البخارية وسكة الحديد، ثم ثورة ثانية اعتمدت على استغلال الكهرباء والبترول. وحاليا تدخل المجتمعات الغربية في مرحلة ثالثة بفضل الإلكترونيات والإعلاميات والإنترنت". 
وعن الثورات الثلاث (الزراعية والصناعية والرقمية) يؤكد المؤرخ الفرنسي كارون "أن تلك الثورات الثلاث مختلفة جدا بصورة مبدئية، لكن لديها سمات مشتركة، ففي كل مرة نلاحظ ظهور شبكات موسعة (سكة حديد، والكهرباء، والإنترنت) مع ظهور شخصيات مبتكرة (جيمس وات وآلته البخارية، توماس إديسون وإمبراطوريته الصناعية، بيل غيتس مع ميكروسوفت). ولقد أشار انطوان بطرس في كتابه "الثورات العلمية العظمى في القرن العشرين" إلى أن كل الثورات العلمية مثل: (ميكانيكا الكم والنظرية النسبية ونظرية الانفجار الكبير والثورة الصناعية) كانت ثورات مرحلة، ما عدا (الثورة المعلوماتية)، هي ثورة مستقبل لا مرحلة، إلى جانب ثورة الاتصالات والذكاء الصطناعي. 
ومن أجل خدمة الإنسانية فيما تقدم، والإنسانية الجديدة ..." يبدو العديد من الخطابات الطوباوية اليوم حول العوالم الافتراضية الجديدة التي تظهر في الافق أو حول القدرات المعرفية الجديدة لإمكانية الزيادة في طول عمر الإنسان"، وهذا مؤشر أولي يظهر لنا في أن التحكم الإلكتروني وتجاوزه للذكاء الآدمي قادم لا محال برغم أن المنظور العربي والثقافة العربية قد لا تتفاعل اليوم مع مثل هذه التوقعات لأن الإنترنت وبحسب ما يرى نبيل علي: "تمثل بالنسبة لنا نحن العرب تحديا ثقافيا قاسيا على الجبهات جميعا، سواء فيما يخص مضمون رسائلنا الثقافية، وقيمة تراثنا عالميا، ... أصبحنا مهددين في ظل ثقافة الإنترنت بفجوة لغوية تفصل بين العربية ولغات العالم المتقدم، تنظيرا وتعليما واستخداما وتوثيقا، مثلما نحن مهددون بضمور شديد في إنتاجنا الإعلامي والسينمائي وإبداعنا الفني، ومهددون أيضا بسلب تراثنا من فنون شعبية وأغان ومقامات موسيقية وأزياء وطرز معمارية". 
لكن هذا التهديد لم يتخذ مسارا سلبيا بحسب ما يرى الباحث، بل أنه كان دافعا ثقافيا وموقفا عربيا موضوعيا هيمن على العقل العربي بعد تجاوزه لوجهات نظر أثبتت فشلها مثل، إن الإنترنت لدى العرب وسيلة للدردشة فحسب، في حين أنه وسيلة علمية وثقافية لدى الغرب، بل في أصل إنشائه وأهدافه بعد اجتياز الهدف العسكري كما هو معروف. فراح العقل العربي ينحت مصطلحاته ومفاهيمه مقتبسا مرة ومتأثرا مرات أخر، بما أثبتت شبكة الإنترنت علميتها وثقافتها العالمية، فظهرت لنا عربيا: (الثقافة الرقمية) بتنوع تخصصاتها الأدبية والفنية مثل (القصيدة الرقمية والرواية الرقمية والمسرح الرقمي واللوحة التشكيلية الرقمية والسينما الرقمية والموسيقى الرقمية) وغيرها من الفنون والآداب الأخرى، تلك التي أفادت من هذه الرقمية واستثمرتها في تفعيل آفاق ومديات إبداعها وجمالياتها الفكرية والشكلية والفلسفية.  
لم يكتف الإنسان بهذا الاستثمار بل جنح نحو آفاق أوسع وأرحب، تلك التي آمن بها من علاقة تلاقحية بين عقل الإنسان والحاسوب الرقمي إيمانا بهذا الذكاء الاصطناعي القادم. ويورد نبيل علي قوله: "لقد استقر المقام أخيرا بظاهرة الذكاء تحت المجهر المعلوماتي الوراثي إيذانا بانتهاء احتكار الإنسان لملكة الذكاء، وبالكشف عن طيف متصل يجمع بين ذكاء الإنسان والآلات والنظم والحيوانات والفيروسات والخلايا وغيرها من الكائنات، ليبرز السؤال: كيف يتعايش إنسان عصر المعلومات مع عالمه، محاطا بكل هذا الذكاء من حوله؟: قرى ذكية، وشوارع ذكية، ومنازل ذكية، ومصاعد ذكية وأدوات مطبخ ذكية بل دورات مياه ذكية هي الأخرى. إنها التعاضدية بين الإنسان وآلته وذكائها، مزيج مثير للقاء الطبيعي والصناعي، يصعب التكهن بما سيؤول إليه حتى على المدى القريب." ومثل هذه التكهنات فتحت الباب البحثي أمامنا للغور فيها لأنها جاءت بثمارها فعلا وكما سنرى من خلال هذه الدراسة. 

