انتصار حماس بالتخلي عن حكم غزة

هل تريد حماس أن تبقى أداة من أدوات لعبة إقليمية يحركها "الولي الفقيه"؟

الشعب الفلسطيني في غزة يطلق تساؤله اليوم: وماذا بعد؟

لن يتحمل إلى ما لا نهاية القبول بحصد رؤوس أبنائه إلى آخر طفل رضيع أمام أنظار عالم عاجز عن وقف المذابح، لا يملك سوى بيانات مهادنة أو مشاريع قرارات دولية يسقطها الفيتو الأميركي برفع إصبعه.

شعب غزة المهدد بإبادة كاملة على يد مجرم حرب مهزوم سياسيا وأخلاقيا، شعب لم يعد يعنيه بقاء حماس أو رحيلها، فبقاءه فوق أرضه مقاومة حقيقة لن تهزم في يوم من الأيام، رغم العدوان والمحن بقي صامدا صابرا متمسكا بهوية وجوده على مر التاريخ قبل ولادة فنح أو حماس، لم يقبل بالنزوح أو الاستسلام يوما.

إذا كانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" غير قادرة على إيقاف عجلة العدوان الصهيوني الساعي لإبادة أخر فلسطيني في غزة وتجريد الأرض من مقومات الحياة، فعليها تغيير معادلة المواجهة في حرب غير متكافئة، وكسبها بانتصار وطني من خلال نقل السلطة إلى منظمة التحرير الفلسطينية وإعطائها المجال لتحمل مسؤولياتها في حماية الشعب الفلسطيني بإشراف دولي ضامن.

منظمة التحرير الفلسطينية المعترف بها دوليا كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، مقبولة عربيا ودوليا في فتح باب الحوا ر والتفاوض مع الأطراف المؤثرة في تفاصيل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بغض النظر عما ينتابها من ضعف غذته سياسات العنصرية والتطرف الصهيوني، أدرك المجتمع الدولي الآن ضرورة إعادة تأهيلها ومدها بمستلزمات القوة في حكم الضفة الغربية وقطاع غزة.

حماس تدافع عن بقائها قوة مقاومة، يراها البعض أداة من أدوات لعبة إقليمية تحركها "ولاية الفقيه" في طهران، لا تريد أن تخسرها كورقة مساومة في تحقيق مكاسب تفرض على قوى العالم الحرص على تأهيلها لأداء دور مهيمن في منطقة الشرق الأوسط، غير آبهة بدمار غزة وموت شعبها في مشهد تراجيدي غير مسبوق.

وغزة بشعبها تدافع عن وجودها الحي، حصدت آلة القتل الصهيوني ما يقارب 21 ألف شهيد وإصابة ما يزيد عن 52 ألف جريح دون حساب من بقي تحت الأنقاض لحد اللحظة، والمجازر لن تتوقف بعد.

غزة لن تقدم شهداءها وجرحاها قربانا لـ "ولاية الفقيه" ليجدد بقاءه في زمن مضاف، وهي تأبى بنهجها الوطني المقاوم أن يدرج اسمها في قائمة وكلاء "الحرس الثوري"، وسيأتي اليوم الذي تحاسب فيه قتلة شعبها ومن فتح لهم الأبواب لقتل روح الحياة فوق أرضها الممزوج ترابها بدم الشهداء.

منذ أكثر من سبعة عشر عاما (14 حزيران/يونيو 2014) تحكم "حركة المقاومة الإسلامية" غزة بعد حرب أهلية دموية خاضتها "حماس" ضد مؤسسات السلطة التشريعية الفلسطينية وحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح".

غزة منذ ذلك التاريخ وهي مسورة بحصار إسرائيلي مطبق بري وبحري وجوي وعدوان عسكري إسرائيلي متكرر أدى إلى تردي الوضع الاقتصادي بشكل مستدام جعل أكثر من نصف الشعب تحت خط الفقر مع ارتفاع مؤشر البطالة إلى 52 بالمائة في ظل انهيار البنى التحتية وانعدام أبسط الخدمات الحياتية.

مؤشرات ومعطيات تعلن أن حركة المقاومة الإسلامية "حماس" لا تملك المؤهلات لحكم قطاع غزة الخاضع لحرب إبادة بشرية لن يوقف مجرم الحرب بنيامين نتنياهو عجلتها، يجعلها اليوم أمام خيار واحد يسانده العالم أجمع هو إعادة الحكم إلى السلطة التشريعية الفلسطينية في إطار حل سياسي يضمنه المجتمع الدولي يعيد الحياة المفقودة لشعب غزة الأبي.