سياحة الايرانيين في الأردن أو الباب الذي يأتي منه الريح

دخول الزوار الايرانيين الاردن سيمثل، اذا حدث اضافة نوعية للقطاع السياحي لكنه سيكون محاطا بالشحن الطائفي والأعباء الأمنية ومخاوف التمدد الايراني.

عمان - عاد الجدل من جديد الى الشارع الاردني حول السماح للايرانيين بدخول المملكة على سبيل السياحة الدينية بين الاعتبارات السياسية والأمنية والدينية وحسابات المنافع الاقتصادية.
وينظر الأردنيون بارتياب الى ايران ويراقبون سلوكها في دول الجوار واجواء الشحن المذهبي التي صنعتها على مدى العقود الماضية خصوصا بعد الغزو الاميركي للعراق في 2003 وبدء التغلغل الايراني في المنطقة تحت غطاء ديني.
لكن دعاة الانفتاح على ايران، وهم في الغالب من مؤيدي النظام السوري، يركزون على تعزيز السياحة في البلد فقير الموارد، ولا يجدون تشابها بين الاردن ودول المنطقة التي عزز الايرانيون نفوذهم فيها عبر حلفائهم الشيعة.
ويضم الاردن، حيث لا وجود يذكر لاتباع المذهب الشيعي، مقامات واضرحة لعدد من صحابة النبي محمد ومنها مرقد ابن عمه وهو اخو الامام علي، جعفر بن ابي طالب الذي قضى في معركة مؤتة في القرن السابع.
ولا يبدو ان ثمة تأييدا واسعا للسماح للايرانيين بزيارة المملكة، التي وقفت ضد النظام الايراني منذ الثورة الاسلامية في 1979 وما تلاها من حرب استمرت ثماني سنوات بين ايران والعراق ثم التعامل بحذر مع طهران بعد الاطاحة بالنظام العراقي السابق.
وفي حين يقول المنادون بالانفتاح على ايران ان القلق من النفوذ الايراني قائم على الدعاية السلبية المزمنة ضد الشيعة وهو غير مبرر في بلد مثل الاردن، الا انه لا يمكن التعامل مع الجمهورية الاسلامية الا في سياق سياستها الخارجية القائمة على التدخل في شؤون الدول.
وتشهد الدول العربية التي تتمتع فيها ايران بنفوذ، حروبا واضطرابات من العراق وسوريا الى لبنان واليمن، حيث الميليشيات التي تعمل بالنيابة عن طهران.
دوافع دينية وسياسية تصنع المزاج العام الذي يقف ضد اي تغلغل ايراني ولو كان على شكل دفعات من السياح التي يعتبرها كثير من الاردنيين مدخلا لتحقيق ما يسمى مبدأ تصدير الثورة أو نشر التشيع.
الحكومة ايضا لن تخاطر بالسماح بدخول الايرانيين لزيارة مقام مثل ضريح جعفر بن ابي طالب في مجتمع محافظ يغلب عليه التدين ولن يقبل بممارسة طقوس وشعائر لم يشهدها من قبل.
وينسجم التوجه العام للأردنيين مع السياسة الرسمية تجاه الجمهورية الاسلامية التي حذر العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني قبل سنوات من محاولاتها انشاء "هلال شيعي" يمتد من ايران مرورا بالعراق وسوريا الى لبنان وساحل البحر الابيض المتوسط.
والانفتاح على ايران قد يعني بشكل او بآخر إلحاق الضرر بالعلاقات مع واشنطن والخليج لا سيما الرياض التي تتنافس مع طهران على النفوذ الاقليمي.
التعاطي مع ايران باعتبارها "دولة طبيعية" ربما يقف خلف دعوات التقارب معها لكن سياستها الخارجية على مدى العقدين الماضيين أظهرت مخاطر اجتماعية وامنية جربها مواطنو الدول التي تدخلت فيها الجمهورية الاسلامية.
في حسابات المكاسب، سيمثل دخول الايرانيين، اذا حدث، اضافة نوعية للقطاع السياحي لكنه سيكون محاطا بالشحن الطائفي والأعباء الأمنية وفرص التمدد الايراني، وتصح معه مقولة "الباب الذي يأتيك منه الريح، سده واستريح".