ولتأكيد مثل هذه الأفكار، يرى ال غور بأن: "جميع أجهزة الحاسوب العملاقة والبرمجيات قيد الاستخدام هي من تصميم بني البشر، ولكن كما قال مارشال ماكلوهان ذات مرة: (نحن نشكل أدواتنا وبعد ذلك أدواتنا تشكلنا). بما أن شبكة الانترنت العالمية ومليارات الأجهزة والآلات الذكية المرتبطة بها – العقل العالمي – ثمثل ما يمكن اعتباره، من دون أدنى شك، الأداة الأكثر نفوذا على الإطلاق بين كل الأدوات التي استخدمها بنو البشر حتى الآن، فلا عجب أن تبدأ بإعادة تشكيل الطريقة التي نفكر بها سواء بالأمور التافهة أو الجدية – بشكل شامل وفي كل مكان". 
مما تقدم نرى، انغماس العقل العربي وتفاعله العلمي والثقافي والفني مع هذا الوافد الجديد، بوصفه حقلا معلوماتيا، يمكن الإفادة منه واللحاق بمنجزاته واستحداثاته المتسارعة بقوة صاروخية سوبرمانية، بهدف التواصلية وتحقيق ما يمكن تحقيقه، والكشف عنه عبر مجمل هذه التصورات والفرضيات المستقبيلة الجديدة التي تحقق قسما منها، والقسم الآخر لما يزل ينتظر إنجازه في بوتقة التطبيق بعد إخراجه من بوتقة التنظير. 
 فما هو السايبورغ؟ 
بحسب تعريف ميشيو كاكو، فان السايبورغ هو: "كائن حي افتراضي معدل للحياة في بيئة معادية أو غير ملائمة، عن طريق استبدال بعض أعضائه بأعضاء صناعية، واللفظ صاغه  مانفريد كلاينز من الكلمتين: Cybernetic organism   وتعني حرفيا كائن حي أو مختلط مهجن من الآلة والأعضاء الحية".  
أما دونا هاراوي فقد عرفته كالآتي: "السايبرورغ هو كائن سايبرنيتيكي (معرفي) هجين من الآلة والكائن الحي، مخلوق من الواقع الاجتماعي ومن الخيال أيضًا. فالواقع الاجتماعي هو العلاقات الاجتماعية المعاشة، وهياكلنا السياسية الأكثر أهمية كما أنه خيال العالم المتغير. هيكلت الحركات النسوية الكونية الخبرة النسوية، فضلا عن أنها كشفت أو ربما اكتشفت هذا الكائن الجمعي العصيب. كانت هذه الخبرة مزيجًا من الحقيقة والخيال من ذلك النوع الأكثر سياسية وتحديدا. فالتحرر يتكئ على تركيب الوعي، وعلى الإدراك الخيالي للاضطهاد والقهر وعلى الإمكانية أيضا. 
و"السايبورغ" هو قضية تخييل وخبرة معاشة غيرت ما يعرف بالخبرة النسوية في نهايات القرن العشرين. إنه صراع مع الموت والحياة، ولكن الحدود بين الخيال العلمي والواقع الاجتماعي لا تعدو كونها وهما بصريا. يحفل الخيال العلمي بمخلوقات سايبورغية: آلة وحيوان في الوقت ذاته، تحتل عوالم طبيعية أو مركبة بحرفية اصطناعية ولكنها غامضة في كلتا الحالتين. ويحفل (الطب الحديث) بالسايبورغ، والمزاوجة بين الكائن الحي والآلة ـ حيث يُدرك كلا منهما بوصفه أداة مرمزة ـ حميمية وذات سلطة لم تتولد قط في تاريخ النشاط الجنسي (مقتطفات من بيان السايبورغ لدونا هاراوي، عن أماني أبو رحمة، موقع الاكاديمية الإلكتروني).
