زبيدة شماري دغفوس تعطي كائنات لوحاتها هيئات مختلفة

الفن بالنسبة إلى الفنانة التشكيلية زبيدة جوابا أو محاولات للفهم والتفاعل والتعبير.

الفن هذا السفر المقيم في الذات الحالمة حيث الجهات والتفاصيل مجالات قول بليغ تجترحه العناصر من الرغبات الدفينة نشدانا لعوالم مبهجة في تفاصيلها وأحلامها وانكساراتها.. وهو كل هذه الطفولة اليانعة والمبثوثة في أمكنة تتطلب النظر والتأويل والذهاب عميقا خارج المألوف والمعهود..

هكذا هي لعبة الفن حيث الفنان ذلك المقيم بين الدهشة والقلق والحنين يراوح بين المعاني والألوان ومختلف تعبيرات الفن وأنماطه وأنواعه لا يلوي على غير القول بما يعتمل في الدواخل والإفصاح عنه نحتا للقيمة وتأصيلا للذات.. ومن هذه الهواجس والإرهاصات تكون العملية الفنية مجال تفاعل وحوار ومغامرة ومن هنا تتولد الرؤى والأفكار الدالة في سياق التجربة والمسار الفني الإبداعي...

والفن التشكيلي هنا مجال من مجالات هذا الفن متعدد التعبيرات حيث القول بالأشكال والمشاهد والتلوينات الفاعلة والمؤثرة في المحيط أين يشهد الفنان تأليفه التعبيري الجمالي الذي هو نتاج هذا التقابل مع الذات والآخرين والعالم.. هي فسحة الكينونة التي تمضي بصاحبها ونعني الفنان إلى عوالم مختلفة يجمع بينها نشيد الإنسان ورغباته في النظر تجاهها بعين القلب لا بعين الوجه..

في هذه السياقات نسافر في عوالم الفنانة التشكيلية زبيدة شماري دغفوس التي درست الأدب الفرنسي وأعدت ماجستير في شأنه لتأخذها عوالم الفن والتلوين وفق أسئلة متعددة شغلتها منها هذا الذهاب التشكيلي تجاه عوالم الإنسان زمن الدمار والهجرة والحروب وكذلك المرأة وشؤونها وشجونها في عالم اليوم الضاج بالمتغيرات والأحداث وبالتالي كيف يكون الفن بالنسبة للفنانة زبيدة جوابا أو محاولات للفهم والتفاعل والتعبير وهي التي شاركت في ورشات لمزيد الغوص في عالم التشكيل لتنهل من تجارب مختلفة وهي تشكل ذاتها الفنية وتجربتها حيث كانت الورشات مع سيلفان مونتليوني وخالد التركي.. وتماهت تأثرا وإعجابا بتجارب عالمية على غرار بيكاسو وبراك وماتيس...

ومع مرور السنوات تمرست بالفن ممارسة ومشاركة وحضورا لتتضح فكرتها التشكيلية التي تماهت مع  تجربة المدرسة الوحشية في الفن من حيث الأسلوب الذي "يعتمد في معالجة اللوحة على الألوان الصارخة مباشرة وأحيانا، مثل الأحمر والأزرق والبنفسجي والأخضر والأصفر وغيرها من الألوان. وتضج موضوعات هذه المدرسة بصخب الألوان والحركة، ويعتبر اللون هو الوسيلة الأساسية للتعبير. أما الشكل لدى هذه المدرسة فهو عفوي طفولي مبسط .. المدرسة الوحشية fauvism)‏) هي حركة تميزت باستخدام ألوان غريبة صارخة وتحريف الأشكال بتغيير أحجامها ونسبها وألوانها التقليدية. وقد أطلق الناقد لويس فوكسيل هذا الاسم على أصحاب هذه الحركة للإشارة إلى التناقض بين ضراوة ألوانهم والأساليب الشائعة. وقد ظهرت في فرنسا في مستهل القرن العشرين. ومن أبرز أعلامها ماتيس وفلامنك.. وذلك في سياق من البروز ضمن الرسم الحر كنهج واختيار شخصي ..".

