توجيهات طبية لمرضى السكري من أجل صوم آمن

النصائح الطبية بشأن صيام مرضى السكري تدور في إطار العموميات، لكن الواقع يفرض علينا التشديد على أن كل مريض حالة منفصلة لها طريقة تعامل مختلفة.
مخاطر الصوم تستدعي التقييم الطبي والسعي وراء النصيحة الطبية قبل بداية شهر رمضان
هناك مجموعة من مرضى السكري يواجهون خطورة عالية في حال الصيام
أكثر من 148 مليون مسلم مصابين بالسكري على مختلف أنواعه
الفتاوى بشأن صوم المرضى تدعم الآراء الطبية

عندما نتحدث عن مرض السكري فإننا نتحدث عن أعداد ضخمة ومشكلة ممتدة ومؤثرة على حياة الملايين من الناس، وعندما يأتي شهر رمضان ونراجع الإحصائيات نجد أن أكثر من 43% من مرضى السكري النوع الأول، و79% من مرضى النوع الثاني يصومون.
وهناك أكثر من 148 مليون مسلم مصابين بالسكري على مختلف أنواعه، لذلك فالتعامل مع أعداد كثيرة من البشر يريدون أن يمارسوا طقوسهم الدينية، يجب أن يكون باحترام رغبة المريض بكل الأحوال والظروف، ولكن ينبغي أيضا توضيح المخاطر على حياة هؤلاء المرضى ممن يصرون على الصيام رغم النصيحة الطبية بالتوقف عنه.
النصائح الطبية التي تعطى لمرضى السكري بشأن الصوم ليست اعتباطية أو مزاجية أو مجرد كلام، بل يجب التشديد على قاعدة طبية أساسية تم التأكيد عليها فقهيا ودينيا من جهات رسمية عليا ممثلة بدار الإفتاء المصرية وهي: التوافق باستمرارية الصوم يكون متزامنا مع معدل حدوث الخطر على حياة الانسان.
وعلى الطبيب الاعتراف بحساسية موضوع الصوم من الناحية الدينية، وينبغي أخذ هذا الموضوع في رمضان بشكل واقعي تطبيقي أي تقديم النصيحة الطبية المتوافقة مع واقع المريض الراغب بالصوم رغم كل ظروفه الصحية.

صوم مريض السكري يمكن أن يؤدي إلى حدوث الجفاف وارتفاع نسب الجلطات

والقاعدة الأساسية أن المريض الذي يعتزم الصيام عليه التعامل مع تنظيم مستويات السكر كحالة فردية خاصة تختلف عن أي مريض آخر للسكر يريد الصوم.
وبحالة الصيام لا توجد بروتوكولات محددة ثابتة تنفع مع كل مريض، ولكن هناك قواعد ونصائح عامة ويتم اعتبار كل حالة ضمن خطة محددة يتم إعطاؤها بترتيبات منفصلة للصيام.
لذلك ليس هناك خطة علاجية تجدي مع كل مريض فالبروتوكول العلاجي الرمضاني يختلف من مريض إلى آخر، وكل مريض لديه عوامل مؤثرة مختلفة وتاريخ شخصي مع مرض السكر مختلف عن المريض الآخر، وهناك نسبة كبيرة تختار الصوم رغم النصيحة الطبية بالامتناع عنه.
ومع قدوم شهر رمضان هناك تناغم لدور الطبيب وأيضا الهيئات الدينية الرسمية، ومن حسن الحظ تم إصدار فتوى رسمية عام 2016 من المفتي شوقي إبراهيم علام، صادرة عن هيئة رسمية عابرة للبلدان ولها مكانة مهمة عند المسلمين، هي دار الإفتاء المصرية، تتفق مع النصائح الطبية المعتمدة بخصوص صيام مريض السكري في رمضان، وهي تؤيد وتدعم وتربط الرأي الطبي بالموافقة الفقهية، مما يخلق حالة من الطمأنينة النفسية لدى المريض وأيضا تجعل الطبيب المعالج يتحرك بأجواء من الحماية الدينية الداعمة إذا صح التعبير.

يجب تقييم ظروف المريض الشخصية والاجتماعية ومراجعة تاريخ المريض وظروف صيامه في السنوات الماضية 

وعلى المستوى الطبي تكمن عوامل الخطر بانخفاض أو ارتفاع مستوى السكر، ومضاعفات ما يسمى طبيا بـ"الحماض الكيتوني السكري" وحدوث الجفاف وارتفاع نسب الجلطات، وهذه المخاطر تستدعي التقييم الطبي والسعي وراء النصيحة الطبية قبل بداية شهر رمضان.
ويمكن تقسيم مرضى السكري إلى ثلاث مجموعات رئيسية بناء على درجة الخطورة التي يتم قياسها وحسابها عن طريق معرفة نوع السكري المصاب به المريض: الأول أو الثاني أو سكري الحوامل، ومعرفة أنواع الأدوية المستخدمة وتقييم احتمالية حصول حالات هبوط السكر عند المريض ومعرفة مسألة وجود مضاعفات وأمراض أخرى مصاحبة للسكر كأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكولسترول والدهون، وكذلك يجب تقييم ظروف المريض الشخصية والاجتماعية ومراجعة تاريخ المريض وظروف صيامه في السنوات الماضية وتاريخه المرضي في ذلك الوقت.
وهناك مجموعة من مرضى السكري يواجهون خطورة عالية في حال الصيام، وهم الذين لديهم مستويات سكر غير منتظمة قبل شهر رمضان، والحوامل المصابات بالسكري الدائم أو سكري الحمل، ومرضى السكري المصابون بالفشل الكلوي وبحاجة الى غسيل كلوي منتظم وأيضا المصابون بفشل كلوي بمراحل متقدمة.
ومن ضمن هذه الفئة المهددة بالخطر، مريض السكر المصاب بمضاعفات مرضية شريانية، ومرضى السكر من النوع الأول، ومرضى السكر الذين يستخدمون الانسولين المخلوط، ومرضى السكر الذين يستخدمون الانسولين المتعدد مع كل وجبة غذائية، ومرضى السكر الذين يقومون بأعمال يدوية شاقة كأعمال البناء وخلافه، ومرضى السكر الذين لديهم أمراض عقلية أو نفسية مصاحبة ويستخدمون أدوية خاصة.
ويمكن اعتبار باقي مرضى السكري من غير المستويات المذكورة ضمن خطورة متوسطة أو قليلة، وهؤلاء يجوز لهم الصوم بشرط مراجعة طبيب السكر قبل وأثناء وبعد انقضاء فترة الصيام الرمضاني لترتيب وتغيير الأدوية وجرعاتها، وإعطائهم النصائح المهمة خاصة فيما يتعلق بالتغذية.
ونعود للتأكيد على أن هذه النصائح الطبية تدور في إطار العموميات، لكن الواقع يفرض علينا التشديد على أن كل مريض حالة منفصلة لها طريقة تعامل مختلفة.