زينب تليلي الغالي تتقن لعبة الرسم الباذخة

الفنانة التشكيلية المعروفة بابحارها في الذاكرة والخيال وجمال المكان والفخورة بالمرأة التونسية والافريقية تستعد لاقامة معرضها الخاص الذي يضم باقة من أعمالها الفنية.

الرسم والتلوين فعل طفولة وبهاء ..ثمة في الكينونة حلم ينهض على ما تراكم من خبرات الحياة والفكر والجميل الكامن في الذات .. هكذا يمضي الكائن لا يلوي على غير القول بالنشيد الملون لينثر قماشاته في الأرجاء بعد أن تمكن منه تعدد الوجوه والمشاهد والتفاصيل والعناصر..
الفن رحلة الانسان نحو المجد المكلل حيث ذهابه العميق نحو ما بدا من علاماتنا وشخصياتنا وحكاياتنا ..العمل الفني سردية جمالية فيها تعدد أمزجة الفنان ورغباته وحميمياته تجاه الذات والآخرين ..وفيها نظرته الثاقبة للاشياء بما يمنحه جواهرها وتفاصيل قولها البليغ ..العمل الفني حكاية الذات بحنينها الهائل في احتفائها بالأمكنة ودلالاتها الاجتماعية والثقافية ..


في نيويورك أقمت معرضا فيه 20 لوحة ومنحتني لجنة المعرض الدولية الجائزة الأولى 
 

هكذا نصل الى عوالم فتاة تونسية أخذتها المشاهد والأمكنة الجميلة والوجوه وغيرها من مناسبات وتقاليد في لوحاتها اشتغال على تفاصيل تحلي بها العمل الفني ..تسافر معها في هذه المشاهد فتشعر بانتشاء لعبقرية المكان وجمال التناسق لونا ورسما بما يحيل الى ابحار في الذاكرة والخيال فكأننا أمام مكان نكتشفه من جديد أو أننا نراه للمرة الأولى..
اننا ازاء تجربة الرسامة زينب تليلي غالي التي تعد لمعرض خاص جديد في أحد أروقة الفنون بالعاصمة يضم عددا مهما من أعمالها الفنية وذلك بعد مشاركاتها العديدة في تونس وخارجها وفي اطار جماعي أو خاص.
نهج سيدي بن عروس..عنوان لوحة غاية في الجمال من حيث التعاطي اللوني والأسلوبي وهو ما يجعل الناظر تجاه هذا العمل يدرك الكثير من الجوانب الرمزية والجمالية والحضارية وهنا نلمس قدرة الفنانة زينب تليلي الغالي على التشبع بالحالة الجمالية للأمكنة لتنقلها الى لوحاتها بكم هائل من البهاء والحنين والقيمة..نعم الرسامة تعلي من شأن التعاطي القيمي ضمن اللعبة الفنية...لعبة الرسم الباذخة.
هناك حوار مفتوح بين الرسامة ولوحاتها فيه بوح بالألوان وهي تسرد شيئا من شجن الحال في حميمية عنوانها الحنين والعراقة والجمال ...نلمس ذلك في تقبلنا للوحات المناسبات والمشاهد والوجوه وأحوال المرأة والطبيعة الميتة والأماكن..
لوحات تشير الى كم هائل من العبارات قولا بالمشرق والنابض والجميل في تعدد حالات النظر والاحساس الدفين ..تجاه ما به التلوين يصير ضربا من النوستالجيا والانتشاء..
الرسامة زينب تليلي الغالي في عملها هذا ومسيرتها  ترى اللوحات بمثابة مكونات وعناصر لا بد منها في حياتها ترى من خلالها بهجة الأشياء وألق اللحظات والحلم الذي يجعلها تمضي في دأبها الفني بكثير من الحب والاصرار والأمل...أملا في تجميل العالم...و الفن هو هذا وغيره...لذلك هي تقول عن تجربتها هذه "البدايات خلال الدراسة الثانوية وقبل الباكالوريا كنت مغرمة بالرسم والتلوين من ذلك انني أنجز رسوما للعائلة مع التركيز على نظرة واحدة وهذه كانت خصوصية اكتسبتها مع ان مجالي كان علميا ..كان لي خوف في الفترة الأولى ولكن سعيي لتلقي تمرينات وتكوين لدى الفنان طارق الفخفاخ بدد هذا الخوف حيث تعلمت منه الكثير ومن ذلك التفاصيل الصغيرة في اللوحة والتي مثلت مزاجي الرائق في الاشتغال على عملي الفني ..الرسم عالم يجذبني اليه فاللوحة تكلمني ..رسمت المشاهد والمواضيع المختلفة والبورتريهات ومنها لشخصيات ثقافية كعلي بن عياد ..في كل لوحة رسمتها خطاب يجذبني اليه ..تعددت مشاركاتي منها المعارض الخاصة والجماعية  منذلك المعرض الفني في فضاء "البال آر" و في نيويورك أقمت معرضا فيه 20 لوحة ومنحتني لجنة هذا المعرض الدولية الجائزة الأولى وكان ذلك خلال سنة 2017 ..
واضافت "أعمالي متنوعة تشبه ركح الحياة متعدد المشاهد ..أسعد كثيرا بأحاسيس الناس الايجابية تجاه لوحاتي ..أعتز بتونس وقد رسمتها في جمالها وتجلياتها وتلويناتها الباذخة ..سعيت لابراز الشخصية التونسية المميزة في لوحاتي ...أنا أغوص في أعمالي لتصبح الجزء الهام مني".

"الرسم عالم يجذبني اليه.. فاللوحة تكلمني
'الرسم عالم يجذبني اليه.. فاللوحة تكلمني'

من معارضها البارزة نذكر ما قدمته قبل سنوات برواق الفنون بسيدي بوسعيد باسم "سمفونية تصويرية" حيث عبرت اللوحات عن ثيمات متعددة حضرت فيها تلوينات للمرأة التونسية والأفريقية من ذلك لحظة فرح و انسياب امرأة تونسية تزغرد بانتشاء وفرح في تعبيرية عالية  والفرسان والورود وحديث الرجال قدام الباب بمنزل في المدينة العربي والمرأة بالسفساري.وتجليات لونية أخرى في عدد من المناظر الطبيعية والمشاهد زادتها لمسات الفنانة زينب الكثير من البهاء والتجلي.
هذا شيء من تجليات فنية لونية تعبيرية تنشد من خلالها صاحبتها قول الجميل الكامن في الناس تقصدا لتثمين الفن وهو يعانق البهي والعميق والحقيقي في تفاصيل يومياتنا ويمر به الكائن ولكن قليل من ينتبه الى أهميته و ثرائه.. ان الفن بالنهاية قول بالثمين والمهم في هذه الأكوان الضاجة بالحلم ونقيضه.