الفساد عصي على المحاربة في العراق

فاطمة بدري
الجبوري يعلن عجز بلاده عن مكافحة الفساد في وقت يشدد فيه أغلب المتابعين أنها مهمة صعبة في ظل تنفذ الفاسدين واستثمار المسألة لغايات انتخابية بحتة.
حرب انتقائية

بغداد - أكد رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، السبت، أن العراق \"لم يستطع\" إلى الآن القضاء على ظاهرة الفساد في البلد، فيما جدد دعوته للعراقيين بالخروج في \"تظاهرة مليونية\" في يوم الانتخابات \"من اجل التغيير\".

وقال الجبوري في كلمة له خلال فعاليات مؤتمر الباقرين الدولي إن \"متطلبات إرادة التغيير التي يسعها إليها العراق لا يمكن أن تتحقق من خلال التذمر وإنما تتطلب تغييرا ثوريا انتخابيا\"، مشيرا إلى أن \"العراق لم يستطع إلى الآن القضاء على الفساد\".

وجدد الجبوري دعوته إلى العراقيين، بـ\"تظاهرة مليونية في يوم الانتخابات التشريعية المقبلة، من اجل أن يحددوا رفضهم أو قبولهم بدون تردد، من اجل التغيير\".

يشار إلى أن الانتخابات التشريعية ستجري في العراق في الـ12 من شهر آيار مايو المقبل.

وسبق أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي البدء في ما سماها \"مهمة مكافحة الفساد\" بالبلاد معتبرا أنها مهمة صعبة ولن تنتهي في غضون أيام وأنها ستطول حتى القضاء على الفاسدين.

لكن المتابعين للشأن العراقي يشككون في مصداقية الحرب المعلنة ضد الفساد في هذا البلد نظرا لتنفذ الفاسدين وانخراطهم في الحياة السياسية رغم ثبوت تورطهم في قضايا فساد كبرى على غرار رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

ويعتبر هؤلاء أن ما يروج له العبادي وغيره من الشخصيات السياسية العراقية مجرد دعاية انتخابية، وحركة يلجؤون لها مع كل استحقاق جديد لكسب التأييد الشعبي لوعيهم أن الفساد يشكل مطلبا رئيسيا لدى مختلف مكونات شرائح المجتمع.

وتجدر الإشارة أن العراق قد شهد جملة من التحركات والاحتجاجات المليونية للمطالبة بمحاسبة الفاسدين على مدار أكثر من سنة بدعوة من رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر.

وواجه للعبادي حركة الاحتجاجات الشعبية وتنامي السخط على الأداء الحكومي باستخدام خطابات تؤكد مساعيه للحرب على الفساد والتشديد على أنها ستكون رهان المرحلة الراهنة والقادمة، دون أن يصدر أن إجراءات أو قرارات مؤثرة في الغرض.

ولا يرجح اغلب المتابعين أن التعهدات بمحاربة الفاسدين ستجد طرقها في العراق لانتماء عدد كبير من المتورطين لتيار العبادي السياسي، ما يجعل إمكانية ملاحقتهم صعبة بل وغير ممكنة بسبب مخوف الأخير من فقدان الدعم الحزبي لمواصلة رهاناته السياسية.

ويعتبر العراق من أكثر دول العالم فسادا وفق مؤشرات منظمة الشفافية الدولية، وتشير تقارير دولية إلى تورط العديد من المسؤولين الكبار في عمليات فساد مختلفة دفعت بعضهم للهروب خارج البلاد خوفا من الملاحقة القضائية، فيما يواصل البعض الآخر نشاطه داخل البلاد بل ويتمتع بنفوذ سياسي وعسكري كبيرين.

وتؤكد تقارير البنك الدولي ومنظمة الشفافية الدولية سرقة أرقام \"خيالية\" من خزينة الدولة، من بينها اختفاء ما يقدر بحوالي 600 مليار دولار في عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

وتقدر قيمة الأموال المهربة خارج العراق من موازنة البلاد العامة خلال السنوات الماضية بنحو 361 مليار دولار بينما تقدر مصادر أخرى قيمتها بأكثر من 500 مليار دولار خلال 10 سنوات فقط، ذهبت لحسابات خارج البلاد وتحديا في دول مثل بريطانيا ودول أميركا اللاتينية ودول أفريقية وعربية وتركيا وإيران وغيرهم.