أما شاكر عبدالحميد  فيرى في السايبورغ بأنه ذلك الذي يظهر ويتجلى لنا "من خلال المزج بين الأدوات أو الحيل الجراحية التوقيعية. والأدوية والعقاقير والنحت الخاص بالجسد، على هيئة تسمى الآن السايبورغ، وهو الكائن الهجين المتحرر من النوع أو الجنس (ذكر/ أنثى) هو سلالة مدجنة بيلوجيا وميكانيكية، إنسان وآلة في الوقت نفسه، ولم يعد بيته هو المنزل الذي نعرفه." 
ويضيف عبدالحميد  قوله: "يتعلق السايبورج كما قالت دونا هرواي بالتحيز والتهكم والحميمية والانحراف، إنه معارض يوتوبي ويفتقر مطلقا إلى البراءة، لم يعد يقوم على أساس تلك الثنائية الخاصة بالخاص والعام. إنه مدينة تكنولوجية تقوم على أساس ثورة في العلاقات الاجتماعية، وهكذا فإن الطبيعة والثقافة يعاد العمل عليهما وتشكيلهما من جديد الآن. وقد ظهرت تلك الكائنات المخلقة التي تجمع بين الإنسان والآلة في السينما والعمارة والفن التشكيلي .. الخ، هناك تاريخ مهم سابق للسيبورغ يتمثل في تلك الحالات الأسطورية القديمة التي حدث فيها مزج بين الإنسان والحيوان ووصولا إلى السيريالية الحديثة بتصوراتها الخيالية." كما ويرتأي عبدالحميد تسميته  بـ "الجسد الافتراضي": "وهو تلك القدرة الخيالية لوضع الاستخدامات البديلة للجسد في الحسبان. وكذلك قدرة هذا الجسد على تصور وجود منظور مختلف يستطيع من خلاله أن يلاحظ موقفا معينا."  

Cyborg
مرحلة ما بعد الإنسان

يرتأي بعض الباحثين والمختصين إطلاق تسمية "ما بعد الإنسان" على "السايبورغ" بوصفه يشكل مرحلة جديدة فعلا قادمة تنبوئية، سندهم في ذلك محاولات تاريخية سابقة تجلت في الطب وعلم التشريح وتحديدا عند شخصية مشهورة مثل فيكتور فرانكشتاين الذي ظهر في كتاب عنوانه "فرانكشتاين" لـ ماري شيلي 1817، وأنتج أيضا فيلما سينمائيا ذاع صيته وإلى اليوم، هذا التشبيه بين فرانكشتاين والسايبورغ أكده الكثير بوصف ذلك من مهادات مرحلة ما بعد الإنسانية، وهي المرحلة التي استهلكت فيها الفكرة التقليدية عن الإنسان، ولأن المظاهر الأكثر ظهورا اليوم هو المسخ الرقمي بحسب إشارة  ريفيل الذي يضيف بان: "التكنولوجيا الرقمية لها تأثير على الثقافة، باعتبارها هنا جهازا للقيم والتمثيلات، ومجموعة من الإنتاجات والممارسات الثقافية والفنية التي تصف مجتمعا معينا. هكذا سيكون مطلوبا منا دوريا إثارة مختلف أشكال الابتكار والإنتاج الثقافي كالسينما والتصوير والكتاب والموسيقى والفنون"، مثل هذه الشخصيات يمكن عدها شرخا رقميا فرض هيمنته على عالم التقنيات المعاصرة باثا وعوده وتحدياته المستقبلية المتجلية في طروحات العلماء من التقنيين وفقا لخبراتهم وتصوراتهم للإنسان اليوم وفي مراحل ما بعدية قادمة. 
