'حادة وكريمو' يصوغ معاناة سكان دور الصفيح في قالب هزلي
الرباط - تدور أحداث فيلم " حادة وكريمو" حول أخوين يكافحان من أجل حياة أفضل في مدينة لا تشفق على سكانها، وحي لا يرحم أبناءه، في عمل يسلط الضوء على قضايا اجتماعية متنوعة في قالب فكاهي.
العمل من بطولة كل من دنيا بوطازوت في دور "حادة"، وربيع القاطي في دور "كريمو"، بالإضافة إلى فتاح الغرباوي، أسماء القرطوبي، إسماعيل بابويه، أنس البسبوسي، طارق البوخاري، صديق مكوار، طارق بادر، سعاد الوزاني، نعيمة بوحمالة، سعاد العلوي، وآخرين.
وتم مساء الأحد تقديم العرض ما قبل الأول للفيلم السينمائي "حادة وكريمو" للمخرج هشام الجباري في القاعة السينمائية "ميغاراما" في الدار البيضاء، ومن المنتظر أن يُعرض الفيلم، الذي تولت إنتاجه شركة "سبيكتوب" تحت إشراف المنتجة فاطنة بنكيران، ابتداءً من 04 ديسمبر/ كانون الاول 2024 في مختلف قاعات العرض السينمائية، وفي هذا السياق كان لموقع "ميدل ايست اونلاين" حوار مع المخرج هشام الجباري حول كواليس فيلمه الجديد، وفيما يلي نص الحوار:
ما هي الفكرة الرئيسية التي يعتمد عليها فيلم "حادة وكريمو"؟
تدور حول صراع الأخ "كريمو" من أجل حماية شقيقته الشقية "حادة" المصابة بإعاقة صماء، وسط بيئة قاسية مليئة بالتحديات الاجتماعية والاقتصادية، حيث يحاول الأخ أن يحميها من أذى الجيران والمجتمع الذين يحيطون بهم، في ظل ظروف معيشية تفتقر إلى الأمان والعدالة.
كيف تم اختيار أحياء دور الصفيح كمكان لحدث الفيلم؟ وهل كانت هذه البيئة ضرورية للقصة؟
كان خيارًا استراتيجيًا يعكس طبيعة الصراعات اليومية التي يواجهها الأبطال، فهذه البيئة غير المنظمة توفر سياقًا دراميًا مناسبًا لتصوير المعاناة الحقيقية، مثل النصب والاحتيال الذي تعرض له الأخ من قبل عون سلطة استغل منصبه لتحايله على "كريمو" وسلبه فرصة الحصول على سكن لائق، فالبيئة هنا عنصر حيوي في تعميق المأساة وتسليط الضوء على القضايا الاجتماعية في الاحياء الفقيرة.
الفيلم يتناول قضايا اجتماعية مثل التهميش و الشعودة والأعمال غير المشروعة، ما الهدف من طرح هذه المواضيع؟
الوقوف على مجموعة من القضايا الحساسة، بما في ذلك استغلال الدين في الشعوذة والعلاج بالاعشاب، وتجاوزات أعوان السلطة مثل الرشوة والابتزاز، إضافة إلى الجرائم الاجتماعية مثل السرقة، وزنا المحارم، والعلاقات غير الشرعية، وزواج الإكراه، والمعاناة المتراكمة التي يعيشها سكان دور الصفيح، والدعوة إلى مواجهة هذه الظواهر بشجاعة لتحقيق العدالة الاجتماعية.
كيف اخترت أبطال الفيلم؟
أثناء كتابة السيناريو، كان لدينا تصور واضح عن طبيعة الشخصيات التي نرغب في تقديمها، فاخترنا الممثلة دنيا بوطازوت لأنها تتميز بقدرتها العالية على تقمص الأدوار المتنوعة ، وهي معروفة بأنها ممثلة تمتلك حسًا قويًا للشخصية التي تؤديها، أما الممثل ربيع القاطي، فقد كان لدينا يقين بأنه قادر على تقديم هذا الدور بشكل مميز، خاصةً أنه دور يختلف عن ما اعتاد عليه الجمهور، مراهنّا على إمكانياته التمثيلية الواسعة، وفعلاً تمكن من إضفاء عمق جديد على الشخصية وأبدع في أدائها بما يفوق التوقعات.
