حميد سعيد في وجدان الوطن

شهد العسل ليس بالضرورة ان تصف تذوقك له للقراء، فهو معروف، وهكذا هو اديبنا العراقي متعدد المواهب.

شاعرنا المجيد  حميد سعيد  أعرفه منذ يفاعتي، ورغم التباعد الذي اوجبته  ظروف العمل  في سابق الزمن ولاحقه، غير اني اشعر بالتصاق عجيب  نحوه.. التصاق مبن على معرفة  بان انسانيته تسير معه، وتسكن قلبه، وارى ان شعاره هو: إذا أردت أن تزرع لسنة فأرع قمحا. وإذا أردت أن تزرع لعشر سنوات، فازرع شجرة. أما إذا أردت أن تزرع لمئة سنة فازرع إنسانا.. نعم هذه رؤاه للإنسان والانسانية، لذا بقى اسمه شمسا تنير دروب الباحثين عن سعادة الذات وحب الوطن،  فالإنسانية عند ابي بادية، لا تُرثى فهي حيةٌ تُرزَقْ في وجدانه وفي قلوب الأتقياء  وإنْ قَلّوا.. وصدق الكبير فولتير بقوله ان الابتسامة تذيب الجليد وتنشر الارتياح وتبلسم الجراح: انها مفتاح العلاقات الانسانية الصافية.. ودون ان اعايش يومياته، لكني اتصور انه  يسمع  في  كل يوم قليلاً من الموسيقى، ويقرأ قصيدة جيدة، ويرى صورة جميلة، ويقول  كلمات لمن حوله من محبين  ملآى بالحكمة وعمق المعاني ، ثم يتجه الى صياغة جوهرة من شعره البهي .

اعرف ان كسر الارادة  الشخصية، يؤدي بالمرء الى الغضب، فكيف اذا الامر يخص محاولة كسر ارادة وطن وشعب.. اكيد ان ذلك يثير مشاعر غضب عظيم، ظاهره اقل من غاطسه.. وشخصيا، اجد في حديث وشعر ووجدان حميد سعيد، بركانا من غضب مخبوء، وعتب على التاريخ.. انه عراقي وعربي من نوع متجذر في عمق الامة ذات التاريخ والحضارة المعروفة..

ومع كثرة لقاءاتي بالمبدعين، واجرائي لقاءات صحفية مهمة مع اسماء كبيرة مثل نجيب محفوظ ومحمد حسنين هيكل ونزار قباني وشاكر مصطفى، وكلها منشورة  وضمها كتابي "السنين إن حكت"  لكني لم أجرؤ على اجراء حوار مع حميد سعيد، فشهد العسل ليس بالضرورة ان تصف تذوقك له  للقراء، فهو معروف، وهكذا هو اديبنا متعدد المواهب حميد سعيد.. ومع قناعتي، التي تحاكي مسيرتي المهنية ان الحوار وسيلة للتعبير عن الرؤية المتعددة ، وايضا هو اللغة المعترضة التي تقع وسطاً بين المناجاة واللغة الصحفية وهو هنا مقتضب ومكثف، يعتمد على التنقل بين فعل الحكي في الماضي والمضارع  "قال- قلتُ"، "قال- أقول"، لكن مع حميد سعيد الامر اعمق من ذلك كما اعتقد.

 ان خبر صدور مجلدات تضم ما كُتب عن الشاعر الكبير بعدة أجزاء، هو خطوة مهمة، فهي ستكون برسم الباحثين، ومفتاح  لهم، في بحوثهم عن شاعرية حميد سعيد،  وكذلك  تتيح لطلاب  الماجستير والدكتوراه فرصة، لكتابات  اطروحاتهم عن الشاعر،  وهي مجلدات قام بتهيئتها البروفيسور عبد الستار الراوي والزميل سلام الشماع.. لهما التحية والسداد.