الصعيدي يناقش "الطريق إلى الإنسانية"

وائل الصعيدي يؤكد أن الحديث عن المُفكّر والمُعلم كونفوشيوس الصيني من الأمور التي تستدعي استيقاظ الذهن، واستحضار العصور المتتالية.
كونفوشيوس شخصية غير عادية، مؤثّرة وجذابة
نحتاج أن نعود إلى إنسانيتنا وفطرتنا السّوية

صدر حديثًا كتاب "الطريق إلى الإنسانية في التعاليم الكونفوشيوسية" للدكتور وائل الصعيدي خبير اللغة العربية بالجامعات الصينية عن دار نشر بيت الحكمة بالقاهرة. 
أكد د. وائل الصعيدي أن الحديث عن المُفكّر والمُعلم كونفوشيوس الصيني من الأمور التي تستدعي استيقاظ الذهن، واستحضار العصور المتتالية، والقراءات الكثيرة المتعددة؛ لأنه شخصية غير عادية، مؤثّرة وجذابة، ولأني أحب كونفوشيوس فتجدُني كثير الحديث عنه، ولقد سُئلتُ: ما هو سِرّ حبكَ للحكيم؟ فتكون إجابتي دائمًا ثابتة وواحدة، هي بكل بساطة: ولِمَ لا أُحبه وهو يدعو إلى الفضيلة ومكارم الأخلاق، والسلام، وحميد السجايا، والبِر، والاهتمام بالأسرة، وعدل الراعي وطاعة الرّعية، وغير ذلك من الفضائل وشمائل المروءة والدعوة إلى الإنسانية. 
وقال المؤلف إن بدايات الكتابة عن كتابه "الطريق إلى الإنسانية" مُستمدًّا ومُستلهمًا من أفكار كونفوشيوس نفسه في أثناء كتابتي لكتابي الأول وهو "شرح المختار من كتاب الحوار"، والذي شرحت فيه مختارات متنوعة من كتاب الحوار الرائع، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى ما دفعني للكتابة في الجانب الإنساني هو ما تعانيه البشرية من جفاء المعاملة، والحروب المتتالية، وأكل القوي الضعيف، أحيانًا على مستوى الأسرة، وأحيانًا داخل الدولة الواحدة، وأحيانًا بين الدول بعضها البعض، فعندما سأل فان جيه كونفوشيوس عن الحِكمة، قال :"الحكمة هي القيام بالواجبات للمجتمع الإنساني. 

الصين
التقاء بين الحضارتيْن: العربية والصينية

وأشار المؤلف إلى أننا لا نحتاج إلى عقد صفقات السلاح التي تفتكُ بالإنسان، ولا زيادة مراكز حقوق الإنسان التي لا تأتي بحقوقه، ولا منظمات العفو الدولية ومراكز الإيواء للنازحين، ولا نحتاج إلى التكالُب على السُّلطة والإنفاق في سبيلها كل غالٍ ونفيس من الأموال والأرواح، نحن لا نحتاج إلى كل هذا ولا لغيره؛ نحن نحتاج فقط أن نعود إلى إنسانيتنا وفطرتنا السّوية، نحتاج إلى بعث القيم والأمل من جديد مثل دروس كونفوشيوس التي نتعلم منها كيف نعيش، ومبادرة الحزام والطريق التي تعمل على ربط الإنسانية بعضها ببعض على مستوى الأرض والروح، وتلقائيًا سينتشر العدل والتسامح والرحمة والتعايش والمساواة والموضوعية، فلا نحتاج إلى سلاح ولا مُنظمات، ولا مراكز إيواء، ولا البكاء على ما فات، ولا ما اندثر من الحضارات. 
وأكد الصعيدي أن كتاب "الطريق إلى الإنسانية في التعاليم الكنفوشية" يحتاج إلى دراسة لا قراءة؛ حتى نستفيق من غفلتنا، ونعود إلى رُشدنا، ونسير على منهج السلف الصالح – كما يسميه كونفوشيوس-، والكتاب يتكوّن من تسعة فصول قمتُ بإعدادها والكلام حولها بما تيسّر لي، فقمتُ بجمع الأقوال وترتيبها في فصول مُتناسقة متناغمة والربط بين بعضها البعض حسب سليقتي العربية واللغوية؛ لأن القراءة عن الحكيم والحديث عنه كالذي يمشي في طريق وَعِر مُوحِش، تشعر فيه بالاغتراب والوحدة، وخصوصًا عندما نقابل هذه النصوص بزمانِنا الذي تندثر فيه القيم الإنسانية والأخلاق والعدالة شيئًا فشيئًا، ولكني أحب المخاطرة والحديث عن العظماء. 
وأتمثّل أمامي قول الشاعر: 
جدير بالعُلا من يصطفيها ** ويركب في مطالبها الصّعابا
وأضفتُ للكلام حول الموضوعات والمتن بعض المراجع، والحِكم والأمثال الصينية والعربية، وأبيات الشّعر التي توضّح الفكرة وتؤكد الشرح بأسلوب سهل بسيط جذّاب ومشوّق، فأتمنى أن ينال إعجاب القارئ الكريم بأن يكون تماذجًا وتقاربًا والتقاءً بين الحضارتيْن والأمتيْن العريقتيْن العظيمتيْن: العربية والصينية.