الوصايا العشر في زمن كورونا

هاني هنري ينصح بالهدوء النفسي ويؤكد أن الشيء الوحيد الثابت في الحياة هو التغيير.
محاولة البعد عن الأشخاص السلبيين والبعد عن مصادر التوتر
الكبت قد يؤدي إلى اكتئاب أو زيادة الأمراض النفسية والتي قد لا تظهر أثارها الآن

جاءت أول حلقة نقاش للجامعة الأميركية بالقاهرة عبر الإنترنت للإعلاميين بعنوان "الحفاظ على الهدوء النفسي في وقت الكورونا". تحدث فيها د.هاني هنري، أستاذ مشارك في قسم علم النفس والعميد المشارك بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بالجامعة الأميركية بالقاهرة. وتناولت أهم النصائح لمواجهة القلق والضغوطات الناجمة عن انتشار فيروس كورونا المستجد. 
في ظل التغيرات المتلاحقة وضرورة بقاء الملايين في منازلهم بمصر والعالم، تزداد الضغوطات ويعاني الكثيرون من عدم القدرة على التكيف مع الظروف الراهنة. يرى د.هنري أنه عندما يكون هناك أزمة بهذا الحجم، لا بد أن يكون هناك تقييم علمي لها. لذا لا بد أن نسأل أنفسنا ما هو أكثر شيء يؤثر بنا، وتحديد نوع المشاعر التي نشعر بها، هل هي خوف؟ وخوف من ماذا؟ لا بد أن يفهم الإنسان طبيعة رد فعله وطبيعة الإحساس الذي يشعر به. بالنسبة للبعض تكمن المشكلة في فكرة الحرمان من شيء مثل عدم القدرة على الذهاب للمساجد أو الكنائس، أو عدم القدرة على الخروج أو زيارة الأهل، أو عدم التيقن مما سيحدث غدا. لذا لا بد أن يقوم الإنسان بحماية نفسه وحماية جهازه العصبي عن طريق تحديد ما يؤثر به وما لا يؤثر به، حتى لا يصل الحال بالشخص إلى التأثر بأي شيء أو كل شيء.
وأكد د.هنري على ضرورة معرفة أن هناك أشياء لا يمكن للإنسان أن يتحكم بها، حيث تكمن المشكلة الأساسية للكثيرين في محاولة التحكم في الأشياء الخارجة عن إرادتهم، مثل توقع ما سيحدث غدا أو تصرفات الأخرين، "لذا يمكنني التحكم في أسلوبي أو أنتقائي للأخبار، وإدراك إن ما يؤثر سلبا على الأشخاص هو محاولتهم فعل أشياء ليست في مقدرتهم."
وقدم د.هنري مجموعة من النصائح لعلماء النفس والجمعية الأميركية لعلم النفس للمساعدة في التحكم في مشاعر القلق والتوتر بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد ومنها:
أولا: التقليل من التعرض للأخبار السلبية، والتي قد تؤدي إلى زيادة الإحساس بالهلع، ووضع حد أقصى لمعرفة الأخبار عن تطور الفيروس إلى ٣٠ دقيقة في اليوم كمثال.
ثانيا: ضرورة الاستمرار في الحفاظ على الروتين اليومي، مثل الاستيقاظ في نفس الموعد، بجانب محاولة الفصل بين الالتزامات العائلية والتزامات العمل أثناء العمل في المنزل.
ثالثا: محاولة تعلم هوايات جديدة أو خلق روتين جديد حتى انتهاء هذه الفترة أو القيام ببعض المهام المؤجلة.
رابعا: اختيار الانحياز للتفاؤل، بالرغم من الوضع الحالي، إلا أن الإنسان من الممكن أن يلتفت لقيمة اللحظة الحالية وقيمة الصحة. كما أن العزل المنزلي أتاح للكثيرين فرصة قضاء وقت أفضل مع أطفالهم، الأمر الذي لم يكن متاحا بشكل كاف قبل تفاقم هذه الأزمة.
خامسا: محاولة البعد عن الأشخاص السلبيين والبعد عن مصادر التوتر.
سادسا: محاولة مساعدة الآخرين، والخروج خارج الذات، وهو الأمر الذي يظهر في تكاتف الكثيرين في مصر لمساعدة البعض.
سابعا: من الممكن تسجيل مقاطع من الفيديو مع أفراد العائلة والتحدث عن كيفية مواجهة العائلة لهذه الأزمة، فمثل هذه الطرق تعطي الإنسان نوعا من التحكم والأمل. 

