منبر الشيطان

علينا أن نلاحظ مظاهر الغنى والترف لدى المعممين لنسأل من أين لكم كل هذا، وأنتم العاطلون عن العمل وأنتم العالة على المجتمع؟
ما يخالف النص القرآني يخالف تلقائيا منهج أهل البيت ولو كثر البكاء وجلد الذات
من على منبر ذهبي مرصع بالمجوهرات، جاهل يدعو الفقراء للزهد في الدنيا وانتظار الجنة
الإسلام ليس لديه بوليس سري يحميه وليست لديه أدوات وقاية إلا في القرآن الكريم

إن إقامة منبر من الذهب الخالص مرصع بالمجوهرات تحت عنوان إقامة وإحياء الأمر الديني، إن هو إلا انحراف عن الدين القويم، وفصل من فصول مسلسل الخيانة والسقوط الشخصي، لمن يعشق الخرافة والشذوذ بدلا عن اتباع ما أمرنا الله به، لأي سبب من الأسباب.

فمن يدعي التدين والالتزام بأداء الواجب الشرعي فإن من أوجب الواجبات عليه، أن يلتزم بالمعرفة القرآنية وتطبيقاتها، وما ثبتت صحته من حديث نبوي، وما لا يخالف سيرة أهل بيت النبوة، الذين هم تطبيق حركي للقرآن الكريم.

وما يخالف النص القرآني تلقائيا يخالف منهج أهل البيت، وغير هذا الكلام هو انحراف ومخالفة شرعية، وهو انعدام التدين، مهما بكى هؤلاء أو ضربوا أنفسهم بالسلاسل الحديدية، أو تمسحوا بأحذية الآخرين، أو أطلقوا على أنفسهم من المسميات الجديدة مثل "كلاب علي" أو "كلبات زينب"، أو زحفوا في القاذورات الطينية، أو بنوا المنابر الذهبية المرصعة بالمجوهرات، أو اعتمدوا شخصا غريب الأطوار في بريطانيا لترويج أكاذيبهم ونشر انحرافاتهم، وتبني ما كان يقوله المرتد سلمان رشدي ضد ديننا الإسلام ونبيه الأكرم.

أي سقوط أخلاقي يسعى إليه هؤلاء! فبالإضافة لما قاموا به من عمل مكروه لم يسبق لمسلم حقيقي أن مارس مثله من قبل، يصنعون منابر من الذهب الخالص المرصع بالمجوهرات ليصعد إليها جاهل، ويدعو الفقراء للزهد في الدنيا وتحمل الجوع والصبر على المأساة وانتظار الجنة في الآخرة.

إن ظهور "سلطان الطرب مع التاج المذهب" لينشر الأغنيات والردح المخالف للشريعة والمفتقر لأي معرفة قرآنية أو التزام أخلاقي ديني، لهو تصرف بعيد عن أهل البيت، سواء لفوا العمائم على رؤوسهم من غير دراسة او علم، أو مارسوا الغناء البكائي الاستعراضي كرواديد بقيادة سلطانهم المتوج أيضا من قبلهم، وهذا انحراف آخر ودليل سقوطهم وممارستهم ضد الإسلام.

أما من أقدم على إغلاق الحسينية وأزال المنبر، فلم يكن محصنا هو الآخر من الانحراف مع كل الأموال والثروة التي امتلكها، ومع مواكب سياراته التي تفوق مواكب أي زعيم دولة في العالم، فهذا الشخص كذلك يجب عليه أن يفصح ويقول للناس من أين جاءت له كل هذه الأموال؟ أما إغلاقه الحسينية وإزالته للمنبر من خلال نفوذه السياسي والاجتماعي وجماعاته المسلحة، فليس حصنا له من السؤال والمساءلة وهو "المتشقلب" في خدمة الاحتلال الأميركي للعراق الجريح.

فكيف لمن يقولون إنهم يتكلمون باسم الإسلام أن يعيشوا النزعة الفرعونية في حياتهم، والجاهلية مع ناسهم، وكيف يدعون للزهد في الدنيا وهم يعيشون البذخ غارقين في بحار الأموال، وهناك الملايين من الفقراء يبحثون عن شاطئ أمان ولقمة عيش تقيهم من الفقر والحاجة، وهم يشكلون أحزمة بشرية حول مدينة النجف الأشرف وكربلاء والكاظم، مع كل المؤسسات الخيرية التي تقول إنها مرتبطة مع هذه الأضرحة، وكل أموالها ومواقع مؤسساتها موجودة في مؤسسات خيرية في لندن ونيويورك!

