د. محمد عزب ود. مي موافي ثنائية متميزة في ترجمة أدب الرحلات

منى لملوم تحاور شخصيتين أكاديميتين مصريتين تعاونا في ترجمة العديد من الكتب، وما زال هناك المزيد في طور الترجمة.
هذه خطواتنا في الترجمة، وهناك فرق بين طريقة كل منا في الترجمة
هناك منتج ضخم من أدب الرحلات يجب أن نتصدى له
أدب الرحلة مفيد للباحثين في علوم التاريخ والجغرافيا والاجتماع
اختيار الكتاب هو أهم وأصعب مرحلة في الترجمة
'ذكريات أميرة مصرية' وصل للقائمة القصيرة لجائزة رفاعة الطهطاوي للترجمة في 2019

كان مديرها بعد تخرجها من الجامعة، عملا سويا في تدريس اللغة الإنكليزية، ثم اشتركا سويا في ترجمة العديد من الكتب، حتى أنه أصبح يميل لفكرة بصمة المترجم التي تفضلها هي، بعد إيمانه بمدرسة الترجمة الحرفية، ركزا في عملهما المشترك على ترجمة أدب الرحلات، ولكن قد نقرأ لكل منهما كتابا في أدب الرحلات من تأليفه، خاصة ولكل منهما تجارب متعددة في السفر.

تذكر كيف تباينت مشاعرها أثناء ترجمة كتب من زاروا مصر بين السعادة حين يذكروا محاسن المصريين، وبين الحزن حين يذكروا بدعا كانت سائدة.

حوار مختلف مع شخصيتين أكاديميتين، تعاونا في ترجمة العديد من الكتب، وما زال هناك المزيد في طور الترجمة، هما د. محمد عزب، وهو أستاذ مساعد الأدب الإنكليزي "المنتدب" بكلية التربية، جامعة الإسكندرية، وجامعة فاروس، والأستاذ المساعد بجامعة الملك سعود وجامعة شقراء، نشر له قرابة 30 كتابا، تنوعت بين الرواية والترجمة.ووصل كتابه المترجم بالاشتراك مع د. مي موافي "ذكريات أميرة مصرية" للقائمة القصيرة لجائزة رفاعة الطهطاوي للترجمة عام 2019.

ود. مي موافي، وهي مدرس اللغويات والترجمة بقسم اللغة الإنكليزية وآدابها والترجمة الفورية بكلية الدراسات الإنسانية، جامعة الأزهر، مدرس زائر بجامعة ميريلاند بضاحية بلتيمور بالولايات المتحدة الأميركية 2019، وباحث زائر بجامعة نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية 2014، كتبت وشاركت في كتابة حوالي 10 كتب.

وكان لي معهما هذا الحوار:

اشتركتما سويا في ترجمة العديد من الكتب، ما هي آلية العمل المشترك بينكما، وما أكثر الصفات التي تساعدكما في تسيير العمل وهذا التعاون؟

د. مي موافي: لقد كان من حسن حظي بعد تخرجي مباشرة أن أعمل مع دكتور محمد عزب وكان مديري آنذاك وكنا حينها نعمل في مجال تدريس اللغة الإنكليزية، ولكن حبي للترجمة جعلني أقترح أن نعد كورس لتدريس الترجمة وبالفعل تعاونا سويًا لإعداد هذا الكورس وكنا ندرسه معًا. في هذه الأثناء لمست في د. محمد عزب التواضع الجم والاحترام والعلم الغزير، وقد شجعنا هذا على الاشتراك في أول كتاب لنا عن تعلم اللغة الإنكليزية وبعدها بدأنا في الكتب المترجمة. نحن نؤمن بقوة الفريق وتبادل الخبرات وبالفعل أعتقد أن هذا التنوع في التخصص هو ما يميزنا فكل منا له باع طويل في تخصصه وهذا هو ما يُثري النقاش ويؤدي إلى منتج نهائي ماتع ورصين ويبدو وكأنه نص أصلي وليس مترجمًا.

