المتقاعدون.. وحزمة السوداني المحبطة للآمال

يبقى المتقاعدون في العراق في آخر اهتمامات الحكومة.

لم يكن يتوقع المتقاعدون، وهم الشريحة العراقية المغيبة ومن أكثر من عانى من الظلم والإهمال طيلة الحكومات المتعاقبة، يتوقعون أن تكون حزمة السوداني الأخيرة، لحل معاناتهم المأساوية، تنتهي على تلك الشاكلة المحبطة للآمال التي طرحها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وعدوا تلك الحزمة إهمالا لمعاناتهم، وإنتكاسة مؤلمة، حيث لم يتم تحديد أية زيادة في رواتبهم المتدنية، حتى تكون لهم بادرة أمل، يمكن أن تعينهم هم وعوائلهم على سنوات الضيم، في زمن تقفز فيها أسعار السوق العراقية الى أرقام خيالية، ومستويات المعيشة في أتعس أحوالها.

والطامة الكبرى، أن الحزمة التي طرحها السوداني مؤخرا تشمل فقط بعض المتقاعدين الذين سيحالون عن الخدمة مستقبلا، ولم تشمل في كثير منها المتقاعدين السابقين، الذين لم تتجاوز رواتب 75% منها الخمسمائة الف دينار أو أقل من ذلك بكثير.

والسؤال الذي يطرحه ملايين المتقاعدين ممن رواتبهم تعد متدنية هو: لماذا لم يلتفت السيد رئيس الوزراء الى معاناة هذه الشريحة المظلومة، ويضع لهم حدود درجات أو سقوفا مقترحة لرواتبهم منذ الآن وقبل عرض الموازنة على البرلمان، حتى تكون لهم بارقة أمل، بأن وعود الرجل بدأت تنفذ، لكن ما إطلعوا عليه زادهم إحباطا، وشعورا باليأس، وتدنيا في المعنويات، وهم بأمس الحاجة الى التفاتة سريعة لزيادة رواتبهم، وكما تم الإعلان عنها قبل فترة، بأن أقل راتب للمتقاعدين، سيكون بحدود الـ 750 الف دينار، لمن رواتبهم 500 ألف أو أقل من هذا الراتب، الى أن تشمل من هم رواتبهم من 600 – 800 الف سابقا، بزيادات مقبولة.

لقد خاب ظن المتقاعدين بطروحات السوداني ووعوده، وعدوا ما طرحه يوم الجمعة 24 شباط/فبراير من حزمة مؤلمة، تجاوزا لمعاناتهم وتعديا على حقوقهم التي وعدهم بها، والآن يخلف وعده، ولم تتم الإشارة في الحزمة الى أية زيادة مرتقبة تصل الى حجم مأساتهم ومعيشتهم التي تعد الآن في أسوا أحوالها.

وراح الكثير من المتقاعدين يطالبون مجددا نقابة المتقاعدين التي إتهموها بالتخلي عن طرح مطالبهم حتى الآن، والاكتفاء بتصريحات متضاربة، لاتسمن ولا تغني عن جوع، تطالبهم بالقيام بحملات تظاهر واعتصامات أمام رئاسة الوزراء والبرلمان، وهي تدعو المتضررين من أصحاب الرواتب المتدنية الى تصعيد إحتجاجاتهم، بعد ان يأسوا من أية حلول مقبولة تضع حدا لمعاناتهم التي طال إنتظارها، دون أن تلوح باقة أمل بأن أحوالهم ستتحسن في القريب العاجل.

فهل يرتقي المتقاعدون الى حجم مأساتهم ويصعدوا إحتجاجاتهم، التي لم يضعها مجلس الوزراء ولا مجلس النواب ضمن إهتماماته في أية جلسة من جلساتهم الأخيرة، علهم بإستخدام التصعيد، يكون بمقدورهم الضغط على الحكومة والبرلمان للإستجابة لمطالبهم العادلة والمشروعة، بعد إن بلغت أحوال ملايين المتقاعدين حدودا مرعبة من الظلم والإجحاف، لم يكن بالإمكان تحمل مآسيها كل تلك السنوات العجاف من ديمقراطيتهم التي أذاقونا فيها مرارة العلقم.