شكرا على حسن رعايتكم

رغم سعينا الدءوب لتوفير المتطلبات وسبل المعيشة فنحن لا نربي أبناءنا.
دور التربية هو زراعة القيم في الطفل كي يحترم الصغير الكبير، ويعطف الكبير على الصغير، وأن تزرع فيه الثقة بالنفس
علينا أن نربي أبناءنا لتحقيق التوازن في فكرهم ومشاعرهم وانفعالاتهم وتعليمهم الأخلاق الحميدة وتوجيههم نحو السلوكيات الصحيحة

مع بداية عام دراسي جديد نلاحظ بعض الظواهر السلبية والسلوكيات الشائعة التي تنتشر داخل جدران مدارسنا، وأخلاقيات لا تليق بأبنائنا من تنمر، وعدم احترام الآخر، وغيرها من السلوكيات. 
والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا وصلنا إلى هذه الدرجة من الانحدار؟ 
وقبل الإجابة نتطرق إلى دور الأسرة  أولا.
كل منا لديه أسرة يحاول جاهدا تلبية احتياجاتها بتوفير كل مايحتاجه الأبناء من مأكل ومشرب وضروريات، وقد تأخذنا دوامة الحياة لتوفيرها تلك المتطلبات الأساسية، فنهمل فى حق التواصل مع أبنائنا، فهل نكون قصرنا فى حق تربيتهم؟
نعم .. تلك هي الإجابة الصادمة، فرغم سعينا الدءوب لتوفير المتطلبات وسبل المعيشة فنحن لا نربي أبناءنا، نحن رعاة بامتياز، لكن مربون بدرجة صفر. وفارق كبير بين الرعاية والتربية. الرعاية مهمة جدا في حياة الطفل، من زرع الحب والحنان، وتوفير احتياجاته، ولكن الماديات التي تقدمها لطفلك لن تبني عقله، قد تغذيه لينمو لكنه سيظل يحتاج إلى منهج يسير عليه طوال حياته، سيحتاج إلى قدوة يقتدي بها ليقوم بالأعمال الصالحة، ليعرف الخطأ والصواب.
أما التربية فهي عملية تسعى إلى تنمية جوانب شخصية الإنسان وتسير به نحو الكمال في أداء وظائفه، وتساعده على التكيف مع ما حوله والتعامل الصحيح مع الموجودات المحيطة به، وهي أيضآ عملية توجيه الطفل ليكون عنصرآ إيجابيآ في المجتمع؛ قادرآ على تحسين نفسه وتطويرها، ويكون عنصرا يعتمد عليه في نواحي الحياة كافة.
ودور التربية هو زراعة القيم في الطفل كي يحترم الصغير الكبير، ويعطف الكبير على الصغير، وأن تزرع فيه الثقة بالنفس، وهذه القيم لا تخص الأبناء فقط لذلك علينا أن نكون مربيين قدوة، لا نكذب أمامهم، نحترم عقولهم وخصوصياتهم  حتى لا يقتحموا خصوصياتنا، عدم التسلط عليهم أو تخويفهم، بل نساعدهم في اكتشاف مواهبهم ونقاط قوتهم ليصبحوا أفرادا مبدعين، والعمل على تكريس الجانب الديني عند تربيتهم. بالإضافة لإجابة أسئلتهم مهما كانت درجة تفاهتها والحرص على بناء شخصية مستقلة للطفل وأحذ رأيه فى كل ما يخصه منذ الصغر.
لذا فالأساس الأول في التربية، هو الأسرة، علينا أن نربي أبناءنا لتحقيق التوازن في فكرهم ومشاعرهم وانفعالاتهم وتعليمهم الأخلاق الحميدة وتوجيههم نحو السلوكيات الصحيحة ولا نكتفى فقط بتوفير الرعاية، والتكامل مع المدرسة في خطة ممنهجة لإصلاح ما يمكن إصلاحه. 

وبحكم تخصصي الوظيفي كمعلمة مصرية لفت نظري هذا العام إضافة كتاب للمحتوى الدراسي بعنوان "القيم واحترام الآخر": الكتاب يقدم منهجا مستقلا للقيم واحترام الآخر في إطار يستمد كيانه من المعتقد الديني بشكل تطبيقي. 
وقد يكون هذا الكتاب خطوة أولى  لتنشئة جيل يدرك أهمية ذاته، ويقدرها ويرى في الآخر امتدادًا لكيانه، حاملا له كل الاحترام والمساندة، حتى يعمل العالم بإنصاف وسلام، ويتواصل الجميع على الحب والرحمة، 
الكتاب يقدم منهجا لحياة الطفل ليكون نواة الأسرة وزميلا، وشريكا في العمل والحياة، يقوم على العلم والمعلومات الصحيحة مدعوما بالتطبيق. حيث يتكون المنهج من ست قيم وهي: الحب، الرحمة، الاحترام، الأمانة، الإتقان، المثابرة؛ تمثل كل قيمة شخصية واحدة من ست شخصيات هم أبطال قصص الكتاب على مدى المحاور الأربعة وتكرر القيم والشخصيات في كل محور باختلاف المعايير والمؤشرات الخاصة بكل محور من محاور التعلم القائم عليها المنهج الجديد وهى: من أكون، العالم من حولي، كيف يعمل العالم، التواصل. 
والملاحظ أيضًا في الكتاب هو الحرص على أن يرى التلاميذ أنفسهم في الشخصيات الأساسية والفرعية؛ من خلال المواقف التي يمرون بها وبها أمثلة لواقعهم. 
بالإضافة للقضايا والتحديات التي ركز عليها منهج القيم وهذه القضايا هي عدم التمييز، المواطنة، البيئة، التنمية، العولمة، تظهر مثلا قيمة المواطنة في قصة المذاكرة حيث تم إيضاح مفهوم إتقان العمل كأحد واجبات المواطنة؛ إذ تمت الإشارة إلى حب وإتقان الأب لمهنته كطبيب. وتظهر مرة أخرى في قصة "تنوعنا سر جمالنا" في الإشارة إلى غناء النشيد الوطني في بداية المباريات، وطابور الصباح بالمدرسة.
وكذلك تظهر قيمة العولمة في أنشطة تتطلب استخدام الشبكة العنكبوتية للبحث والمعرفة، وتظهر كذلك أمثلة لقضية البيئة كما في قصة "مجموعة عمل" التي تدور أحداثها حول أهمية الحفاظ على الماء.
وهكذا تتناول قصص الكتاب القضايا والقيم والمهارات بأسلوب سلس وشيق يراعي الفئة العمرية ونموها العقلي والنفسي عساها تكون اللبنة الأولى لبناء طفل الغد.