عبدالله هاشم شيخ نقاد القصة في الإسكندرية

الناقد السكندري الراحل تميز بالقدرة على النقد الأدبي للأعمال القصصية والروائية بجانب حبه لإدارة الندوات واللقاءات واكتشاف المواهب الأدبية الجديدة.
إذا تحمس هاشم لعمل ما، يظل يذكره ويذكر صاحبه في أي مجلس أدبي يصل إليه.
هاشم كان صاحب فكرة إصدار "معجم كتاب القصة والرواية في الإسكندرية"

تعرف الإسكندرية عبدالله هاشم ناقدا أدبيا للقصة والرواية، لمع اسمه وسط زمرة من الأدباء والكتاب المجايلين له، منهم: مصطفى نصر وسعيد سالم ومحمود عوض عبدالعال وسعيد بكر وأحمد حميدة، ولكل منهم تجربته الإبداعية المشهور بها في كتابة القصة والرواية.
وقد تميز عبدالله هاشم بالقدرة على النقد الأدبي للأعمال القصصية والروائية بجانب حبه لإدارة الندوات واللقاءات واكتشاف المواهب الأدبية الجديدة والنشء الموهوب، فضلا عن سعة صدره لاستماع أعمالهم وتوجيه النصح والإرشاد لهم.
ويتميز هاشم أيضا بالأمانة، فبقراءة أي عمل يُهدى إليه، أو يطلب منه الرأي فيه، فنحده وقد عاد بالحديث حوله وما به من إيجابيات وسلبيات، ونراه إذا تحمس لعمل ما، يظل يذكره ويذكر صاحبه في أي مجلس أدبي يصل إليه.
وقد تفرد عن سائر أدباء القصة والرواية بتخصيصه لصالون أدبي بمنزله – الكائن بالعنوان 3 شارع الشهداء – أرض الفولي بباكوس اسكندرية، وقد أضاء لعشرات السنين، وقد شهد بنشاطه في مناقشة الأعمال القصصية والروائية كل من حضر إليه ومنهم على سبيل المثال لا الحصر: مصطفى نصر وسعيد بكر وأحمد حميدة وسعيد سالم وبشرى أبو شرار وصلاح بكر ومحمد عباس علي وإبراهيم ياسين ورشاد بلال ومحمد عبدالوارث ومنير عتيبة ومحمد عطية وشريف محيي الدين ومنى عارف ومحمود ناصر. 

وكان لعبدالله هاشم دور مهم في إعداد هذا الصالون الأدبي الخاص، وتوزيع الأدوار النقدية على رواده، وتفنيد للأعمال محل المناقشة فيه، كما كان لزوجته الراحلة، عطاء ملموسا في حُسن استقبال الرواد بالصالون، والوقوف على خدمتهم وتوفير مطالبهم وتقديم المشروبات والمأكولات إليهم، ويُعاونها على ذلك ابنها محمد وابنتها نيفين. وقد ظل هذا الصالون الأدبي حتى رحيلها في عام 2015.   
كما تعرف الإسكندرية عبدالله هاشم مؤسسا لـ "ندوة الإثنين" (نظرا لأنها تعقد مساء كل يوم اثنين بقصر ثقافة الحرية – مركز الحرية للإبداع الآن – طريق الحرية – الإسكندرية). 
وقد صدر من خلال هذه الندوة ما يزيد على مائة وخمسة وعشرين عملا أدبيا قصصيا وروائيا ونقديا، وقد انتقلت الندوة عبر تاريخها من قصر ثقافة الحرية - بعد توقفه للترميم والتطوير - إلى جمعية الشبان المسليمن ثم استقر بها الحال إلى قصر ثقافة الأنفوشي كجناح من جناحي نادي الأدب بالقصر بجانب الشعر، وقد شهدت الندوة حضوره الفعال والمؤثر حتى يوم وفاته. 
ومما يذكر، أن عددا من النقاد كتب مُشيدا بإصدارات ندوة الإثنين ومنهم من أعدّ كتابا حولها، ومن هذه الكتب كتاب للشاعر أحمد فضل شبلول بعنوان "على شواطيء الإثنين".
ولد عبداللاه علي هاشم (الشهير بعبدالله هاشم) في الثاني عشر من نوفمبر/تشرين الثاني عام 1942 بحي غربال – الإسكندرية، لعائلة ترجع أصولها إلى صعيد مصر. وقد عمل في الشركة العربية المتحدة للغزل والنسيج، وتدرج في وظائفها حتى وصل لرئيس أقسام بها. ثم تفرغ للأدب والنقد الأدبي بعد وصوله لسن التقاعد.
وفي فجر الأحد الموافق السابع والعشرين من ديسمبر/كانون الأول عام2020 لبّى نداء ربه مودعا دنيانا، وقد شيعت جنازته من مسجد العمري بكرموز، ودفن بمقابر الطوبجية بمدافن العمود بالإسكندرية.
وقد أعلن نادي الأدب بقصر ثقافة الأنفوشي الحداد لرحيله كقيمة أدبية وقامة إبداعية وأقيمت ندوة أدبية لتأبينه وتكريم اسمه تقديرا لعطائه البناء. 
وقد كرم عبدالله هاشم في محافل عدة، منها مؤتمر أدباء مصر في الأقاليم في ثمانينيات القرن الماضي. وهيئة الفنون والآداب والعلوم الإجتماعية في عام 2010 بمناسبة مرور 50 عاما على تأسيسها، وقدم إليه درع التكريم الدكتور محمد زكريا عناني، ولقد شرفت بكوني كنت أمينا عاما للهيئة وقتها. كما كرم من لجنة الفروع باتحاد كتاب مصر في 30 ديسمبر/كانون الأول 2019 وسلمه شهادة التكريم رئيس اتحاد كتاب مصر- دكتور علاء عبدالهادي. 
ولا يذكر النقد الأدبي لفن القصة والرواية في الإسكندرية إلا ويذكر اسمه بجانب اسم الناقد الأدبي الكبير شوقي بدر يوسف، إثنين من نقاد الحركة الأدبية من خارج الجامعة.
ولقد شرفت بزمالة عبدالله هاشم في أمانة مؤتمر إقليم غرب الدلتا الثقافي ووسطه طيلة سنوات تسع، وكان معنا دكتور محمد زكريا عناني ودكتور فوزي خضر وشوقي بدر يوسف وأحمد فضل شبلول ومحمد عبدالوارث وعدد آخر من كبار الأدباء والمبدعين.
ويذكر أن هاشم كان صاحب فكرة إصدار "معجم كتاب القصة والرواية في الإسكندرية"، وقد وافقت أمانة المؤتمر بالإجماع على طبعه وشاركه في إعداده الأديب محمد عبدالوارث.
ومن إصداراته أيضا نظرات في القصة المعاصرة 1998 . وجيل الطموحات التي لم تتوقف 1981. ومسرح السيد حافظ الطليعي 1985. وأبحاث في الرواية (مشترك) 1999.

