الفيروس الغبي وجهاز المناعة

أربعون عاما من الفيروسات الطائفية، وبكتيريا الفساد والجرائم، قادت إيران الى ما هي فيه الآن.
إيران صنعت حفرة عملاقة أغرقت بها سوريا والعراق ولبنان واليمن
صواريخ وميليشيات إيران والحوثي وحزب الله لا تتحور وبقيت على غبائها نفسه

لا يوجد شيء أروع من أن يهاجمك عدو غبي. سواء أكان فيروسا أو بكتيريا أو جماعة حوثي أو إيران. الأعداء الأغبياء ضروريون لمناعتنا. وحتى لو أنهم صاروا أذكياء في غفلة من غفلات الزمان، فهذا مفيد أكثر في الواقع.

اللصوص الأغبياء يتركون بصماتهم في كل مكان. والفيروسات الغبية تدفع الى تنشيط الخلايا التي تتولى تحصين وتنظيم الأجهزة الدفاعية. وحزب الله الغبي يستطيع أن يُلفت انتباهك بالثرثرة الى ما كان يجب ألا تنساه. والولي الفقيه الغبي، يستطيع أن يرسل لك تهديدات من دون أن يرى أنه يقود بلادا أصابها الفقر والمرض والجهل والهزال. وما كنتَ لا تعرفه عن تجارة المخدرات التي يتاجر بها الناطقون باسم الله، فقد صرت تعرفه الآن، وتعرف مصادره. والبصمات بصمات في النهاية.

ولكن كل هؤلاء ضروريون لجعل جسمك أكثر تماسكا ونشاطا. تلك البكتيريا إنما تدفعنا الى حركة دائمة من أجل اتخاذ الاحتياطات، وهو ما يشبه التمارين الرياضية التي يتعين أن يقوم الإنسان بتأديتها لكي لا تتكاسل أنظمته الدفاعية، أو تتراخى عضلاته حيال ما ينتظرها من أحمال.

سوف تُصاب ببعض الرشح والصداع، من جراء ما تقوم به الدفاعات العسكرية أو الاقتصادية من أعمال لتنظيم الدفاعات وإعداد التحصينات وسد النواقص. فهذا مما لا بد له أن يرفع درجة الحرارة، إلا أنه يدل على أنك تقاوم المرض وتستعد لما بعده.

ولا حاجة الى القلق بشأن ما إذا كانت دفاعاتك الطبيعية كافية. إنها كافية من الأساس بما جعلك ما أنت فيه، تبني وتزدهر وتتقدم الى الأمام في كل مجال من مجالات الحياة. هذه الدفاعات تترك آثارها الخاصة، لتكون نوعا من أساس، يظل بوسعك أن تبني عليه باستمرار. وعندما يسقط حجر، سرعان ما تجد مئات الخيارات لكي تعيده الى نصابه، أو تضع ما هو أقوى منه.

لم تسفر الهجمات التي شنتها إيران ضد بعض منشآت أرامكو في السعودية عن ضرر لا سبيل لتعويضه. ولا فعلت كل صواريخ الحوثي وطائراته المسيرة. كل ما حصل هو أن التحصينات أصبحت أكثر قدرة على الصد. وظل جهاز المناعة قويا لأن أسسه قوية وامكانياته واسعة، وقدراته على توفير الدعم لا حصر لها. بينما البكتيريا والفيروسات هي التي ظلت تضعف باستمرار، وذلك لسبب بسيط، هو أنها تهاجم من دون احتياطات ولا مقدرات أكثر مما تأتي إليك به. يدخل الفيروس، يتكاثر، ثم يدفع جهاز المناعة لكي يحرك قدراته كلها، ويبدأ عمليات التطهير. هذا الجهاز يزداد قوة مع كل عملية هجوم، بينما تضعف قدرة الفيروسات على التأثير عليك إذا عادت في المرة التالية.

هذه العملية، يقوم بها جسمك بحكم طبيعته. أما الفيروس الغبي أو حزب الله الغبي، أو الحوثي الغبي، أو الولي الفقيه الغبي، فإنه كلما أمعن في إرسال ما يملك، فلك أن تفعل شيئا واحدا، هو أن تضحك، لاسيما وأن درجة حرارة جسمك، التي ارتفعت أول مرة، لا تعود ترتفع في المرات التالية.

