الصيد والفروسية في زمن كورونا

الطريق من الإسكندرية إلى معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية ليس سهلا وميسرا في ظل الإجراءات الاحترازية لفيروس كورونا لكن التظاهرة الدولية أصرت على إقامته متحدية الوباء.

لم يكن الطريق من الإسكندرية إلى معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية سهلا وميسرا في ظل الإجراءات الاحترازية لفيروس كورونا اللعين. ومع ذلك أصرت إدارة المعرض على إقامته في تحد كبير لهذا الفيروس الخطير.
قبل السفر إلى أبوظبي كان لا بد من أخذ تطيعمين من لقاح معترف به دوليا، وقد حصلت على تطعيمين من لقاح سينوفارم بينهما ثلاثة أسابيع، ثم استخرجت شهادة دولية للسفر من مكتب صحة المندرة، ثم إجراء مسحة أنفية خلال 48 ساعة قبل السفر.
 وقد لعب المعمل الذي أجرينا فيه المسحة بأعصابنا عندما أرسل نتيجة المسحة إلى معمل رئيسي في القاهرة، لإصدار شهادة معتمدة بها، وتأخر إرسال تلك الشهادة المعتمدة من القاهرة، ومعنى عدم وصولها هو إلغاء السفر، وبين الأمل واليأس والرجاء والإحباط وصلت نتيجة المسحة في ساحة متأخرة من ليلة السفر، فهرعت إلى مطار القاهرة الدولي لألحق بميعاد إقلاع الطائرة.
في مطار القاهرة كانت الأمور ميسرة، رغم الازدحام الذي لم أكن أتوقعه في ظل إجراءات كورونا التي لم تطبق كاملة، فهناك تدافع من المسافرين ولم يلتزم أحد بإجراءات التباعد رغم وجود علامات على أرضية المطار تحدد المكان الذي يقف فيه كل مسافر على مسافة محددة من الشخص الذي قبله أو الشخص الذي بعده. هناك إهمال تام لمثل هذه العلامات الأرضية، ولا يوجد من العاملين بالمطار من يؤكد على المسافرين ضرورة الالتزام بالمسافات المحددة. أما عن وجوه المسافرين فمعظمها لم يرتدِ الكمامات، وإن وضعها على وجهه فهو يخفضها إلى الأسفل فلا تغطي أنفه أو فمه.

أنهيت إجراءاتي التي لم ألاحظ فرقا كبيرا فيها بين ما قبل كورونا أو بعد حضورها، ووجدتني في صالة انتظار إقلاع الطائرة.
توقعت أن تكون أماكن الجلوس بالطائرة، بها هذا التباعد بين كل كرسي والكرسي المجاور له، ولكن لم أجد شيئا من هذا، وكأن كورونا قد انحسر عن العالم، والأمور عادت إلى سيرتها الأولى. ولاحظت أن طاقم الطائرة يوزع علينا حقائب بلاستيكية زرقاء صغيرة جدا بها كمامة بيضاء اللون ومناديل صغيرة معقمة لتدليك اليدين بها، مع نصيحة أن نتخلص من الكمامة السابقة، ونستخدم الكمامة الجديدة.
وصلنا أبوظبي وبدأت إجراءات الخروج العادية، من ختم جواز السفر (دخول) وأخذ الحقائب، ثم الدخول إلى منطقة كورونا بالمطار، حيث أخذ مسحة أنفية جديدة، وتدوين بيانات المسافر على جهاز كمبيوتر مخصص لذلك، قبل خروجه إلى المدينة. وهنا كانت الواقعة.
أجريت المسحة الأنفية الأولى، ثم طلبت إحدى العاملات إدخال رقم التليفون لإنزال تطبيق الحصن المعمول به داخل الإمارات على جهاز المحمول، أمليتها الرقم المصري (الدولي) الذي معي لترسل نتيجة المسحة عليه. خرجت أنا وزملائي المشاركين في التغطية الإعلامية لمعرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية، لنجد سائقة فلبينية في انتظارنا لتوصيلنا إلى فندق الإقامة الذي يطل على أرض المعارض الدولية التي تقام فيها فعاليات معرض الصيد والفروسية.
وصلت نتيجة المسحات الأنفية لكل الزملاء عدا اثنين هما: إبراهيم عمران وأنا، وعندما حاولنا تشغيل تطبيق الحصن وجدناه لا يقبل البيانات التي نريد إدخالها، وفشلنا في ذلك تماما إلى أن اكتشفنا أن الرقم الذي أدخلته موظفة المطار الفلبينية كان خاطئا، فقد دونت رقما بالخطأ فكتبت 0021 بدلا من أن تكتب 0020 أدى إلى عدم تفعيل التطبيق، وعدم وصول نتيجة المسحة. وهو الأمر الذي حرمنا من دخول المعرض الذي جئنا من أجله خصيصا، ليس هذا فحسب ولكن عدم دخولنا أي مكان يتطلب مشاهدة التطبيق أو رؤية نتيجة المسحة، بما فيها المطاعم والأسواق وأي تجمع بشري في أبوظبي، فظللنا محبوسين في الفندق الذي أبدى تسامحا في ضرورة وجود التطبيق أو المسحة، واكتفى بنتيجة مسحة مصر.

