بوابات لـ "ولاية الفقيه" في وسائل إعلام عربي
أصوات "ولاية الفقيه" تصدح في وسائل إعلام عربي وفق نظرية الرأي والرأي الآخر، وكأننا في منتدى فكري لتبادل الآراء، غير آخذين بنظر الاعتبار خطورة ما تنقله تلك الأصوات إلى الرأي العام القابل ببعض شرائحه لاختراق وارد يغير توجهاته بما يؤثر في وحدة الموقف تجاه القضايا المصيرية، وتعقيدات التحديات الراهنة.
العالم العربي ساحة حروب مفتوحة على مستقبل مجهول، يخوضها طرفان إقليميان يتنازعان الهيمنة على الشرق الأوسط، لا قرار لنا فيها أو تأثير، ندفع خسائرها العظمى حاضرا ومستقبلا رغما عنا.
مثلما للحروب قواعدها وضوابطها، الإعلام له قواعد عمل وضوابط أيضا، أولويته تحصين الرأي العام الداخلي من كل أشكال الاختراق والتأثير، لا فتح بوابات لها تحت أي مسمى كان.
سلاحنا الوحيد في هذه الحروب العاجزين عن إيقافها هو إعلام عربي مهني صادق يعبر عنا ويعرض قضايانا وفق ما نراه ونعيشه من تحديات تهدد وجودنا وتجردنا من هويتنا.
بعض إعلامنا مرتبك، يتهاوى في دائرة الصراعات الكبرى، كأنه لا يعرف ما يريد، وهو يجعل من قنواته دائرة مستديرة لحوار توافقي يحتوي وحشية المشهد الدموي المعاش، إرضاء هذا دون إغضاب ذاك، على حساب الحقيقة الضائعة في وسائل إعلام لم ترتق إلى المستوى الاحترافي، تثير وتسعى لأن تؤثر.
إعلام بلا نهج متوازن، فتح الباب واسعا لمن يهدد وجودنا، حتى أضحى قناة لها غطاء شرعي رسمي يسمح ببث رسائله ومخططاته بلغتنا معززة بوسائل مثيرة تضمنها تقنيات متطورة.
"ولاية الفقيه" اخترقت كبريات وسائل الإعلام العربي، وفرضت نهجها وخطابها القادر على التلاعب بالعقول أو تشتتيها بعيدا عن الواقع في أقل تقدير.
من اختار هذه السياسة الإعلامية، ما دوافعه، ما ارتباطاته الخفية، ومن منحه الحضور في هـذا المـركز السيادي الخطير في عواصم لها سيادة؟
هل منحتنا دوائر "ولاية الفقيه" مساحة حضور في وسائلها الإعلامية المنتشرة في عواصم عربية وكل مكان؟ أم تكتفي ببث خطابها الأحادي الملغم بعدائه الطائفي العنصري؟
قالها رئيس المجلس الإسلامي العربي محمد على الحسيني الذي نما في أنفاق حزب الله وعاش وتربى في حضن ولاية الفقيه قبل أن ينشق عنها، قالها في قناة العربية:
دوائر "ولاية الفقيه" تمكنت من اختراق وسائل الإعلام العربي وجندت من رأته مناسبا فيها".
وعندما سألته المذيعة: وهل قنوات mbc من ضمنها؟
التزم محمد علي الحسيني الصمت ولم يجب.
صارت بعض طروحات قادة طهران "البراقة" عناوين لبرامج إخبارية وتحليلية في قنوات عربية بعينها، في محاولة خفية لتسويقها إلى المستهلك العربي وإقناعه بها عبر أكاديميين وسياسيين إيرانيين يفتتح بهم الحوار في تلك البرامج ويقيمون في مكاتبها بمرتبات ومغريات لا حصر لها.
"ولاية الفقيه" تعبث بأمننا القومي العربي، وجعلت من الشرق الأوسط عبر أذرعها ساحة حروب نحن من يحصد خسائرها، وتشرد شعوبنا في العراء بلا مأوى، في أبشع مشاهد الذل والإهانة، ورغم ذلك نمنحها مساحات حضور إعلامي واسع، وإن كانت تغلق علينا أبواب الحياة كما تغلق علينا أبواب إعلامها المحرض بلا انقطاع ضد سيادة دولنا ووحدتها.
لماذا نضع أبواقنا أمام أفواه "ولاية الفقيه"؟ هل هي بحاجة إلى أبواق قسمت مجتمعنا العربي في طرفي حرب بين واهم مصدق بفبركة "مقاومة" زائفة أسسها الملالي، ورافض منتفض ضد نظام طائفي يسعى لاحتكار العقل العربي والتحكم به بأوهام غيبية خيالية قبل انتزاع سيادته؟
فعل "الولي الفقيه" المدمر في العراق ولبنان وسوريا واليمن والبحرين وتهديده المعلن لأمن دول الخليج العربي مرئي ومسموع، فعل ينفذ خططه التخريبية التوسعية بما لديه من قنوات وأذرع، لا يحتاج لبوق عربي أو شاشة عربية تبرر خطورة مساوئه تحت غطاء "المقاومة من أجل تحرير فلسطين" وهو غطاء لا يحجب رؤية حقيقة أن إيران وإسرائيل شريكان التقيا في عدائهما للشعب العربي واختلفا في اقتسام مناطق النفوذ بالشرق الأوسط.