مصدر الغباء الحقيقي لعدوك هو أنه يستنفذ موارده. انظر الى وباء كورونا، وقارنه بما يفعل الحوثي أو إيران أو حزب الله أو مليشيات التبعية في العراق. سترى أن فيروس كوفيد 19 أكثر ذكاء من وليهم "الفقيه".

جاء هذا الفيروس بعدة متحورات وغزا العالم بأسره، وصار أكثر نشاطا، وألحق أضرارا، ولكن في النهاية تمكنت المناعة الطبيعية، حتى بأفضل مما فعلت اللقاحات، في صد الوباء. أنظر في عدد الإصابات قياسا بعدد السكان. ثم أنظر في عدد الضحايا قياسا بعدد الإصابات، وسترى أن ما تركه هذا الفيروس "الخطير" لم يكن إلا شيئا هزيلا. حتى إذا ما توفرت اللقاحات، فقد صارت قدرته أضعف وأضعف على إلحاق الأضرار.

الآن، قارن بذلك ما فعلته صواريخ ومليشيات إيران والحوثي وحزب الله. سوف تعرف أنها، أولا لم تتحور وبقيت على غبائها نفسه، ثم أن أضرارها ظلت محدودة باستمرار. ثم أنها لم تحلق أضرارا أكثر مما ألحقت بنفسها إيران.

ثم أنظر في حال إيران الاقتصادي. شيء مروع فعلا. حتى القمامة أكثر ثراء من هذه البلاد. إنما بفضل فائض الغباء الذي قادها ليجعل منها أداة عدوان وتدخلات وجرائم قتل وفساد. وما من أحد ذهبت بخطاها إليه، إلا وأصابه البلاء. فقط أنظر. وسترى أن إيران صنعت حفرة عملاقة أغرقت بها سوريا والعراق ولبنان واليمن، وكأنها نيزك أعمى سقط من الفضاء على كلٍّ من هذه البلاد.

الحوثي يستطيع أن يرسل طائرات مسيرة الى الإمارات. شكرا. هذا شيء مفيد وممتع حقا. فالإمارات تضاعف التحصينات، وهي من الثراء وسعة القدرات والخيارات ما يجعلها لا تأبه بالأضرار، بينما الفيروس الذي غزا اليمن تنهار دفاعاته ويفقد المزيد مما سيطر عليه وهو يواجه حتفه، ويعرف أنه مُلاقيه قُبُلاً.

الفيروسات سخيفة في الواقع، ومنطقها هزيل. فهي بينما تهاجم بقدرات محدودة، حتى ولو تمكنت من بناء تحويرات بعد تحويرات، فإن تلك القدرات تظل عاجزة حيال أنظمة مناعة متعددة الأسلحة والخيارات.

خلايا الجهاز المناعي، تحتوي على عشرة أنواع مختلفة من المضادات، وبينما يؤدي كل واحد منها وظيفة محددة، وواحدة منها على الأقل تقوم بتنظيف القاذورات، فان هناك بينها خلايا تستطيع أن تؤدي وظائف متعددة، بل وأن تتحول الى خلايا بديلة للخلايا التي تضررت. وذلك في حركة دائبة، ومتوازنة، حتى لكأنها رياضي لا تتحرك عضلة من عضلاته إلا وتنشط باقي العضلات.

هل تريد أن أعد لك ما يملكه الجهاز المناعي للسعودية والإمارات من أنواع الخلايا، وما هي قدراتها، وكم تملك من البدائل؟

أكثر الخلايا التي تشتغل في هذا الجهاز حتى الآن، هي خلايا المكنسة، التي تلملم ما ترك المنطق السخيف من آثار. بينما الخلايا الأخرى تتحفز، وتطلب أن يتوفر لها دور أكبر.

أربعون عاما من الفيروسات الطائفية، وبكتيريا الفساد والجرائم، قادت إيران الى ما هي فيه الآن.

أربعون عاما تغير العالم فيها مرتين على الأقل. وانقلبت اقتصاداته رأساً على عقب، ليزداد ثراء وتتضاعف قواه ويتعلقن، بينما إيران تتاجر بالبضاعة الفاسدة نفسها. وصار حزب الله تاجر مخدرات. وتركت الحوثي يواجه الهزيمة، بينما تتشبث ميليشياتها في العراق بطلب العودة الى السلطة، لا من أجل شيء، وإنما لستر ما تركت وراءها من فضائح وأعمال نبعت من قاع القمامة ومن أسفل ما سفلت العمامة.

أفهل يقلق مَنْ يواجه عدوا غبيا كهذا؟