سيتكوم 'ولاد إيزة' خرافة هزلية تغرق في التكرار والسطحية

المخرج إبراهيم الشكيري والسيناريست أمين أسماعي يقعان تحت وطأة العشوائية، بعيدا عن نظريات الكوميديا الفنية.

يفتقر الجزء الأول والثاني من سيتكوم "ولاد إيزة" إلى روح الكوميديا الفنية، رغم محاولاته المستمرة لتقديم مواقف مضحكة، وربما يحقق العمل نسب مشاهدة عالية كثقافة ترند القطيع، لكن هذا النجاح لا يعكس جودة كوميدية، بل مجرد تسلية عابرة تعتمد على الفضول أو الترويج، بينما إذا نظرنا من منظور النظريات الكوميدية، ينهار السيتكوم المغربي تحت وطأة الأداء المبالغ فيه والحبكات السطحية التي تفتقر إلى الإبداع، مثل المشهد الذي تحلم فيه "إيزة" بحياة مثالية ثم تستيقظ على صراخ عائلتها، كمشهد عشوائي لا يترك أثرًا فكاهيا، وهذا الغياب للرؤية الكوميدية يجعل السيتكوم خارج نطاق الفكاهة الحقيقية التي تتطلب ذكاء وتخطيطا.

ويخفق "ولاد إيزة" في الجزء الثاني في تطبيق رؤية ترى الكوميديا كتصوير لعيوب بشرية مضحكة وغير مؤذية، إذ نشاهد شخصية "إيزة" بعيوب مثل البخل والمكر، بينما يعكس "علي" و"مراد" الجشع والسذاجة، و"عربية" و"نهال" الغيرة والطمع، لكن هذه العيوب لا تعالج بطريقة تثير الضحك، فتتحول إلى مبالغات كرتونية تفتقر إلى الواقعية الإنسانية التي دعا إليها أرسطو، فعندما تتظاهر "إيزة" بالإغماء لمفاجأة غريبة من عربية ثم تقرر استغلال الفكرة لاحقًا، كان من الممكن أن يكون هذا الموقف مضحكا لو تم تقديمه كعيب طبيعي يكشف عن ضعفها، لكنه يظهر كاستعراض مصطنع، وهذا الانفصال عن التوازن الأرسطي يحول الفكاهة المحتملة إلى تهييج سطحي باهت.

ويتراجع الجزء الثاني عن استغلال النظرية الكوميدية التي تربط الضحك بالجمود الميكانيكي، أي السلوك المتكرر في سياق غير متوقع، فمثلا تكرر "إيزة" خداع أبنائها بشكل آلي، سواء بأخذ أموالهم أو استغلالهم في مشاريعها، لكن هذا التكرار لا يولد فكاهة، وإنما نمطا متوقعًا يفقد عنصر المفاجأة، وعندما يرتدي "علي" و"مراد" أزياء احتفالية لجذب الناس بينما تجمع "إيزة" المال، كان من الممكن أن يكون التناقض بين المظهر والجشع مضحكا لو أُضيف له تطور غير متوقع مثلا، لكنه ينتهي كمشهد رتيب يعتمد على التكرار الممل، وهذا الفشل في تحويل الجمود إلى كوميديا يجعل السيتكوم أقرب إلى استعراض ميكانيكي خال من الحياة بدلا من فكاهة ديناميكية.

ويفشل سيتكوم "ولاد إيزة" في تحقيق النظرية التي ترى الضحك كتنفيس عن التوترات النفسية من خلال مواقف محرجة أو محظورة، إذ تحتوي القصة على مواقف قد تبدو محرجة، مثل خداع "علي" و"مراد" لـ"إيزة" بقصة اختطاف، أو غيرة "عربية" من شخصية جديدة تدخل حياة العائلة، لكن هذه المواقف لا تقدم الراحة المطلوبة لأنها تعرض بشكل سطحي ومبالغ فيه، وعندما تقنع "إيزة" شخصا خطيرا بأنها قريبته مستغلة ضعفه النفسي، كان من الممكن أن يكون هذا تنفيسا مضحكا عن الخوف العائلي، لكن الحل السريع والمبالغ فيه يجعله غير منطقي وفارغ، وتترك المواقف المشاهد في حالة إحباط أو استياء.

وتتحول محاولات كوميديا الموقف في الجزء الثاني إلى فوضى عشوائية، في حين تعتمد كوميديا الموقف على سوء الفهم والمفاجآت، ونجد أمثلة مثل خداع "عربية" ببيع شيء خفية عن "إيزة"، أو محاولة "علي" و"مراد" ابتزاز والدتهم بقصة مختلقة، لكن التنفيذ يفتقر إلى الذكاء أو التسلسل المنطقي اللازم لجعل هذه المواقف مضحكة، وعندما تبدأ "عربية" و"نهال" مشروعا منزليا ويتدخل الجميع ثم يفشلون، كان من الممكن أن يكون هذا الموقف كوميديا لو تم بناؤه كسلسلة من سوء الفهم المترابط، لكنه ينتهي كفوضى بلا هدف أو نهاية ممتعة، وهذا التحول إلى العشوائية يجعل السيتكوم أقرب إلى الهزل الفج من الكوميديا الموقفية المتقنة التي تتطلب حبكة محكمة.

وينهار أي نجاح جماهيري محتمل لـ"ولاد إيزة" أمام معايير الكوميديا الحقيقية التي تتطلب أكثر من مجرد جذب المشاهدين، فقد يتابع الجمهور السيتكوم لأسباب خارجة عن الفكاهة، مثل الترويج والفضول أو الفراغ الترفيهي، لكن هذا لا يعني أنه يقدم كوميديا ناجحة، وعندما تستغل "إيزة" أبناءها في مشاريعها أو تتحايل على الآخرين، تتكرر النماذج دون تطور يضيف قيمة كوميدية، مقارنة بالأعمال الكوميدية الناجحة التي تبني فكاهتها على ذكاء الحبكة وتفاعل الشخصيات مثل  سيتكوم "لالة فاطمة". يظل "ولاد إيزة" مجرد استعراض سطحي يعتمد على  معالجة ضعيفة للهزل، مؤكدا أن النجاح الجماهيري لا يعادل النجاح الكوميدي بأي حال.