الفن معطى جمالي وإنساني في زمن الجوائح

الرسامة التونسية أنصاف الغربي تهدي عملا فنيا لمدينتها قليبية ضمن مواجهة الجائحة كوفيد 19.
لمسة تضامنية تسند جهود مسؤولي الجهة وأهلها في مجابهة الكورونا
ألوان تحاور البرج في شموخه وجماله وعنفوان تواريخه

في هذه الأجواء من الحياة الثقافية الوطنية حيث تخيم الجائحة على العوالم والأكوان تبرز مبادرات من قبل المبدعين والفنانين لإضفاء حالات من الأمل والنظر إلى المستقبل بتفاؤل. وفي هذا السياق قدمت ابنه قليبية الفنانة التشكيلية أنصاف الغربي عملا فنيا يبرز قليبية المكان بجماله وألوانه وعطوره الدفينة، وذلك في لمسة تضامنية تسند جهود مسؤولي الجهة وأهلها في مجابهة الكورونا، وذلك وفق حركة المد التضامني المتواصلة. وقد تم تلقي  المساعدات واللوحات الفنية لأجل أجهزة أكسجين جديدة بداية الأسبوع القادم لكن هذه المرة ستكون بسعة 10 لترات حتى تتعزز إمكانيات قليبية المحلية وتحسبا للمستقبل القريب أمام تواصل انتشار هذا الفيروس القاتل. 
تشتغل الفنانة الغربي على الإعداد لمعرض شخصي يضم مجمل أعمالها القديمة والجديدة في فضاء للمعارض بالعاصمة، تجربتها مفتوحة على التنوع والاجتهاد. 
نمضي في عوالم التلوين مع الرسامة التي خبرت لغة التلوين وأخذتها الشواغل وأشياء الحياة لفترة، وها هي الآن تطل بلوحاتها الفنية وفي قلبها شيء من الحنين، عبر رحلة اللون المربكة. فمن دروب الحنين ومنعطفات التلوين وحميمية التذكر والنظر تمضي الذات إلى حضنها الدافئ. مهد الألوان حيث القول بعذوبة الأشياء والعناصر وهي تقتحم علينا هدوءنا وضجيجنا في هذا الكون الكامن في تفاصيله المفعمة بالوجد والشجن والصعود والسقوط والأمل والإحباط وما إلى ذلك من حالات هذا الكائن في حله وترحاله وهو يتقصد الحلم نحتا للذات وتأصيلا للكيان.
هنا يتأمل الفنان المشهد وهو يتحسس شيئا من قماش طفولته. كيف يقول بهاءه ووداعته بضروب الفن ليبرز ما تعلق به من ألفة مع العالم والآخرين ويمكث لأطول فترة في حياته العابرة تحت شجر الحنين والانتظار. 
من قليبية أرض الينابيع كانت ألوانها تحاور البرج في شموخه وجماله وعنفوان تواريخه وهي التي قضت طفولتها وكبرت على إيقاع النظر باتجاهه. هي مأخوذة المدينة والأبواب والأزقة والأقواس وبكل ما يشي بجوهر المكان ومنه المدينة التونسية العتيقة.
التراث يحضر في لوحات الرسامة أنصاف الغربي من ذلك اللباس البدوي الذي يبرز في لوحة المرأة باللباس التقليدي والطبيعة الصامتة حاضرة أيضا القنينة وصندوق الحلي والمزهريات. هي وغيرها عناصر التلوين لدى رسامة يأسرها الحنين والوجد تجاه الذكرى والأمكنة. المراكب في البحر تحضر في لوحت الغربي بما تعنيه من شغف بالسفر والحوار المفتوح مع البحر ضمن ما يقترحه من حالات وألوان وعناوين أبرزها الجمال.. حمال البحر وما يعبره من زوارق تفننت في ابتكار حضورها وتلوينها.
هكذا هي عوالم الرسم لدى أنصاف الغربي وهي تتواصل بعد سنوات مع ذاتها الملونة بالحلم والشجن والحنين والفن فسحة متعددة العناوين، وهنا تعنون الرسامة هذه الرحلة الجديدة المتجددة والمستعادة مع الرسم. وهي لا تلوي على غير البوح بما يعتمل لديها من كلمات ملونة كالقصائد.
إن الفن شعر آخر.. مشاركات متعددة في معارض جماعية وخاصة وبتونس وخارجها من ذلك الفعاليات التشكيلية بمصر والجزائر. وهي تعد الآن لعناوين تشكيلة أخرى ولمعرض خاص فيه أعمالها وما أنجزته مؤخرا.