كورونا
التصفيق لهم في السابعة مساء

ثامنا: طلب المساعدة من الآخرين سواء من المقربين أو طلب المساعدة النفسية من خلال العلاج السلوكي أو المعرفي، ومن الممكن أن يتم ذلك عبر الإنترنت خاصة مع توفر وسائل التواصل من خلال الفيديو.
تاسعا: التعبير عن مشاعر الغضب أو الآلام النفسية والتحدث عنها لأن الكبت قد يؤدي إلى اكتئاب أو زيادة الأمراض النفسية والتي قد لا تظهر أثارها الآن. 
عاشرا: ممارسة تمارين التأمل من خلال تطبيقات الموبايل أو ممارسة أي نوع من التمارين الرياضية في المنزل.
وتطرق د.هنري أيضا للضغوطات النفسية التي يتعرض لها الكثير من عمال اليومية، حيث قال إنهم يملكون نوعا مختلفا من المثابرة، والعزيمة، ونوعا من الإيمان بقدرتهم على تخطي الصعاب، وذلك لتعرضهم لمشاكل صعبة قد لا تكون لدى من لديهم امتيازات أكبر، لذا يمكننا التعلم من رؤيتهم للأمور وتعاملهم مع المشاكل بشكل أبسط.
وبخصوص التعامل مع الأطفال، رأى أن إحساس الأشخاص بالحزن أو الاكتئاب قد يساعد على قدرتهم على فهم مشاعر الأخرين، لذا فحتى مع شعور الآباء والأمهات بالضغط النفسي فمن الممكن أن يجعلهم ذلك مؤهلين لتفهم مشاعر الحزن أو الغضب لدى أطفالهم والتعامل معها بشكل جيد.
وأضاف: من المهم أن نقوم بما نسميه توثيق المعاناة، أي الاعتراف بمشاعر الأطفال السلبية وعدم التقليل منها ولكن مع  إعطائهم أمل وتشجيعهم ومحاولة تبسيط فكرة أن الشيء الوحيد الثابت في الحياة هو التغيير، بالإضافة إلي الاستمرار في فكرة الانحياز للتفاؤل.
كما أكد د.هنري على ضرورة تآزر الأسر في مثل هذه الأوقات الصعبة وخاصة أن المرأة العاملة والزوجة حاليا تتحمل الكثير من الضغوطات، لذا أكد هنري على ضرورة تقديم المساعدة للأمهات والزوجات في المنزل وإظهار التقدير لهن.
أما عن الصحة النفسية للعاملين بالقطاع الطبي أثناء جائحة الكورونا، فلفت د.هنري إلى ضرورة الاعتراف بالدور البطولي للقطاع الطبي، فحاليا هم في داخل الحدث مثلهم مثل من هم في حالة حرب، ولن يكون لديهم وقت بالضرورة لمراعاة حالتهم النفسية ولكن لا بد من الاهتمام بحالتهم النفسية بعد هذه الأزمة، فقد يعاني البعض منهم من اضطراب ما بعد الأزمة. 
وأضاف هنري: ولكن يمكننا حاليا الاستمرار في دعمهم وتشجيعهم معنويا من خلال المبادرات التي يقوم بها الأفراد حول العالم مثل التصفيق لهم في السابعة مساء في بعض الدول وتسليط الدور على جهودهم كمثال.