د. محمد عزب: بالنسبة لآلية العمل، فبعد انتقاء الكتاب والانتهاء من الإجراءات الخاصة بحقوق الترجمة وخلافه نبدأ في تحديد أنصبة كل منا من الترجمة. خلال الترجمة نبني مسردا ذهنيا لترجمة المصطلحات والكلمات الخاصة بموضوع الكتاب الأمر الذي يساعدنا على توحيد المصطلح والألفاظ الخاصة. نستشير بعضنا البعض خلال عملية الترجمة بصفة دورية فيمايشكل علينا من جملٍ أو معان. عادة ما يقوم كلانا بالبحث والتقصي ثم نعود لبلورة وتشذيب ما وصلنا إليه. التواصل عبر شبكة الإنترنت ساعد ولا ريب في التواصل المستمر وكذا البحث والتنقيب عما قد يستراب أو يلتبس من مفردات. يحضرني هنا واقعة لطيفة حيث صادفت الدكتورة مي كلمة "عبد الإلاوي" في سياق نداءات لباعة الفاكهة في شوارع مصر. طبعا لا يوجد اسم لهذا النوع من الفاكهة في الوقت الحالي. ببعض البحث والاستدلالأسعفنا الجبرتي بأنه اسم قديم للعجور أو الكنتالوب. بعد الانتهاء من الترجمة يراجع كل منا على الآخر حتى يتماهى الأسلوبان وتزول الفوارق الشخصية. والمراجعة على أي حال أمر مفيد لتلافي الأخطاء الهجائية والقواعدية. تعتبر هذه المراجعة الثانية للمخطوطة لأن عملية الترجمة نفسها تحتوي على مرحلة المراجعة الشخصية. وهنا يحضرني بون بين طريقة قيامي بالترجمة مقارنة بزميلتي الدكتورة مي حيث أفضل الترجمة بالقلم الرصاص والممحاة والدفتر أو الترجمة على ورقة النص الإنكليزي بينما تميل الدكتورة للترجمة مباشرة على شاشة الحاسوب. يعكس هذا الاختلاف ربما فارق السن بيننا حيث اعتاد جيلي الترجمة على هذا النحو. وأما عن الصفات التي تساعدنا على إنجاح مهمتنا هي الاحترام المتبادل والرصيد الكبير من الزمالة الطويلة، دع جانبا الصبر، وتحمل الآخر، والمناقشة الموضوعية، وتبادل الأدوار، وتوزيع المهام. وهنا يتعين علي أن أشيد بدور الدكتورة في إنهاء كافة الأمور المتعلقة بالأمور الإدارية نظرا لوجودي فترة طويلة خارج مصر. من الصفات الأخرى المثابرة والمناقشة الموضوعية والاستعداد للتنازل عن بعض الأفكار حال الاقتناع بوجهة نظر الطرف الآخر.أخيرا يجب الإشارة إلى أن تنوع تخصصاتنا ساعدنا كثيرا في إنتاج ترجمة أقول- وشهادتي مجروحة-إنها متميزة. تخصص الدكتورة مي اللغويات والترجمة بينما تخصصي هو الأدب. من المفيد حقا مزج أساليب الترجمة والاستفادة من نظرياتها مع العبارة الرشيقة واللفظ الجذل. ربما ساعدنا أيضا أن كلانا مهتم باللغة العربية ومحب لها. مررنا بتجارب شيقة في ترجمة بعض الكلمات فاتنا أن نسجلها للفائدة بما أن كلانا يمتهن التدريس بالجامعة، لكنها كانت ممتعة وشيقة. إن الوصول للترجمة الصحيحة الدقيقة أو تفكيك جملة من لغة المصدر يعد نصرا يجلب متعة ونشوة غامرة لا يشعر بها إلا أصحاب المهنة. الترجمة عمل مضني والمترجم يحترق أحيانا ليعالج مآزق اللغة ومعضلاتها، لكننا نسعد بالتعاون والعمل معا.