هذا التمشي الفني لزبيدة شماري دغفوس قادها من خلال أعمالها الفنية ولوحاتها المنجزة إلى مشاركات وحضور في فعاليات تشكيلية ومعارض تونسية وعربية ودولية ..

وفي اللوحات المنجزة تبدو كائنات زبيدة في هيئات مختلفة يجتمع فيها الحلم والتمرد والانكسار والشجن في تعبيرية جمالية اجترحتها الفنانة من معايشاتها وقراءاتها وثقافتها الأدبية والفنية وبرزت هذه الأعمال في معارض بتونس ضمن المعارض المنتظمة من قبل اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين وفي معارض فردية وأخرى جماعية منها الأبرز خلال مشاركتها في معرض مونريال سنة 2015 وبالمعرض الفني المنتظم بمقر الأمم المتحدة خلال سنة 2016. وقد كان لأعمالها الصدى من خلال تحقيق جانب مهم ضمن المبيعات وهي عضو عدد من الجمعيات الفنية التشكيلية بتونس وخارجها ومنها اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين.. فنانة بروح طفلة يأخذها الحلم والتلوين إلى رحاب ودروب شتى ديدنها  مواصلة المسيرة الممتعة مع الرسم والألوان والذهاب إلى آفاق فنية ثقافية أخرى اكتشافا وعرضا وقد عرضت لوحاتها ببلدان عديدة منها المغرب وإيطاليا وفرنسا وكندا والولايات المتحدة.

الفنانة التشكيلية زبيدة شماري دغفوس حاصلة على الماجستير في الأدب الفرنسي شاركت في ورشات وحصص تدريبية عن الفن والرسم لسنوات أربع وقدمت تجربتها من خلال العرض للوحاتها في العديد من المعارض الفردية والجماعية بأماكن مختلفة للعرض في تونس وخارجها ومنها متحف باردو ومتحف قصر قردين الدين بالمدينة العتيقة وفي متحف سيدي بوسعيد...

فنانة تسعى لإثارة قلق إنساني بداخلها يتصل بالمرأة والسلم والحرب والمجتمع والعالم والأحداث والمتغيرات حيث الرسم لديها جانب متصل بالكينونة والروح في تعبيرية حرة وفق استخدام للألوان القوية غالبا.. إنها لعبة التلوين التي تتعدد مجالاتها لدى الفنانة زبيدة التي كانت لها مؤخرا مشاركة ضمن معرض جماعي بقاعة يحيى بالبالماريوم بالعاصمة بعنوان "حوار التراث" من تنظيم بلدية تونس لتقدم لوحة فنية بأسلوبها المعروف ولكن في استلهام للمثل الشعبي وقد كانت تجربتها الأخيرة ضمن هذا الاشتغال على الأمثال الشعبية الثرية بدلالاتها السوسيو-ثقافية ليكون النتاج عملا به قوة المثل الشعبي وما يختزنه من معان وثقافة ومخيال شعبي عميق..

تجربة وسياق فني تخيرته صاحبته الفنانة التشكيلية زبيدة شماري دغفوس تعمل وفقه حيث الفن لديها فكرة وحلم وحرية تنوعت مجالات حضورها تونسيا وعربيا ودوليا.. حيث يلمس المتلقي في اللوحات المنجزة عوالم متعددة لتبدو كائنات زبيدة في هيئات مختلفة يجتمع فيها الحلم والتمرد والانكسار والشجن في تعبيرية جمالية اجترحتها الفنانة من معايشاتها وقراءاتها وثقافتها الأدبية والفنية وبرزت هذه الأعمال في معارض بتونس وخارجها وضمن المعارض المنتظمة من قبل اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين وفي معارض فردية وأخرى جماعية..