تاريخ سيعيد نفسه

مرة أخرى يثور العراقيون على سلطة خارجية تستنزف مقدراتهم. بالأمس كان الانجليز واليوم دور الإيرانيين.

قيام المتظاهرين المحتجين الغاضبين من أهالي البصرة بحرق القنصلية الايرانية في البصرة، تطور نوعي في مسار الموقف الشعبي في العراق من إيران، وهو قد جسد رفضا عراقيا قويا للدور الايراني الذي صار أخطبوطيا وألقى بظلاله السوداء على مختلف الاوضاع في بلاد الرافدين. ويبدو إن عملية الحرق لم تكن تتم لو لم تبادر منظمات وميليشيات عميلة لإيران بإطلاق النار على المحتجين البصراويين أو إختطافهم، مع إنه يمكن إعتبار حرق القنصلية الايرانية في البصرة بمثابة رسالة للمنظمات والاحزاب والميليشيات العميلة لإيران من آثار وتبعات تابعيتها لإيران.

ولا غرو من إن حرق القنصلية الايرانية في البصرة والذي من شأنه إحراج النظام الايراني أمام الشعب خصوصا وإن أهالي البصرة معظمهم من الشيعة الذين يفترض إنهم محسوبون على هذا النظام كما يزعم في وسائل إعلامه، قد كان دافعا لقيام الحرس الثوري الايراني بإستهداف مقرات أحزاب كردية معارضة في مدينة كويسنجق والتي تبعد حوالي 65 كلم من الحدود الشرقية لإقليم كردستان بهجوم صاروخي تسبب بمصرع 14 شخصا وإصابة 42 آخرين من أعضاء الحزب الديمقراطي الإيراني، من بينهم سكرتير الحزب. إذ يمكن تفسير هذا الهجوم الصاروخي بأنه سعي من أجل التغطية على حرق القنصلية الايرانية في البصرة وجعله خبرا ثانويا.

بحسب مواقع التواصل الاجتماعي ومصادر أخرى مختلفة، فإن ما حدث لم يبعث ارتياحا واضحا من جانب العراقيين لهذه الخطوة وحسب، وانما وجد تأييدا كاملا لها، وهو ما يدل على مدى حالة الكراهية والرفض المعتمر في صدور ونفوس العراقيين من النفوذ الايراني في بلادهم خصوصا وإن الوجوه السياسية المتشبثة والمتعلقة بكراسي السلطة كالصدأ ولم تقدم للشعب العراقي سوى الفقر والحرمان والتخلف، معظمها محسوبة على طهران بل وإن نوري المالكي الذي توجه له إنتقادات كثيرة للاخطاء والمساوئ الكثيرة التي رافقت فترة ولايتيه، أغدق عليه المرشد الايراني الاعلى أوصافا مثالية.

الشعب العراقي وعندما ضاق ذرعا بالبريطانيين وما جنوه على العراق فقد بادر الى القيام بثورة العشرين التي ردد فيها شعاره المعروف "الطوب أحسن لو مكواري"، ليس ببعيد عليه أن يقوم بإعادة هذا السيناريو ضد النظام الايراني ورموزه في العراق بعد أن ضاقت به السبل من جراء الاوضاع بالغة السلبية والتي صار واضح جدا بأن للنظام الايراني يد فيها، وإن الذي يدفع ويحث ويحفز العراقيين للإنتفاضة بوجه هذا النظام والتابعين له، هو إن الشعب الايراني بحد ذاته يرفضه أيضا ويسعى لتغييره.