بشار الأسد: واجهة صراع مع القوى الكبرى

الحماسة الروسية الإيرانية لفوز الأسد تزيد من عزلة النظام ومن غضب الغرب منه.
إشكاليات كبرى أحاطت الانتخابات الرئاسية في ظل التردي الاقتصادي والأمني
هيمنة روسيا وايران غيرت جغرافيا الأرض وجغرافيا السكان وأفرغت الحق السيادي من محتواه

الإنتخابات الرئاسية في دمشق، برنامج سياسي، وضعه النظام الحاكم بالتنسيق مع الحليف الروسي، بغية إعادة تأهيل الرئيس بشار الأسد رئيسا بشرعية دستور معدل، يضمن الإبقاء على اتفاقيات التحالف الثنائي مع موسكو التي تحتفظ بآخر قواعدها العسكرية في حوض البحر المتوسط.

حسمت الانتخابات الرئاسية بفوز بشار الأسد، كما خطط لها منذ البدء، ولم يكن أحد يتوقع خلاف ذلك، اعتبرها المجتمع الدولي تعارض صريح مع قرار مجلس الأمن 2254 الذي يدعو بموجبه الأمين العام للأمم المتحدة ممثلي النظام الحاكم والمعارضة للمشاركة في مفاوضات رسمية ترسم مسارا للانتقال السياسي يضع حدا للأزمة السورية عبر تسوية سياسية.

الأزمة في سوريا مازالت قائمة، وستأخذ بعد انتخاب بشار الأسد رئيسا لعهدة جديدة مدتها سبع سنوات، أبعادا أخرى، أشد خطرا من بدايات تطورها، في ظل عزلة دولية وعربية مطبقة.

حدد مجلس الأمن الدولي في قراره 2254 الذي صاغته الولايات المتحدة الأميركية عام 2016، صيغة لتسوية سياسية تلغي في مطلعها دور النظام السياسي الحاكم، بتشكيل هيئة حكم تضم الجميع، تتولى صياغة دستور جديد، تنظم بعد إقراره انتخابات برلمانية ورئاسية تحت إشراف الأمم المتحدة.

أدرك الرئيس بشار الأسد أن قرار مجلس الأمن الدولي انقلاب جذري على نظامه، يدخل سوريا في عهد سياسي جديد، ويخرجها من دائرة التحالف الإستراتيجي العسكري مع روسيا المصرة على إبقاء آخر قواعدها في البحر المتوسط بأي شكل كان.

فكانت انتخابات 26 مايو 2021 مخرجا وطنيا يضمن إعادة تأهيل النظام برئيسه بشار الأسد، الذي يعد بقائه ضمانا لبقاء النفوذ الروسي، قبالة مناطق النفوذ الأميركي والبريطاني والفرنسي في الشرق الأوسط، دون أي اعتبار لرفض المجتمع الدولي لها.

إشكاليات كبرى أحاطت بهذا الانتخابات الرئاسية داخليا في ظل وضع اقتصادي وأمني مترد، فهي عجزت عن بسط صلاحياتها على كامل التراب السوري الخاضع بأكثر من ثلثه لسيطرة تنظيمات مسلحة وقوى خارجية، كما عجزت عن استقطاب قوى المعارضة أو التصالح معها في خطوة مبدئية.

مجلس سوريا الديمقراطية ومعه مجلس القبائل والعشائر رفض أن يكون جزءا من الانتخابات، والمعارضة ترى أن الحل السياسي له الأولوية الآن وفق قرار مجلس الأمن الدولي 2254، والإفراج عن المعتقلين وعودة المهرجين.

تضاءلت مساحات تحرك النظام السياسي في إجراء انتخابات رئاسية تعيد تأهيل وجوده، تضاؤل يفقد به أية شرعية دولية أو وطنية تلتقي حولها شرائح وأطياف المجتمع السوري.

الأمم المتحدة، الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، اجتمعت على رفض الاعتراف بنتائج انتخابات إعادة تأهيل بشار الأسد رئيسا، اجتماع دولي يكرس حصار العزلة المطبق حول سوريا.

مساحات غير آمنة تحرك فيها النظام السوري لإحياء وجوده بشرعية انتخابات في ظل هيمنة روسية – إيرانية غيرت جغرافيا الأرض وجغرافيا السكان وأفرغت الحق السيادي من محتواه، وعزلته عن محيطه العربي والدولي، وألقت به في واجهة الصراع مع القوى الكبرى.