إحسان حمو وإفتراضية التوكيد في الفعل المتغيّر
لا أعرف بالضبط ما الذي يجعلني أحس بأن الفنان إحسان حمو كان مسلوباً للحقوق فنياً، فلم يأخذ حيزه في المشهد التشكيلي السوري، الحيز الذي يليق به، وإن كانت له مشاركات هنا، وحضور هناك، فلا الشمس كانت تركض إليه، ولا هو كان بقادر أن يذهب إليها، فالأمر يحتاج إلى نوع من المهادنة، إلى خلق نوع من التوازنات العقلانية بينهما، لإعتاق الحالة بحفاوة عاشق، مع بث تلك اللحظات المحتدمة بينهما.
تتميز عمل إحسان حمو في تحوله الشرطي الأولي المقترن بوعي ديناميكي بسيرورة سد الفراغات على كل مساحات هذا العمل على أساس من الحرص المكرس للبحث عن علائق الجوار في مساحاته بأبعادها الجمالية.
فيدخل حمو وبسرد لوني يكاد يترافق مع كل آليات تكريس متابعاته المحكومة بغزارة معرفته إلى مغامرة قد تقوده إلى إرتياد الأقاصي عبر المستويات الفرعية قبل الرئيسية، على نحو ما من خلق تفاصيل توصله إلى حالات من المقاربات التوافقية بإستخدام الكثير من الإحالات القيمية، كتقاطع فضاءات أعماله برؤى، وحكايا مسارات إفتراضية تذهب به إلى توكيد تأثيره في الفعل المتغير، الموحي للتداول المعتاد ما بين الفن.
كظاهرة ذوقية وبينها كظاهرة قيمية، وقد تكون هذه إحدى الإشارات التي يذهب بها حمو بعيداً حتى يتقاطع وبحوارية إيجابية مع الثقافة الفنية المتداولة، الأمر الذي يجعل حمو يهيمن على عمله بحضور متصاعد، وبتأثير متزايد من مناخ يلامس عمق ذاكرته، وذلك في سعيه إلى إحياء تلك التطلعات الغارقة في برموداه والنائمة كأهل الكهف في دواخله، فيوقضها جميعاً، وبكثير من إستعادة تلك اللحظات اللاحقة التي قد تساعده كثيراً في تحرير وعيه على سبيل تأكيد التبسيط لعناصره المتخذة دون إختزالها، بعيداً عن النزوع التعميمي، أي أنه يؤكد حركية الواقع الموصول بأصداء الأسئلة التي تلخص تطلعاته، مع إطلاق عناصر منسربة من بين أنامله كالعنصر التكويني الذي يوجه تقاليد الخطوات الإبداعية له وفقاً لآليات محددة، ومتزامنة مع إنفتاحه على العالم الخارجي، مع الإقتران بمبادئ الإستنارة المفترض وجودها في صياغاته الجمالية، المتكئة على تقنيات نوعية بها يستطيع حمو أن ينطق المسكوت عنه . مع السعي لهيمة صوته الخاص.
ولنتذكر أن القيمة الجمالية هي الوجه الآخر للقيمة الدلالية، الأمر الذي يؤكد حمو عليه هو أن طرفي العلاقة في مدى تطويع العمل الفني/التباين، التعدد/، وفي بعد من التعارضات يقترنان بلحظات من التحول دون إنقطاع في فصل زمينهما ودون التلاعب بتراتب لغته الفنية.
وحسب ان هذا سر من أسرار عملية الخلق عند حمو مع خلق تباين إلى حد التصادم في مشاهده الوصفية والتي قد تكون موازية لدلالاته في التحول، وهذا يشير إلى وفرة المعرفة المذهلة لديه والتي تمنعه من الهبوط في صياغات هامشية،كل ذلك من منظور رؤية متفتحة لإعادة النظر في محركات عملية، خاصة ما يجافي إستهلال الزمن، بمرونة تميزه وذلك عند إختيار السياق من داخل الوعي بمعطيات نوعية، وعلى هذا الأساس يبتدع حمو أشكال جديدة أو هي محاولات لإبتداع أشكال جمالية جديدة . فعمله ليس مجرد إمكانات متحررة من القيود، بل هي تحولات فنية، ومعرفية تغدو المجاورة بينهما كفضاء إفتراضي جديد فيه يحدث حمو، وبإنحياز ما يسمى إستعادة مناطق كانت على التماس، وجمعها دون السعي إلى الفكاك منها، وهذا ما يترتب عليه جهداً إضافياً ليفضي إلى تحولات حاسمة غير قابلة للجدل، فالمعادل التعبيري عنده غير مقصور على طموح يفرض به السيرفي طريق الإنجاز.
وبالقدر نفسه يقارب حمو بإندفاعاته التي سرعان ما يستسلم للعمل المنجز مباهج التولد، خصوصاً في مناطق التلامس التي ترتبط بدوامات من التداخل بحسب شروط الصعود بكل تبوؤاته.