أين تذهب الأموال وكيف يتم الإنفاق؟ وهل "الخيرية" كلمة يتم وضعها لكي لا يتم دفع الضرائب في هذه البلدان، أم أن العمل الخيري لا يتحقق إلا هناك، وليس لفقراء العراق، وهو أغنى بلد في العالم.

علينا نحن الفقراء من المسلمين أصحاب الحق، التصدي لمحاولات الهجوم على الإسلام من هذه الفيروسات المنحرفة التي تم توظيفها من أجهزة الغرب منذ زمن ليس ببعيد، لضرب الإسلام من الداخل بواسطة هذه الخزعبلات والأساطير وكل ما هو شاذ ومنحرف، يريدون إصباغ صفة شرعية عليه، وهو أساسا مخالف لكل آية من آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية والتاريخ والمنطق العقلي.

هذه الحالات الصنمية التي تعبد المال ليست محصورة  بـ"طبقة رجال الدين" وإنما هي موجودة في كل المجالات، والمصيبة أن الإسلام يحرم وينبذ الكهنوت الديني، وليس فيه زي خاص برجال الدين ولا ممثل طبقي خاص بالإسلام.

كما أن التبليغ الديني ليس وظيفة بل تكليف شرعي، والامام علي بن أبي طالب نفسه كان عاملا بالأجرة على نخيل الناس، وموقعه الديني تكليف شرعي وليس وظيفة للإعاشة الشخصية، فلماذا تملك هذه الجيوش من ممتهني البطالة والعاطلين عن العمل مع لفائف عمائمهم، كل هذه الأموال الطائلة وهم بلا وظيفة ولا عمل حقيقي؟

ولماذا كل هذا الصرف الباذخ والعيشة المترفة كأنهم قياصرة الروم أو أكاسرة الفرس، باسم علي بن أبي طالب، وهو أحد الذين حاربوا العروش والتيجان ودمروا قصور الطواغيت.

صحيح أن هناك شخصيات إسلامية عظيمة وعلمائية محترمة، عاشت الدين شعارا وفكرا وحركة وإخلاصا في التضحية، لكن هذا لا يعني القبول بوجود كهنوت ديني إذا صح التعبير، حيث لا يوجد ما يسمى رجال دين في الإسلام، ولكن الواقع المعاش فرض علينا وجود طبقة لرجال الدين رغم اختلافنا الشرعي حول مشروعيتها القرآنية.

فمن هؤلاء المفروضين علينا كـ"طبقة لرجال الدين" من هو مخلص، ومن هو نصاب، ومن هو عميل، ومن هو كذاب، ومن يفعل الفاحشة ويسرق... الخ، كأي بشر عاديين، فهؤلاء ليسوا مقدسين، ولعل ذلك ما يبرر وجود "محكمة خاصة لرجال الدين" داخل إيران، فليس كل من لف القماش حول رأسه مقدسا في تصرفاته، وليست العمامة دليل علم ومعرفة قرآنية.

وعلينا أن نلاحظ مظاهر الغنى والترف لدى مجموعة منهم لنسأل من أين لكم كل هذا؟ وأنتم العاطلون عن العمل وأنتم العالة على المجتمع؟

ما نريد التأكيد عليه أن هؤلاء ليسوا محصنين وليسوا ملائكة، وليسوا مقدسين، وليس لديهم ارتباط إلهي، فهؤلاء بشر مثل باقي البشر.

إنهم أشخاص في خدمة الاستخبارات الأجنبية من ناحية، ومنحرفون من ناحية أخرى، يبتدعون كل ما هو مخالف للقرآن والحديث النبوي والتاريخ والعقل، يلفون العمائم ويدّعون الالتزام بالإسلام وهو بريء منهم براءة الذئب من ابن يعقوب.

الإسلام ليس لديه بوليس سري يحميه، وليست لديه أدوات وقاية إلا في المعجزة الإلهية المستمرة في بقاء القرآن الكريم الإعجازي على مر الزمان بدون تغيير، وهو الشاهد على الأمة التي غيبته عن واقعها وحياتها.