تشريعات الذكاء الإصطناعي: حراك عالمي.. أين برلماناتنا؟

الذكاء الاصطناعي تطور مثير ولكنه يحتاج إلى المرجعيات القانونية.

الآلات والأجهزة والأنظمة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي أصبحت في كل مكان، في بيوتنا وهواتفنا الذكية وسياراتنا وأماكن عملنا، كما أنها آخذة في الإرتفاع، وتجاوز أدائها القدرات البشرية.

ولكن مع الراحة وجودة الحياة التي تجلبها أنظمة الذكاء الإصطناعي، إلا أنها تحمل في طياتها أيضاً قضايا قانونية وجرائم مستحدثة غير متوقعة.

يثير الذكاء الاصطناعي العديد من التحديات والتساؤلات الأخلاقية التي تستوجب سن تشريعات عاجلة ومناسبة، لضمان تطبيقه بمسؤولية ومحاسبة المخالفين.

والسؤال الأهم هنا هو: هل استعدت حكومات دول العالم بإصدار التشريعات القانونية الإستباقية الملائمة لتحديات وأخلاقيات الذكاء الإصطناعي؟ وأين برلماناتنا من ذلك؟

هناك الآن حراك عالمي ونقاشات وبخاصة في برلمانات الدول المتقدمة حول تشريعات أنظمة الذكاء الإصطناعي المناسبة التي تضمن أمن البيانات وحماية المعلومات الشخصية للأفراد وضمان حقوقهم وسلامتهم، وفي الوقت نفسه، لا تحد من تطوير وتطبيق الذكاء الإصطناعي.

فعلى سبيل المثال، المجلس التشريعي لولاية إلينوي الأميركية، أقر في 29 مايو 2019، قانون "إجراء المقابلات بإستخدام الفيديو بالذكاء الإصطناعي في عمليات التوظيف"، ووقع على مشروع القانون حاكم الولاية في 9 أغسطس الجاري، وسيصبح القانون ساري المفعول في الأول من يناير 2020.

ومن بين بنود القانون، الموافقة المطلوبة من طالب الوظيفة لاستخدام الذكاء الاصطناعي، كما يفرض حظراً على مشاركة مقاطع فيديو مقدم الطلب خارج نطاق عملية التوظيف، أي استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل لقطات المقابلة فقط.

كما أن مجلس اللوردات البريطاني، قام في 29 يونيو عام 2017، بتعيين "لجنة مختارة حول الذكاء الاصطناعي"، للنظر في الآثار الاقتصادية والأخلاقية والاجتماعية للتطورات في الذكاء الاصطناعي، وأصدر تقريراً حول ذلك في أبريل عام 2018.

ويبقى السؤال قائما: هل البرلمانات العربية لديها إهتمام مماثل بمخاطر وأخلاقيات وتحديات وتشريعات الذكاء الاصطناعي، محل الإهتمام العالمي، وهل لدينا طلبات إحاطة بشأن أفضل السبل والتشريعات لاستخدام الذكاء الاصطناعي والروبوتات لتحسين حياة الإنسان العربي، وكذلك الاستعداد للمخاوف والمخاطر المحتملة من إنتشارها في مجتمعاتنا العربية؟

التشريعات الخاصة بـالذكاء الاصطناعي، يجب أن تصبح أولوية عاجلة لحكومات الدول العربية، ويجب أن يسبق ذلك إجراء نقاشات وحوارات جادة في برلماناتنا مع أهل الإختصاص والخبراء وأصحاب المصلحة، للتوصل للقواعد والتشريعات القانونية السليمة التي تنظم الذكاء الاصطناعي وتضمن إستخدامه بطريقة مسؤولة وآمنة.

وأخيراً.. يمكن القول بأن أي تطور مثير وتطبيق متسرع في مجال الذكاء الإصطناعي، يتم إجراؤه بدون الاعتماد على مرجعيات قانونية، سيؤدي لإثارة العديد من التساؤلات والمشاكل الأخلاقية.