"طوفان الأقصى" يبتلع "ولاية الفقيه"

حرب غزة خطة إيرانية نفذتها حماس لنشوة آنية وكارثة إنسانية لاحقة.

لماذا اقتصر "طوفان الأقصى" على قتل وأسر عسكريين ومستوطنين والعودة بهم إلى غزة، وكان بإمكانه الإعلان عن تحرير أرض محتلة وجب التحصن فيها؟

تساؤل لا يخفى على مراقب تتبع مسار عملية "طوفان الأقصى" في انطلاقها المفاجئ حد اكتساح أكبر مستوطنات غلاف غزة، والسيطرة على معسكرها المحوري "فرقة غزة" وأسر قادته وجنوده وغنم أسلحتهم ومعداتهم، ووضع المستوطنين وممتلكاتهم ومنشآتهم في نطاق السيطرة الكاملة في ظل غياب كل وسائل الدفاع الإسرائيلية.

التساؤل المطروح بلسان عسكري "تكنوقراط" تساؤل مقصود لم يطرحه سياسي اعتاد اللعب بورقة الربح أو الخسارة في بلوغ هدف تكتيكي خال من المدى الإستراتيجي، أو تثيره شرائح استأنست التلاعب العاطفي بعقولها.

السياسي لا يسأل عن مبدأ ثابت. هو ينتشي بمكسب آني يزول بزوال المؤثر بانتظار التخطيط لمغامرة تغرقه في نشوة أخرى دون حساب عواقبها المدمرة لشعبه، فهمه الأكبر هو البقاء بأي ثمن.

العسكري يرى النتائج فوق خارطة ترابية قبل البدء بتنفيذ الفعل المرسوم تقنيا في الوصول إلى هدفه الإستراتيجي في ترتيب مرحلي محسوب زمنيا يكسب من خلاله المكان بكل ما احتواه.

وهنا ما فرض التساؤل الأولي نفسه بغية إيجاد إجابة منطقيه له:

العمل العسكري في عقيدة المقاومة الإسلامية مدرج في إستراتيجية تحرير الأرض من دنس الاحتلال الإسرائيلي ولا يهبط بمستواه إلى مناورة سياسية تحاكي حدثا عابرا ترسمها أطرافا خارجية تريد الانتفاع منها في صراعاتها المفتوحة.

"طوفان الأقصى" عمل عسكري وصفته حماس بأنه رد فعل انتقامي لما يتعرض له المسجد الأقصى من انتهاكات لحرماته، اعتبره الحرس الثوري الإيراني انتقاما لمقتل الجنرال قاسم سليماني، وتباهى به حزب الله مفتخرا أمام الدول التي اتخذت قرارها السيادي في اعتماد سياسة التطبيع مع إسرائيل.

ردود فعل طهران وبيروت "الضاحية" المتسارعة في جعل "طوفان الأقصى" مكسب سياسي خططتا له من قبل ونفذتاه بذراع حركة حماس، أخرجه من المضمون الإستراتيجي التحرري وأحاله إلى مغامرة ثورية لم يحسب لعواقبها المدمرة على الشعب العربي الفلسطيني في غزة.

الميزان الإيراني مختل دوليا، فاقد لثقل وازن يجاري به الثقل العالمي المتأهب لابتلاع "ولاية الفقيه" بعد استنفاد دورها الإقليمي، هذا ما دعاها إلى انتزاع الورقة الفلسطينية والتحكم بها كآخر ورقة مناورة قد تفرض على القوى الكبرى إعادة تأهيلها من جديد والتفاوض معها لضمان أمن إسرائيل في محيط الشرق الأوسط حسب اعتقادها.

"طوفان الأقصى" خاتمة معارك "ولاية الفقيه" الخاسرة، سقطت من بين يديه ورقة فلسطين المعلقة بحبل حماس في غزة المنكوب شعبها، وكبلت يدي حزب الله في لبنان المغرد بلسان الشيخ حسن نصرالله، وألزمت المرشد علي خامنئي ما وصفه بـ "الصبر الإستراتيجي" أمام الردع الأميركي.

معطيات كشفت عن"طوفان الأقصى" مغامرة سياسية نفذها قادة حماس خدمة لهدف إيراني، أهلكت غزة غرقا بدماء شعبها الصامد.