وتأكيدا على ما تقدم،  لفكرة شطر الإنسان / المسخ "فرانكشتاين" نصفه بشرا والآخر مسخا، أشار ساندرز إلى تطرق الروائي الفرنسي ادغار الن بو في الكثير من قصصه ورواياته إلى شخصيات مهمشة ومسحوقة اجتماعيا وهم لا حياة لهم، ويحاولون استرداد نصفها على الأقل، ففي واحدة من قصصه بعنوان "الرجل الذي نفق: حكاية حملة الراحلين بوغابو وكيكابو" التي نشرها عام 1839، يسرد فيها قصة ذلك القائد الذي تمزق إربا في إحدى المعارك فراح يعيد بناء نفسه جزءا فجزءا وذراعا بعد ذراع منتهيا بالعينين والأذنين وأصابع القدمين والأسنان واللسان حتى يقف كاملا أمام الراوي، هذه الشخصية التي تشبه "روبوت" أراد بها بو الخروج من التقليد إلى التغريب وطرح تساؤلات منها: فماذا سيكون شكل الناس في النهاية؟ وما الذي سيحدث في الأخير لأي أحد منا نحن ورثة القرن التاسع عشر، تحول زلزالي مثلا؟ هل سنجد من يعيد جمع أجزائنا القميئة؟
يمكن القول إن ثمة هاجسا بدا (طبيا) وانتقل (مستقبليا) عبر "فرانكشتاين" إلى الروبوت الرقمي وصولا إلى فكرة التحكم بالموت، وهي أعلى درجات التفكير السايبورغي، بحسب ما يرى الباحث، فلقد أشار ساندرز أيضا إلى "تأثر أطباء في بواكير القرن التاسع عشر برؤيا فيكتور فرانكشتاين، وغيروا جذريا الفلسفة الأساسية للطب ... الهدف إطالة الحياة وليس تمديدها ... وفي القرن الواحد والعشرين جراحون مشهورون ومحترمون في لندن توقعوا أنهم ربما يعيدون إحياء المتوفى توا، كأن المرء كلما طال وقت موته كان من الصعب إيقاظه، وهذا أقل مما سعى إليه فيكتور فرانكشتاين والمئات من العلماء والكتاب مستهلكين وقتهم وأرواحهم في بحثهم عن إكسير الحياة الخاص، الجرعة السحرية التي ستحل سر الكون: التحكم بالموت، أو بطريقة أخرى، الإمساك بالأبدية. ولكن لا بد من اكتشاف الشرارة الجوهرية العميقة – كما قالها فيكتور فرانكشتاين – سبب الولادة والحياة." وهذه الفكرة تؤكدها لنا مارينا وارنر بقولها: "إن التقنيات الحديثة يمكنها أن تمنح شبها حيا، وغالبا إلى درجة بارعة".   
ومن المهم الإشارة هنا، إلى ما أثاره الفيلسوف نيك بوسطروم عن أولسن - وهو مدير مستقبل المعهد الإنساني بجامعة اكسفورد –  من تساؤلات تتعلق بمستقبل الإنسانية : "إذا كانت الحياة التي نشأت على كوكب الارض، فمتى سوف تنقرض؟ وما إذا كانت سوف تستعمر المجرة، وما إذا كانت البيولوجيا البشرية ستتحول من أساسها لتصنع "ما بعد الإنسان"؟ وما إذا كان الذكاء الآلي سوف يتفوق على الذكاء البيولوجي؟ وما إذا كان حجم السكان سوف ينفجر، وماذا إذا كانت جودة الحياة تتحسن جذريا أم تتدهور؟" كما ويضع بوسطروم نفسه أربعة سيناريوهات لمستقبل البشرية وهي: (الاندثار، والانهيار المكرر، وثبات الوضع، وما بعد الإنسانية) ولكل واحدة شروحاتها الاستنباطية والتحليلية، لكن الباحث يعنيه هنا السيناريو الرابع والمتعلق بـ (ما بعد الإنسانية) وخلاصتها بحسب بوسطروم نفسه، بأن "فترة التطور التكنولوجي السريع إلى أقصى حد، يؤمنون أنصارها بأن هذه الفترة تشير إلى وضع ما بعد الإنسانية ويؤمنون أيضا بأن هذه النقلة سوف تقع قريبا جدا خلال بضع عقود، وهذه الفكرة مرتبطة نوعيا بالذكاء الاصطناعي والمرتبط بماكينة متفوقة الذكاء إلى أقصى حد، يمكن أن تضع تصميما لماكينات أفضل. وهنا ستكون ازاء انفجار للذكاء، وسيحتل ذكاء الإنسان موقعا متخلفا (بحسب اولسن نفسه).
إلى جانب ذلك، فإن عملية نقل العقل الإنساني إلى جهاز الحاسوب باستخدام التكنولوجيا، والذي سينتج عنه مرحلة ما بعد الإنسان، ستكون من البديهيات المستقبلية، وفقا لطروحات بوسطروم نفسه، بعد اتباع الخطوات البرامجية العلمية المتقنة الذي يحددها بوسطروم. ومن الواضح: "أن إحدى النتائج المترتبة على النقل هي إمكانية عمل نسخ كثيرة لعقل واحد تم نقله، والمورد المحدد هنا هو قدرة الحاسوب على التخزين وإجراء عملية النقل، ... وغني عن البيان أن النقل سيؤدي على نحو شبه وضع يمكن وصفه بأنه بعد الإنساني".
وأخيرا يتساءل كاكو والباحث معه: "كيف سيكون رد فعل الناس عندما يستيقظون ذات يوم ليجدوا ان أجسامهم مصنوعة من الفولاذ والبلاستيك؟ وعلينا أن نحدد (كعلماء ومختصين) مقدار السلطة التي نرغب في منحها لمخلوقاتنا، فهل سنكون سادة الآلات، أم ستصبح الآلات سادتنا؟".