خالد اليوسف يتابع حركة نشر الشعر العربي في الجزيرة العربية

حركة تأليف كتب الشعر العربي في الجزيرة العربية بدأت تتكون وتتراكم بعد عام 1920.
اليوسف لم يشر إلى معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين الذي صدرت طبعته الأولى عام 1995 وضم 1645 شاعرا
أول ديوان في الجزيرة العربية صدر في عام 1882، وهو "ديوان الطبطبائي" لعبدالجليل الطبطبائي وطبع في بومباي بالهند
الشعر العربي بات في حالة استقرار وعطاء وتجدد، فانهمرت القصائد والمقطوعات الشعرية الخليلية، وشعر التفعيلة، وقصيدة النثر
حركة الترجمة ونقل الشعر العربي في الجزيرة العربية إلى اللغات الأخرى لم يتأت إلا بعد ظهور قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر

على الرغم من قلة عدد الصفحات التي تابع فيها الباحث والببليوغرافي السعودي خالد أحمد اليوسف حركة نشر الشعر العربي في الجزيرة العربية، فإنه استطاع أن يلم إلماما كبيرا بتلك الحركة منذ نشأتها وحتى تاريخ صدور التقرير الأول لحالة الشعر العربي الذي أصدرته أكاديمية الشعر العربي بجامعة الطائف السعودية 2019.
فمن خلال اثنتي عشرة صفحة من صفحات التقرير البالغة 900 صفحة، وضع اليوسف بانوراما كاملة لحركة النشر في تلك المنطقة الجغرافية في عالمنا العربي، موضحا في البداية أن الشعر العربي كان هو المنشور الأول بعد كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، عند العرب، وأن حركة تأليف كتب الشعر العربي بدأت تتكون وتتراكم في تلك المنطقة بعد عام 1920، ومن ذلك كتاب "تاريخ الكويت" الصادر عام 1926 وتحدث فيه عبدالعزيز الرشيد عن الشعر في الكويت، بالإضافة إلى كتاب "أدب الحجاز" لمحمد سرور الصبان 1925، وكتاب "وحي الصحراء" لمحمد سعيد عبدالمقصود خوجه وعبدالله بلخير 1936 وغيرها.
ويعتبر عام 1970 التاريخ الفيصل لإصدار الدواوين الشعرية الخاصة بكل شاعر، إذ بدأت بعده تنتشر بصورة واضحة وكبيرة، أما قبل ذلك فكانت قليلة جدا، موضحا أن أول ديوان في الجزيرة العربية صدر في عام 1882، وهو "ديوان الطبطبائي" لعبدالجليل الطبطبائي وقد طبع في بومباي بالهند.

خالد اليوسف لا يغادر بحثه حتى يضع بين أيدينا رؤيته للمستقبل المأمول لحركة النشر والتأليف للشعر العربي في الجزيرة العربية من خلال أكاديمية الشعر العربي

