في الكويت مشكلة اسمها الإعلام

التصويت الوطني الذي أتى بالبرلمان الجديد رد على التحريض الإعلامي خلال الحملة الانتخابية.
هناك من لا يخجل من عمل أي شيء من أجل المال او تفريغ عقدة الكراهية
التغيير يجب أن ينطلق من باب مختلف لا يسمح بـ"تكلس" الأشخاص في مواقعهم
ما كان يتم طرحه قبل الانتخابات عن الارتباطات القبلية والدينية يشكل انحرافا واضحا عن المسؤولية الإعلامية

الكويتيون قالوا كلمتهم وأرسلوا الرسالة من خلال تصويتهم للبرلمان الجديد. وفي تحليل الواقع السياسي الكويتي الحالي ثمة كلام كثير. ولكن بجزئية الإعلام نقول إن الإعلام مسؤولية، وهو انطلاقة لصناعة رأي محترم من هنا، أو نشر انحرافات من هناك، أو الترويج لما يمثل خطرا على الفرد والمجتمع، لذلك تعد اهميته مضاعفة.

فالإعلام سلاح ذو حدين، وما كان يتم طرحه في وسائل الإعلام قبل نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة من استخدام التقسيمات الاجتماعية من أصول أو انتماءات عائلية أو ارتباطات دينية وراثية كأساس للتصويت والترشح، كان يشكل انحرافا واضحا عن المسؤولية الإعلامية المطلوبة، وفي بلدان أخرى يعتبر هذا الطرح جناية وضربا للسلم الأهلي.

هذا الانحراف الإعلامي رد عليه الشعب الكويتي وأسقطه من خلال تصويته "الوطني" الأخير، والذي تجاوز كل هذه الانحرافات الإعلامية وشذوذ كلام شخص من هنا، أو ادعاءات أفراد من هناك على أنهم يقرأون الساحة السياسية أو يحللونها، من باب ادعاء السيطرة والمعرفة.

وللأسف الشديد هناك من لا يخجل من عمل أي شيء من أجل المال، وأيضا هناك من يعيش عقدة الكراهية والرغبة في نشر التفرقة والفتنة لعقد شخصية أو حالة من الشر الذاتية، لذلك قلنا عن هذا الكلام التقسيمي إنه انحراف وشذوذ إعلامي.

ومن الخطأ نقل مثل هذا الكلام المنحرف إلى منابر الإعلام، والشعب الكويتي رد عليه وقال كلمته وأخرس كل هذه الترهات، ونتائج التصويت شاهدة والأرقام لا تكذب ولا تتجمل. 

من هنا يجب المطالبة بالتجريم القانوني لمثل هذا الكلام، لما يمثله من أضرار على السلم الاجتماعي والأهلي.

وهذه مسؤولية الحكومة والبرلمان الجديد، حيث العمل المؤسسي أمر مطلوب وحيوي ويجب تفعيله بالواقع الكويتي، ولله الحمد انطلاقة الكويت من خلال حالة دستورية عززت تلك المسألة.

إذن من المؤسسة والعمل الجماعي والتجديد والابتعاد عن الشخصانية، علينا الانطلاق في أولوياتنا كدولة ومجتمع وأفراد.

الصراع ضمن اللعبة القانونية وفي داخل المؤسسة هو أمر إيجابي، وإن كانت هناك إثارة إعلامية من هنا أو تصريحات ساخنة من هناك، فالمسألة ضمن القانون، والتناقضات يتم حلها ضمن المؤسسة.

يبقى العمل الجماعي هو الركيزة، وتعزيز مبدأ "الوظيفة العامة" بعيدا عن الشخصانية وإسقاط الأشخاص لذواتهم وليس أدائهم المهني، بل إن التغيير يجب أن ينطلق من باب مختلف، وهو أن التبديل هو من سنن الحياة وقوانينها، وكذلك من عيوب الديمقراطية هي "تكلس" الأشخاص بهذا الموقع أو في ذلك المنصب، مما يلغي قانون التدافع إذا صح التعبير، والذي يصنع الحوار ويخلق رؤى جديدة ونظرة مختلفة.

 وهذا الأمر من سمات المجتمعات الحضارية، وهو التجديد والتجدد على عكس المجتمعات المتخلفة، حيث يتوقف التغيير وتصبح الرغبة العامة أن يبقى الحال على ما هو عليه ضمن عقلية تخاف من أي اختلاف أو تهرب عن ما هو غير معتاد.