هل كان من الصعب الجمع بين عناصر الكوميديا والدراما في الفيلم؟
ليس بالأمر السهل ولكنه في رأيي عنصر أساسي لجذب الجمهور، فدائمًا ما أسعى إلى المزج بين هذين العنصرين لأن الكوميديا تضفي خفة وروحًا على العمل، في حين أن الدراما تمنحه العمق والجدية اللازمة، فالتحدي يكمن في تحقيق توازن دقيق بين الجانبين دون أن يطغى أحدهما على الآخر،كما استخدمت أسلوب المزج هذا في بناء المشاهد بحيث تكون المشاعر متدفقة بين الضحك والتأثر، وهو ما يمنح الفيلم روحًا مميزة تجعل الجمهور يتفاعل معه على مستويات متعددة، فبالنسبة لي السينما هي متعة شاملة تجمع بين الجانبين لتقدم تجربة متكاملة.
الفيلم ينتمي للصنف التجاري، فهل كان هدفك جذب جمهور معين؟
أنا أؤمن بأن السينما وجدت لتصل إلى الجمهور، فهي وسيلة للتواصل مع مختلف فئاته، ولا أعتقد أن التصنيفات بين الأفلام التجارية وغير التجارية يجب أن تكون عقبة أو معيارًا صارمًا، فحتى سينما المؤلف التي تعتبر أكثر تخصصًا موجهة في النهاية للجمهور، وفي هذا العمل، كان هدفي تقديم عمل يمكن أن يستمتع به أكبر عدد ممكن من المشاهدين، حيث ركزت على تقديم قصة مثيرة ومليئة بالمواقف التي تمس الحياة اليومية للجمهور وتحرك مشاعره، مع الحرص على استخدام تقنيات بصرية وسينمائية تضيف المتعة.
هل واجهت صعوبات مادية خلال عملية الإنتاج؟
الإنتاج دائمًا ما يواجه تحديات مادية، خاصة في صناعة الأفلام التي تحتاج إلى توازن دقيق بين الميزانية المتاحة وجودة العمل، وبالنسبة لهذا الفيلم كان الإنتاج خاصًا ومن تنفيذ شركة "سبيكتوب" المملوكة للسيدة فاطنة بنكيران، ما أتاح لنا مساحة من الحرية الإبداعية، وسبق وأن كانت تجربتي معها في فيلم "أنا ماشي أنا" ناجحة جدًا، وهذا زاد من ثقتها في هذا المشروع، فأمنت بفكرة "حادة وكريمو" منذ البداية وعملنا بروح فريق متكامل لتجاوز أي عقبات مادية قد تطرأ، فالاعتماد على خطة إنتاج مدروسة ودعم فريق العمل كانا أساسيين في إنجاح المشروع دون التضحية بجودة الفيلم.
ماذا أضاف لك هذا الفيلم من تجربة جديدة كمخرج مقارنة بأعمالك السابقة؟
كل عمل جديد هو خطوة إضافية في مسيرتي المهنية كمخرج، يحمل في طياته تحديات وفرصًا للتعلم،و في هذا الفيلم كان الجديد يتمثل في طريقة أداء الممثلين، حيث حرصت على تقديمهم للجمهور بشكل مختلف تمامًا عن أدوارهم السابقة، كما اشتغلت بشكل مكثف على المزج بين الكوميديا والدراما، وهو تحدٍّ كبير يتطلب إتقان التنقل بين المشاهد الهزلية التي تسعى للترفيه والمشاهد الدرامية ذات العمق الاجتماعي القوي، وهذا الأسلوب أضاف لي بُعدًا جديدًا في إدارة الإيقاع السينمائي وبناء المشاهد بشكل يجعلها أكثر تأثيرًا على المتلقي.