اللعب داخل الساحة الايرانية

النظام الإيراني في قمة الارتياب الآن، خصوصا مع انعدام الضمانات الأوروبية وتبدلات الموقف في سوريا.

المشهد الايراني يتميز منذ إبتداء عهد الرئيس ترامب، بإنكماشه على نفسه وتراجعه بخطوات غير مألوفة وحدوث تغييرات كبيرة على معالمه الاساسية بحيث يبدو وكأننا أمام إعادة صياغة لهذا المشهد على وقع الاحداث والتطورات المتسارعة.

مسلسل العقوبات الاقتصادية الاقتصادية المفروضة على إيران والتي بدأ يشتعل أوارها بصورة غير مسبوقة منذ بدايات عام 2017، والذي كان الى جانب إستمرار التدخلات الايرانية في بلدان المنطقة حيث ظهرت التأثيرات السلبية لهما وعلى أفضل ما يكون على الشعب الايراني من خلال إنتفاضة 28 ديسمبر/كانون الاول الماضي، لا يبدو إن هناك في الافق مايشير الى ثمة تحسن في الاوضاع لصالح طهران كي تصمد بوجه الضغوطات المختلفة عليها ولاسيما بعد إنضام روسيا إليها أيضا عقب تصريحات ومواقف مزدوجة بشأن الاتفاق النووي حيث طالبت موسكو طهران بتقديم تنازلات لو أرادت المحافظة على الاتفاق النووي وكذلك بشأن تواجدها في سوريا حينما طلب بوتين شخصيا من الايرانيين أن يخرجوا من سوريا.

في هذا الخضم، وفي ظل هذه الاوضاع الاستثنائية التي تعاني منها إيران بشدة، والتي وصلت الى ذروتها في الاحتجاجات الشعبية المستمرة والتي لا تنقطع، أعلن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، الاثنين، عن سياسة الولايات المتحدة لمواجهة سلوك إيران حول دعم الإرهاب وزعزعة الاستقرار في المنطقة، إلى جانب الخطوط العريضة للسياسة الخارجية الأميركية تجاه البرنامجين النووي والصاروخي لطهران، وكذلك استمرار قمع حراك الشعب الإيراني من أجل التغيير وانتهاكات حقوق الإنسان، الموجع في هذا الموقف الاميركي إنه قد تضمن تزايدا ملفتا للنظر في الانعطاف باتجاه دعم وتأييد مطالب الحراك الشعبي الايراني.

فشل وزير الخارجية الايراني في الحصول على ضمانات من أوروبا للمحافظة على الاتفاق النووي وما قد تم تأكيده من إنه قد حصل على "إلتزامات" فقط، سوف يشكل الى جانب ما قد صار واضحا من عزم الديكتاتور السوري على قلب ظهر المجن لطهران والسير مع الرياح الروسية، عاملا ونقطة شٶم كبيرة للنظام في إيران. فهاتان النقطتان تعنيان الكثير للشعب الايراني الذي صار بسببهما أكثر من نصفه يعيش تحت خط الفقر وأكثرية النصف الآخر في طريقه أيضا الى نفس المصير مع إستمرار هذه الاوضاع على حالها، بل وإن النظام يعلم جيدا بأن الشعب لن يسأله عن الفشل المزري في هاتين النقطتين وإنما سيذهب أبعدا من ذلك.

كل هذه التطورات المٶثرة سلبا على طهران، أخطر ما فيها إنها تنقل اللعب الى داخل الساحة الايرانية، فالنظام قد حرص دائما على أن يجري اللعب خارج ملعبه، وهكذا لعب يتوجس النظام منه ريبة.