د.محمد عزب
نشر له قرابة 30 كتابا تنوعت بين الرواية والترجمة

أغلب ما قمتما بترجمته سويا يصنف في "أدب الرحلات"، فما سر تركيزكما على هذا النوع من الأدب؟

د. محمد عزب: يتميز أدب الرحلات بأنه يجمع بين السرد الروائي والمكان والزمان وبالتالي فقد اجتمعت له عناصر العمل الدرامي وفقا لنظرية أرسطو. المسافر الذي يكتب يومياته أو خطابات لأهله أو يدون ما يمر به من تجارب هو بطل العمل الذي يصف ما حوله من مشاهد وينقل للقارئ رؤيته. هو أيضا حكم على المصداقية في نقل الصور والمشاهدات التي يمر عليها. قد يكون متحيزا. قد يكون محبا.

قد يكون متهكما. قد وقد، لكنه في النهاية يبقى شاهدا يدلو بدلوه ومهمتنا ومهمة الآخرين التحقيق والتفنيد. يجب أن نعترف أن الرواية نشأت من رحم أدب الرحلة، وحتى بدايات الرواية في القرن السابع عشر الميلادي في إنجلترا كانت عبارة عن رواية الرحلة سواء "روبنسون كروزو" أو "جليفر". لطالما اعتقدت وأظن أني محق أنه إذا لم يستمتع المترجم بما يترجمه فإنه لن يخرج شيئا جميلا. الحقيقة أنني أستمتع بترجمة خواطر الرحالة وتعليقاتهم واندهاشاتهم وانطباعاتهم وأظن أن الدكتورة مي تشاركني نفس الشعور. يجب ألا ننسى أيضا أن مصر وجهة سياحية وقبلة للرحالة من مئات السنين. هناك منتج ضخم من أدب الرحلات يجب أن نتصدى له.

من واجبنا أن نتعرف على هؤلاء الرحالة وكيف شاهدونا وهل تغيرنا. صحيح أنه توجد بعض الأحيان إساءات ومغالطات، لكنمن واجبنا أيضا أن نرد عليها ونوضح الصحيح من السقيم فيها.

نقطة أخيرة أحب أن أروها وهي أن أدب الرحلة جد مفيد للباحثين في علوم التاريخ والجغرافيا والاجتماع وخلافه، هو مفيد أيضا للقائمين على الأفلام والمسلسلات التاريخية حيث يوثق لكثير من الأحداث ناهيك عن التفاصيل الأخرى الخاصة بالملابس والأماكن وخلافه.

 ما هي أسس اختياركما للعمل الذي تقومون بترجمته؟

د. مي موافي: اختيار الكتاب هو أهم وأصعب مرحلة في الترجمة. ولابد أن أشيد في هذا المقام بالجهد الجهيد الذي يضطلع به د. محمد عزب في هذا الصدد. في بداية عملنا سويًا كان الفضل لد. محمد عزب في اختيار أول كتاب مترجم لنا سويًا "الحياة في البلاط الملكي المصري" كما كان له الفضل أيضًا في طرح فكرة الكتب التي تتبع الرحلة عبر عصور مختلفة وهو ما يسمى بـ "الترجمة الطولية" مثل كتاب "إلى القاهرة عبر ميناء الإسكندرية" الذي يرصد الرحلة من ميناء الإسكندرية وصولاً إلى القاهرة عبر أكثر من قرن من الزمان.

هناك العديد من الأسس لاختيار الكتاب، في البداية نتناقش في موضوع الكتاب الذي نرغب في ترجمته وبعدها نتأكد من ملائمته للترجمة من حيث المحتوى وحقوق النشر وخلافه.

