المعطيات السياسية بعد الانتخابات في العراق: كأنك يا أبو زيد ما غزيت

انسحاب مقتدى الصدر من تشكيل الحكومة ومن البرلمان سلبية سياسية كبيرة. ثوار تشرين لن يسكتوا.

التنافس السياسي في العراق اصبح أكثر حدة وظهورا بسبب كثرة الانقسامات وتوسع نفوذ إيران فضلا عن تدخل دول اقليمية أخرى كردة فعل للتدخل الايراني ومقابل ذلك المجتمع الدولي وعلى راسه اميركا التي تراقب المشهد السياسي وتطالب بالاستقرار، ولكن متأملة صراع يحصل بين مكونات هذه المنطقة المذهبية مستقبلا.

الاحزاب الشيعية تعيش في واد بعيد عن ارض الواقع المزري وان ظهر بينهم طرف او اطراف عراقية محاولين التغيير (التحالف الثلاثي نموذجا) يسعى الاخرون دون تحقيق ذلك ليصبح المشهد السياسي مخالفا لكل التصورات والتوقعات. فانسحاب كتلة فائزة متصدرة في الانتخابات عن تشكيل الحكومة والعملية السياسية وحلت محلها اطراف غير فائزة وفاسدة وفاقدة لثقة الشعب والتي كانت السبب في تقديم موعد الانتخابات بعد مناهضة شعبية امر يدعو للقلق ويهدد مستقبل العراق والنظام الديموقراطي فيه.

بإمكاننا القول بان مظاهرات تشرين لها دور فيما أفرزته نتائج الانتخابات وخسارة الاحزاب والميليشيات الطائفية وتحول في توجهات بعض الاطراف التي قد ادركت خطورة المرحلة، ولكن هذا لم يلغ النفس الطائفي لدى بعض الاحزاب والمجاميع التي اتخذت من الطائفية ورقة ضغط قبل الانتخابات وبعدها لإدامة تواجدها في السلطة وعدم خسارة امتيازاتها فنراها اكثر تقربا وعمالة لإيران الامر الذي يهدم اي نفس أو تفكير وطني، بمعنى آخر قوة سيطرة ايران على العراق بشكل عام وعلى قراراها السياسي بشكل خاص مع ضعف امكانيات العراق للردع يجعل الامر شبه مستحيل في التغيير المطلوب.

وهنا سؤال يطرح نفسه: هل هذا يبرر لتيار سياسي حاصل على اعلى نسبة مقاعد البرلمان الانسحاب من تشكيل الحكومة ومن البرلمان؟ انا عن نفسي لا اراه مبررا لذلك بل بالعكس اراه معززا من اجل البقاء والإصرار على تشكيل الحكومة ليس فقط لتحقيق المطلب الشعبي (الناخبين) بل لتعزيز الجبهة الوطنية ضد التدخل الخارجي والخروج من مازق التبعية.

وما خلفه هذا الانسحاب هو ان الطرف الآخر (تحالف الاطار التنسيقي) المعطل لتشكيل الحكومة رحب بقرار السيد مقتدى الصدر في الانسحاب وأستقبل الامر بكل اريحية واعتبر ان انسحاب التيار هو إنهاء للانسداد السياسي ومن ثم جاءوا مسرعين ليحلوا محل نواب الكتلة المتصدرة في الانتخابات لتصبح الكتلة الاكبر في البرلمان وتتصدر المشهد السياسي وقراراته.

هنا سؤال اخر يفرض نفسه وبقوة: هل هذا ما كان يطمح له السيد مقتدى الصدر بقراره في الانسحاب ان يسلم مقدرات الحكم بيد من أعتبرهم مفسدين او تابعين؟! اذ لم تمض ايام على قرار الانسحاب وكوادر الاطار يتحدثون عن تعديلات في القوانين لصالحهم.

يبدو لي ان الصدريين نادمين على قرارهم في الانسحاب ولهذا نسمع تصريحات منهم اقرب الى التهديد للعملية السياسية ويوحي الى انهم مقدمين على امر ما "إن جرت الرياح بما لا يشتهون" والاغلب هو النزول للشارع وارى ان ذلك سيضعف الكتلة الصدرية خاصة وان المجتمع الدولي مشغول جدا بأوضاع دولية اقليمية غير مستقرة وعليه لا يرغب حاليا وجود عدم استقرار في العراق.

في الواقع ارى ان الاطار التنسيقي قد يعجز عن تشكيل الحكومة دون موافقة السيد مقتدى الصدر لذا فالمرجح حل مجلس النواب واللجوء الى انتخابات مبكرة وكأنك يا ابو زيد ما غزيت.