معرض
جزء من التراث

وفي محاولة لتصحيح الوضع وكتابة الرقم الصحيح، مر علي الصديق العزيز الناقد والمترجم التونسي الدكتور محمد آيت ميهوب الذي يعمل في إحدى جامعات أبوظبي، ومعه أحد أصدقائه، وذهبنا إلى مركز صحة البطين، وشرحنا لمديره الوضع وحاول أن يساعدنا، لكن التطبيق لم يستجب، وأدركنا أخيرا أن تصحيح البيانات أو الأرقام المدخلة لا يكون إلا من خلال جهات معينة في وزارة الداخلية وأن هذا الأمر سيتطلب أياما.
عدنا بخفي حنين، من مركز صحة البطين، وقضينا وقتا جميلا في كافيه المارينا المطل على شاطئ مارينا أبوظبي المقابل لقصر المؤتمرات. ومن حسن حظنا أن موظف الاستقبال هناك لم يطلب مني مشاهدة تطبيق الحصن، واكتفى برؤية التطبيق على جوال الصديقين، ودخلت بينهما متخفيا.

كان الحل الوحيد لدخول المعرض هو إجراء مسحة أنفية جديدة، فتوجهت مع الكاتب الصحفي بالأهرام إبراهيم عمران لإجراء مسحة جديدة، أرسلت نتيجتها عن طريق البريد الإلكتروني واستطعنا دخول المعرض الذي جئنا من أجله.
الإجراءات داخل المعرض كانت مشددة جدا، وهذا هو الأسلم، فنحن لا نعرف تفكير كورونا وتحوراته وتحولاته المستمرة، فلا بد من الالتزام بارتداء الكمامة للجميع، والتأكد من حصول الشخص على تطعيمين من التطعيمات المعترف بها دوليا. ولا بد من النظر في التطبيق والمسحة الأخيرة التي لا يتعدى زمانها 48 ساعة، لأنه حدث أن زميلا لنا، كان معه تطبيق الحصن، لكن زمن مسحته تعدى الـ 48 ساعة فلم يستطع الدخول.
وتطبق هذه الإجراءات على الجميع، وليس هناك استثناء لأحد، فكورونا لا يعرف الاستثناءات.

تجولنا داخل أجنحة وأروقة المعرض وذهبنا إلى مقر المركز الإعلامي التابع للمعرض، وتعرفت على زملاء جدد من مصر وخارجها، لم أكن قد تعرفت عليهم من قبل، وبدأنا في مزاولة نشاطنا الإعلامي، واستقبال التقارير المختلفة التي ترد إلينا بخصوص المعرض. وأدركنا ما فاتنا من فعاليات الدورة 18 للمعرض الضخم الذي يقام هذا العام على مساحة تُقارب 50000 م2.

انتهت أيامنا في المعرض وبدأنا الاستعداد لرحلة العودة من مطار أبوظبي الدولي  لمطار القاهرة، وتأكدنا من وجود أوراقنا وإجراء المسحة الأخيرة التي سيسألوننا عنها في المطار أثناء المغادرة، وللأسف كان هناك أحد الزملاء لم يجر المسحة الأخيرة، فمُنع من السفر، وعاد من المطار لإجراء المسحة واستلام نتيجتها بأسرع وقت ممكن، وقد تدخلت إدارة المعرض لحل المشكلة من حيث تغيير وقت العودة إلى رحلة أخرى، وغير ذلك من إجراءات فرضها علينا فيروس كورونا اللعين.
هبطنا في مطار القاهرة، بعد ملء استمارة بها بعض البيانات والمعلومات المتعلقة بالفيروس، سلمناها في منطقة معينة قبل الوصول إلى منطقة الجوازات، وتأكدت الموظفة هناك أننا حصلنا على تطعيمين من قبل، وعدنا سالمين إلى أرض الوطن.