وترجع قلة عدد إصداراته لانشغاله الدائم بالدرس الأدبي القصصي والروائي شفاهة والإكتفاء بكتابة مقدمات أعمال المبدعين أو التعليق عليها، بجانب إشرافه على "مجلة نادي القصة" وإصدارات ندوة الإثنين التي كان وراء صدورها وتفوقها. وقد نال عدد منها جوائز متميزة على المستوى المصري.
ولا ينكر دوره في إدارة ندوة القصة بمركز الحرية للإبداع بعد افتتاحه عقب تجديده وتطويره في 2010 وقد استعان بجهوده دكتور أحمد يحيي عاشور رئيس مجلس الإدارة. وخصصت ندوته الشهرية بمركز النقد الأدبي للأعمال القصصية والروائية بحضور نخبة من كبار النقاد والأدباء والمبدعين.
ويعد عبدالله هاشم واحدا من أهم الأدباء الذين تعاون معهم أساتذة الجامعة في إعداد المؤتمرات الأدبية وإقامة المحافل الثقافية وتتنظيم أمسيات قصصية وروائية في الإسكندرية، وصنوه في ذلك الناقد الأدبي الكبير شوقي بدر يوسف، وممن كان تعاونهم معه ملموسا دكتور محمد زكريا عناني ودكتور السعيد الورقي ودكتور فوزي عيسى ودكتور أحمد المصري ودكتور محمد عبدالحميد خليفة ودكتورة سحر شريف ودكتورة نجلاء نصير ودكتورة حورية البدري وحنان الشرنوبي.
ويذكر أن هاشم ظل مشرفا على نادي القصة بنادي الأدب بقصر ثقافة الأنفوشي حتى رحيله، واختتمت أعماله الطيبة بوضعه لبرنامج النادي لأشهر ثلاثة قادمة في 2021، وأيضا كتابة كلمة لكتاب جمعت فيه القصص الفائزة في مسابقة أدبية تحمل اسمه "مسابقة عبدالله هاشم في القصة القصيرة" أعدها وأشرف عليها عدد من تلاميذه ومحبيه.
ولا أنسى من ميزاته أنه كان صاحب المكالمة التليفونية المفرحة لأي أديب في الإسكندرية ينشر له عمل في أي إصدار ورقي. وقد عبر الناقد الأدبي محمد محمود عبدالرازق عن أهم السمات التي تمتاز بها دراسات عبد الله هاشم بقوله:
"..... وهذه المقالات والدراسات تكشف عن تمكنه من الغوص في أعماق العمل حتى يخرج بمقومات صاحبه، ولا غرو فقد قدّم كتابه بقول ورد تشتر فيلد: لنترك الأبله يعيش على جثث الأعمال، أعطوني روح العمل ورؤاه." وذلك في مقال له عام 1999,
وبعد رحلة عطاء أدبي في مجال النقد القصصي والروائي يرحل الرجل، واقفا على قدميه ناظرا إلى المستقبل بعين الأمل والعطاء، تاركا دروسا أدبية قيمة بنّاءة مطبوعة أو مسموعة تشهد على سمو اسمه في سماء الأدب السكندري كشيخ لنقاد القصة في الإسكندرية.