العراق في افق استعادة هويته العربية

الامارات ستكون البوابة التي يستعيد من خلالها العراق هويته العربية بعد أن يكون قد استنفد خياراته المفروضة عليه.

أخطأت الولايات المتحدة حين قررت الانسحاب من العراق عام 2011. كان ذلك قرارا خاطئا اتخذه الرئيس باراك أوباما، ليغطي من خلاله على فشل المشروع الأميركي في العراق بحجة عدم جدواه بعد أن تم إنفاق مئات المليارات عليه.

يزعم بعض المحللين أن الهدف من وراء ذلك الانسحاب كان اغراء إيران بالتوقيع على الاتفاق النووي. وهو هدف لا أعتقد أن العراق يستحق أن يكون ضحيته. فعلا لقد ضحت الولايات المتحدة بالعراق وسلمته إلى إيران في خطوة مدروسة لقطع صلته بمحيطه العربي.

فالعراق "الإيراني" لا يمكنه أن يكون عربيا وهو في الوقت نفسه كان عاجزا عن أن يبني دولته المستقلة ذات السيادة. ذلك لأن الولايات المتحدة وعبر سنوات احتلالها المباشر لم تعمل بشكل جاد على بناء تلك الدولة.

لقد تُرك الأمر لـ"نوري المالكي" وهو أكثر عملاء إيران فسادا. بحيث كان الانسحاب الأميركي انتصارا له ولسياساته القائمة على كراهية العرب وعزل العراق من خلال وضعه تحت مظلة الولي الفقيه.

ولسنا هنا في حاجة إلى استعادة الوقائع المأساوية التي جرت إليها سياسات المالكي المرضي عنه أميركيا والمتبنى إيرانيا. لكن ما صار واضحا أن العراق بعد أن رفعت الولايات المتحدة يدها عنه لم يكن يملك خيارا سوى أن يكون محمية إيرانية.

لم يكن هناك رهان إيراني. ذلك لأن لولايات المتحدة حين احتلت العراق لم تطرح على العراقيين رهانا أميركيا. لقد جرت الأمور بطريقة غامضة بحيث لم يكن ممكنا التعرف على هدف الولايات المتحدة إلى أن تم تسليم العراق إلى إيران.

لم تكن هناك أية فكرة عن العراق "الأميركي" كما أن العراق "الإيراني" كان عبارة عن مهرج رث في مواجهة تاريخه العربي العريق.

لقد تمت الإساءة إلى العراق بطرق شتى. وهو ما يمكن أن يستدركه العراقيون اليوم إذا ما تم التخلص من الهيمنة الإيرانية. وهي اللحظة التي يكمن فيها موعد استقلال بلادهم الجديد.

العراق الحقيقي لا يمكن أن ينبعث إلا في إطار محيطه العربي. تلك حقيقة وليست أمنية. ففي سنوات عزلته كان العراق ينزلق إلى هاوية، بدت واضحة من خلال تدهور الأوضاع المعيشية لسكانه وهو البلد الثري.

غير مرة مد العرب أيديهم إليه غير ان تلك الأيدي لم تصل. لا لشيء إلا لأن هناك مَن عمل على تكريس قناعة أن العراق بلد ميؤوس منه إضافة أن الحكومة العراقية كانت دائما مسلوبة الإرادة من قبل القوى الموالية لإيران. غيرانه لا تلك القناعة الكاذبة ولا خوف السياسيين العراقيين من الميليشيات الإيرانية يمكن أن يقفا أمام حقيقة كون العراق بلدا عربيا ولا يمكنه أن يتحول إلى بلد فاقد الهوية.        

لذلك سيكون انقاذ العراق من محنته عربيا.

وكما أتوقع فإن دولة الامارات العربية المتحدة ستكون البوابة التي يستعيد من خلالها العراق هويته العربية بعد أن يكون قد استنفد خياراته المفروضة عليه.    

سيعود العراق إلى محيطه العربي من خلال حزمة أمل وانقاذ ورؤية اقتصادية. هو ما يحتاج إليها بشرط أن لا تدخل في دائرة الفساد التي تحيط بالدولة العراقية من كل جانب.

ولكن لمَ دولة الإمارات العربية المتحدة بالذات؟

دور يمكن أن تلعبه المملكة العربية السعودية وهي دولة كبيرة ولها رغبة حقيقة في أن يستقر العراق ويعدو إلى محيطه العربي سليما.

ما يميز الامارات إنها لم تكن طرفا مباشرا في الصراع الإقليمي الذي اخترعته إيران لا لشيء إلا لإنها لم تنجر إلى ذلك الصراع ولم تكن إيران راغبة في أن تفقد الأرباح التي تجنيها من علاقتها بالإمارات.

ناهيك عن أن الدعاية الإيرانية داخل العراق لم تضخ مواد مسمومة ضد الإمارات وهو ما صنع قاعدة نفسية للقبول بها كونها البوابة المريحة التي إن مر من خلالها العراقيون لن تشعر إيران بالخطر.

غير أن ذلك كله مرتبط بإرادة العراقيين. وهي إرادة لا تزال معطلة في ظل التردد الأميركي في ما يتعلق بمصير العراق.