وفي انتقالة سريعة لفترة السبعينيات يوضح اليوسف أن الدواوين الخاصة بالشعر العربي في الجزيرة العربية جاوزت ثلاثمائة ديوان شعري في جميع دول تلك المنطقة. أما بعد 1980 فالأمر مختلف تماما، لأن الشعر العربي بات في حالة استقرار وعطاء وتجدد، فانهمرت القصائد والمقطوعات الشعرية الخليلية، وشعر التفعيلة، وقصيدة النثر، وقد تكون تجاوزت الألف ديوان شعري، وانعكس هذا على عدد الرسائل الجامعية (الماجستير والدكتوراه) المتخصصة في الشعر في دول الجزيرة العربية، فبلغت في الشعر السعودي وحده مائة وخمسين رسالة علمية، معظمها تحوّل إلى كتب ثقافية أدبية ونقدية، وأصبحت مرجعا للدارسين والباحثين في الشعر السعودي.
ويتوقف خالد اليوسف عند الجهات الرسمية التي عُنيت بنشر الشعر العربي، مثل الأندية الأدبية في السعودية، واتحاد الأدباء أو رابطة الأدباء في بقية دول الجزيرة العربية التي أولت الشعر العربي الاهتمام الكبير نشرا وطباعة في مجموعات شعرية، وكذلك الدراسات الخاصة بالشعر. 
أما المهرجانات الخاصة بالشعر فيوضح اليوسف أن الشعر جاء ضمن مهرجانات أخرى، مثل مهرجان الجنادرية في السعودية الذي انطلق عام 1985، وسوق عكاظ بالطائف الذي انطلق عام 2007 ومسابقة أمير الشعراء في أبوظبي وانطلقت عام 2007 ومهرجان القرين الثقافي بالكويت الذي انطلق عام 1994، ومهرجان الشعر في سلطنة عمان، وغيرها. 
ويوضح الباحث الببليوغرافي أن حركة الترجمة ونقل الشعر العربي في الجزيرة العربية إلى اللغات الأخرى لم يتأت إلا بعد ظهور قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر، موضحا أن ترجمة الشعر إلى عدد من اللغات بدأت باللغات القريبة من اللغة العربية، ومنها اللغات الشرقية، الفارسية والهندية والتركية وغيرها، وكانت بجهود فردية انتقائية خاصة، مشيرا إلى مشروع الدكتورة سلمى الخضراء الجيوسي في الترجمة "بروتا" الذي بدأ عام 1987 وكتابها "أدب الجزيرة العربية"، واحتوى على ترجمات 95 شاعرا وقاصا وصدر طبعته الأولى عام 1988 ثم طبعته الثانية 1990، ذاكرا عددا من شعراء الجزيرة العربية الذين تُرجمت بعض قصائدهم إلى عدد من اللغات، بل أن هناك من صدر له أكثر من ديوان باللغة الإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية وغيرها من اللغات.
كما أشار اليوسف إلى مرحلة ظهور الدواوين الشعرية على شكل المجموعة الشعرية الكاملة، أو الأعمال الشعرية الكاملة منذ عام 1984 وكانت أول مجموعة للشاعر السعودي محمد إبراهيم جدع. مشيرا إلى دورة اثنينية الخوجة (محمد سعيد عبدالمقصود خوجة) بمدينة جدة السعودية، وقد صدر عنها عشرات الأعمال الكاملة شعريا ونثريا، وصلت إلى واحد وعشرين عملا.
ويتوقف خالد اليوسف عند ثورة التقنية والاتصالات التي فتحت بابا واسعا لنشر الشعر العربي على شبكة الإنترنت وفي أقرص مدمجة، فأنشئت المواقع الخاصة والعامة منذ منتصف التسعينيات، مشيرا إلى موقع "جهة الشعر" الذي أسسه ورعاه الشاعر البحريني قاسم حداد، وهو موقع مهم في رعاية القصيدة الحديثة وقصيدة النثر، وموقع "جسد الثقافة" وهو موقع يشمل جميع الفنون الأدبية والثقافية، إلا أنه اهتم كثيرا بالشعر العربي.
أيضا أشار اليوسف إلى وكالة أنباء الشعر التي تأسست عام 2017 (وأعتقد أنها تأسست قبل ذلك التاريخ)، وموقع القصيدة . كوم، والموسوعة الشعرية التي أطلقتها دار الكتب في أبوظبي وصدرت عام 1998 وأعيد إصدارها وتدشينها بصورتها الجديدة في مارس/آذار 2016، وتضم الموسوعة حاليا نحو 3 ملايين بيت ضمن 143000 قصيدة في 3080 ديوانا. 