في بعض الأحيان يستغرق البحث عن كتاب جديد عدة أشهر نواصل البحث فيها وتبادل الرؤى عن عدة كتب ونظل نستبعد واحدًا تلو الآخر حتى نصل إلى الاختيار النهائي. أود هنا أن أشير إلى تجربة فريدة قمنا بها في كتاب "الرحالة البريطانيون والأمريكيون في مصر (1673-1916) مقتطفات من مشاهداتهم" الذي صدر عن مكتبة الإسكندرية في عام 2021. هذا الكتاب يضم مختارات من 500 كتاب ل 500 رحالة زاروا أرض المحروسة وخطوا عنها في كتاباتهم. لقد استغرق إعداد هذا الكتاب عام بأكمله للبحث عن الرحالة وحصر الكتب واختيار مقتطف من كل كتاب منهم. وقد لاقت هذه الفكرة استحسان لجنة الترجمة بمكتبة الإسكندرية ونُشر الكتاب وظهر للنور في العام الماضي وهنا أود أن أتوجه بخالص الشكر والتقدير للأستاذ الدكتور مصطفى الفقي الذي شرفنا بكتابته تصدير للكتاب، وسعادة السفيرة فاطمة الزهراء عتمان، وأستاذةألفت جافور وفريق النشر بالمكتبة وعلى رأسهم أستاذة مروة عادل على كل ما قدموه من دعم وتقدير.

هل فكرتما أو لدى أحد منكما مشروع لتأليف كتاب في "أدب الرحلات"، خاصة ولديكم تجارب في السفر بالفعل، بالإضافة لقراءاتكم وترجماتكم في أدب الرحلات؟

د. مي موافي: الفكرة مطروحة وربما ننفذها يوما ما. أتوقع أن يُقدم د. محمد عزب على هذا الأمر فهو كاتب وروائي وله عدة روايات منشورة، كما أن له العديد من الكتب في الأدب والنقد الأدبي وربما يشجعنا هذا أن نخوض تجربة التأليف خاصة في أدب الرحلات.

بالنسبة لي، فقد سافرت أكثر من مرة إلى الولايات المتحدة الأميركية وكنت باحث زائر من خلال برنامج للتبادل الثقافي وشعرت برغبة عارمة حينها في تدوين ملاحظاتي وتوثيق ما عاينته من أمور كان بعضها مبهرًا بالنسبة لي والبعض الآخر جدير بالملاحظة والتفكر. أظن أن المسافر دائمًا ما يرصد كل ما هو جديد ويختبر مشاعر مختلفة ويتعرف على الشعوب الأخرى فيستشعر مدى التقارب الإنساني الذي يجمع بين بني البشر على الرغم من اختلاف ألسنتهم وألوانهم. إن أدب الرحلات نوع ماتع ومتميز من الكتابة الأدبية يتميز بتوثيقه للتجارب الشخصية والعلاقات الإنسانية التي تهيمن على التجربة وتؤثر على الكتابة عنها.

د. مي موافي
كتبت وشاركت في كتابة حوالي 10 مؤلفات

 تميلان إلى كتابة تعقيب أو تعليق للمترجم في هوامش صفحات الكتاب، يرى البعض ذلك تدخلا في النص الأصلي للكاتب، فكيف تريا أنتما ذلك؟

د. محمد عزب: أعتقد أن إجابة هذا السؤال يمكن أن يكون لها شقين متباينين، فالأول يعود إلى طبيعة عملنا في الجامعة ومدى تأثرنا بالعمل الأكاديمي وضرورة توثيق المراجع وتأصيل الأفكار ونسبتها إلى أصحابها. فكثير من الهوامش التي نضيفها تكون بهدف تحقيق المعلومة وتوثيقها وذكر المرجع الخاص بها. أما الشق الثانيفهو يتعلق بما يسمى في نظريات الترجمة -والدكتورة مي أخبر مني بذلك-بالنصوص الموازية Paratextuality وهي رخصة متاحة للمترجم للعمل على نص مواز يخدم النص الأصلي ويزيل الغموض فيه. وتحت مظلة هذه النصوص الموازية يمكن للمترجم إحداث تغييرات منضبطة في العنوان، أو تغيير بعض الكلمات، أو حذف كلمة، أو أكثر ووضع ثلاث نقاط بدلا منها أو إدراج بعض الصور لتزيل الغموض والالتباس، ويمكنه كذلك الشرح في المتن بين أقواس أو التعليق في الحواشي مع ضرورة ذكر أن هذه الهوامش من عمله وأنها ليست للمؤلف.

في الكثير من الأحيان تكون إضافة الشروح والنصوص الموازية أمرًا لا غنى عنه حتى يتضح المعنى للقارئ أو حتى يصحح المترجم ما تعذر على الكاتب فهمه بطريقة دقيقة أو ما جانبه الصواب في ذكره.

لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نضحي بكتاب مهم مثلا عن مصر لأن به فقرة أو فقرتين مسيئتين. هذه حلول لرأب الصدع وللاستفادة من الصالح دون الطالح والسمين دون الغث. قد يقول قائل إن هذه تشويه للنص الأصلي وردي هو أن المترجم متهم على أي حال ومخون فلا بأس من أن يكون له مساحة في النص فلا توجد ترجمة كاملة والفقد موجود في أي ترجمة لكننا نسدد ونقارب.

لقد كنت من أعداء هذه النظرية ومناصرا للترجمة الحرفية كما يقولون، لكن بفضل الدكتورة مي تغير موقفي وأصبحت أميل أكثر لفكرة بصمة المترجم الذي يحلو للبعض نعته بأنه المؤلف الثاني للكتاب.

كيف أثرت قراءاتكما وترجمتكما لأدب الرحلات من منظور من زاروا مصر وكتبوا عنها، في نظرتكما للشخصية المصرية، وفي أفكاركما وقناعاتكما؟

د. مي موافي: كتابات الرحالة الأجانب عن مصر جد ممتعة فقد أسهمت في تأريخ وتوثيق العديد من المحطات التاريخية الهامة في مصر. فضلا عن هذا فهناك العديد من الكتاب الذين تناولوا الجانب الإنساني في أدب الرحلة وألقوا الضوء على العلاقات الإنسانية التي تجمع بيننا نحن بنو البشر بغض النظر عن العرق أو النوع أو الجنسية. تباينت مشاعري أثناء الترجمة ففي بعض الأحيان كنت أشعر بالفخر الشديد عندما يعرج الكاتب على ذكر مناقب المصريين وحضارتهم وما أسهموا به في الحضارة عبر العصور، وتارة أخرى أشعر بسعادة غامرة عندما يتحدث الكاتب عن دماثة خلق المصريين، وحسن وفادتهم، وكرمهم، وشهامتهم. أما في بعض الأحيان الأخرى فقد كنت أشعر بالغيرة الشديدة على وطني عندما يتحدث الكاتب عن بعض السلبيات أو العادات القديمة أو الخرافات التي انتشرت في الماضي البعيد.

على سبيل المثال، عندما كنت أترجم كتاب عبر ميناء الإسكندرية -وأنا من مواليد الإسكندرية تلك المدينة الساحرة التي أعشقها- كنت أشعر بالحزن الشديد عندما يصف الكاتب الخراب والدمار والأطلال التي عمت الأرجاء آنذاك، فالمترجم يتأثر بالنص ويؤثر فيه ويعيش مع أبطاله ويتعلق بهم.

أذكر أيضًا مثالا آخر عندما كنت أترجم كتاب ذكريات أميرة مصرية بقلم مربيتها الين شانيلز – وهي مربية انكليزية أتت إلى مصر ومكثت بها خمس سنوات لتعلم الأميرة زينب بنت الخديوي إسماعيل- أذكر أنني أحببت الأميرة زينب وعشت معها أيامها داخل الحرملك وحفلات السمر التي كانت تستمتع بها وزاد من حبي لها وصف المربية الإنكليزية للأميرة اللطيفة الرقيقة التي كانت محبوبة من كل من هم حولها. دائمًا ما تعاطفت مع الأميرة وشعرت بالحزن عندما مرضت وذرفت عيناي الدموع وأنا أترجم الفصل الأخير الذي يسطر الدقائق الأخيرة في حياة الأميرة التي أسرت القلوب ويصف جنازتها المهيبة.

إن كتب الرحالة التي ترجمناها على مدار السنوات العشر الماضية تتحدى أطروحة الكاتب البريطاني "كيبلينج" ونجحت في التقريب بين الشرق والغرب ويدل على هذا الأمر مقولة الكاتب البريطاني وليم غولدنغ": "ربما أكون مبالغًا إذا صرحت بأنني كنت أشعر في داخل كياني بأنني مصري قديم".