المتشددون على خطى المعتدلين

طريف أن يصدم البعض بتشدد روحاني. كأنه كان من الحمائم حقا.

يبدو إن التشديد الاميركي على إيران والذي يستمر منذ بدايات عام 2017، قد تجاوزت تأثيراته الحدود المنتظرة إذ وفي الوقت الذي كان هناك مسعى أميركي ـ غربي لتليين وتعديل مواقف نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية وجعلها متناغمة الى حد ما مع المواقف الدولية، لكن نتائج التأثير كانت مغايرة وملفتة للنظر، عندما صار من كان رمزا للاعتدال نموذجا وقدوة للتشدد والتصلب في المواقف تجاه المجتمع الدولي.

عندما يشيد المرشد الأعلى لإيران بتصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني والتي هدد خلالها بإغلاق مضيق هرمز، في حال تم حظر صادرات النفط الإيراني، فإن ذلك يمثل تطورا دراماتيكيا في مسار لعبة "الاعتدال ونقيضها التشدد"، وبهذا التصريح لخامنئي يبدو إن الذي يمسك الان بزمام التشدد والراديكالية في النظام هو روحاني نفسه، وهو مايدل على سهولة التغيير في ظل هذا النظام من حمامة الى صقر، بما يعني إن الاعتدال الذي كان يطل به روحاني على العالم كان مجرد قناع يمكن تبديله في أية لحظة.

الغريب في الامر، إن خامنئي عندما يشيد بموقف روحاني المتشدد هذا فإنه يبني على أساسه موقف جديد يزيد من مستوى ونبرة التشدد بتأكيده أن "لا فائدة من التفاوض مع أميركا" ومعقبا ومضيفا على موقف روحاني بالقول "تصريح الرئيس الإيراني بأنه إذا لم يتم تصدير نفطنا لن يتم تصدير نفط أي دولة في المنطقة موقف مهم ويوضح سياسة واستراتيجية النظام"، وهو مايدل على إن تصريح روحاني لم يكن مجرد زلة لسان أو موقفا إنفعاليا وأنه موقف النظام برمته وهذا مايجب الانتباه له جيدا وأخذه بنظر الاعتبار.

روحاني الذي كان للأمس القريب واحدا من صقور النظام وكان الامين العام للمجلس الاعلى للأمن القومي الايراني الذي يضع أسس سياسات ومواقف النظام، وكان كبير المفاوضين في المفاوضات النووية التي جرت مع وفد الترويكا الاوربية في عام 2004، والتي تفاخر بأنه قد خدع الوفد الاوربي وموه عليهم لصالح البرنامج النووي الايراني، كما إن لروحاني أيضا موقف يشار له بالبنان في التخطيط للقضاء على إنتفاضة عام 2009 وإخمادها وحتى يشاع بأنه كان صاحب فكرة دس أفراد الحرس الثوري الايراني وقوات الباسيج "التعبئة" ضمن الجموع المنتفضة، ولذلك فإن موقفه المتشدد الجديد ليس بغريب أو طارئ عليه بل إنه امتداد لتاريخ "شب" و"ترعرع" عليه.