The case of Arabic poetry
تعدد المنافذ والأبواب 

فضلا عن موقع أدب . كوم الذي أطلق الموسوعة العالمية للشعر العربي منذ عام 1798 إلى وقتنا هذا، ووصل عدد شعرائها إلى 675 شاعرا، و59034 قصيدة، و1325303 بيتا من الشعر.
ويرى الباحث أن هذه النتائج المتاحة للشعر العربي في الفضاء الإلكتروني والعالم الافتراضي أدت إلى توسع غير مسبوق للشعر العربي، وحصد إيجابيات كثيرة، خصوصا أن معظم هذه المواقع تتضمن الكلمة والصوت والصورة، وهو يؤكد أن هذا سبب من أسباب تراجع طباعة الدواوين الشعرية الورقية. فوسائل النشر الإلكتروني وتعدد المنافذ والأبواب التي يتم الدخول إليها سهلت للباحث والمتابع الوصول إلى الشعر العربي أينما كان، وبكل الوسائط وعبر جميع الأجهزة بضغطة زر واحد، وهذه الخاصية العظيمة ساهمت في عدم الاهتمام بالكتاب المطبوع، ولم يعد له أهمية عند كثير من المتابعين، غير أن ولوج هذا الباب أبعد باحثنا خالد اليوسف عن المنطقة الجعرافية التي يتحدث عنها في بحثه، ليتحدث عن نشر الشعر العربي عموما، فمواقع الفضاء الإلكتروني والموسوعات الشعرية المدمجة لم تتخصص في نشر الشعر طبقا للمنطقة الجغرافية، وإن كان هذا التقسيم من السهولة اكتشافه بعمليات احصائية أو لينكات داخلية لاكتشاف شعراء كل دولة على حدة، وهو ما لم يفعله خالد اليوسف بالنسبة للنشر الإلكتروني للشعر العربي في الجزيرة العربية.
وهو يعود مرة أخرى إلى النشر الورقي موضحا أن جامعة أم القرى بمكة المكرمة أصدرت موسوعة الشعر العربي عام 1998 وجاءت في ثمانية مجلدات، غير أنه أيضا لم يحدد نصيب شعراء الجزيرة العربية (موضوع بحثه أو تقريره) من هذه المجلدات، والكلام نفسه ينطبق على معجم الشعراء من العصر الجاهلي حتى سنة 2002 لكامل سلمان الجبوري وجاء في سبعة مجلدات وصدر عام 2003، كما أشار إلى معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين وجاء في 25 مجلدا وصدر عام 2009، غير أنه لم يشر إلى معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين الذي صدرت طبعته الأولى عام 1995 وضم 1645 شاعرا، وصدرت طبعته الثانية 2002، كما صدرت طبعة ثالثة – بعد عشر سنوات من صدور الطبعة الثانية - بزيادة كبيرة في عدد الشعراء المعاصرين، ومع الطبعتين الثانية والثالثة أسطوانة مدمجة، ومن خلال فهارس المعجم نستطيع أن نحدد عدد شعراء كل بلد وكل منطقة جغرافية، وهو ما لم يشر إليه خالد اليوسف.
لقد وصلت دواوين الشعر إلى الآلاف فضلا عن عشرات الرسائل الجامعية والكتب النقدية في جميع دول الجزيرة العربية، وقد أشار اليوسف إلى مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي بالكويت التي افتتحت عام 2006 متضمنة 148574 كتابا متخصصا في الشعر العربي حتى عام 2011 وبالتأكيد زادت هذه الغلة زيادة كبيرة وتصاعدت بعد ذلك.
ولا يغادر خالد اليوسف بحثه حتى يضع بين أيدينا رؤيته للمستقبل المأمول لحركة النشر والتأليف للشعر العربي في الجزيرة العربية من خلال أكاديمية الشعر العربي مقترحا إنشاء إدارة معنية بالطباعة والنشر تتبعها وحدة الدواوين الشعرية، ووحدة الدراسات الشعرية، ووحدة الببيلوغرافيا، ووحدة الترجمة من وإلى الشعر العربي، ويضاف إلى هذه الإدارة إدارة أخرى للنشر والتأليف الإلكتروني يتبعها وحدة موقع الأكاديمية الإلكتروني، ووحدة قواعد المعلومات، ووحدة التواصل الاجتماعي.