عزة هيكل تفتح النار على الإعلام المصري

الكاتبة والأكاديمية المصرية تؤكد أن الرؤية الضبابية لمفهوم تشكيل الوعي في الإعلام والثقافة والتعليم هي العدو الحقيقي اليوم.
وعي المواطن المصري صار في مهب الريح لا يشكله إلا أخبار من قنوات أو وسائل تواصل اجتماعي سواء مع الوطن أو ضده
الانتخابات البرلمانية استحقاق دستوري وواجب وطني علينا جميعاً المشاركة في ذلك من أجل الوطن ومن أجل مستقبل أفضل

عزة أحمد هيكل، أديبة وكاتبة مصريه وأستاذ الأدب المقارن وناشطة في حقوق المرأة، ولدت في الرابع والعشرين من سبتمبر/أيلول عام 1959، بمحافظة الجيزة، تشغل منصب عميد كلية اللغة والإعلام، الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، وعضو المجلس القومي للمرأة ورئيس اللجنة الثقافية بالمجلس. 
وهي ابنة الدكتور أحمد هيكل وزير الثقافة السابق والذي كان عميدا لكلية دار العلوم، وأيضا هو الكاتب والأديب والحاصل على جائزة الدولة التشجيعية عام 1970 والتقديرية 1984، ووالداتها السيدة عطيات حافظ أول فتاة مصرية تلتحق بكلية العلوم وهي أخت لثلاثة أشقاء وصلوا إلى درجات متميزة في العلم، وهم الدكتورة علا أستاذ الأدوية والسموم بالجامعة الألمانية والمركز القومى للبحوث والمهندس أشرف ويعمل مهندسا استشاريا بشركة (إم بى) والشقيق الثالث هو الطبيب أيمن ويعمل أستاذا مساعدا بكلية طب قصر العيني.
من مؤلفاتها كتاب ملامح امرأة مصرية – مكتبة الأسرة (2000)، وديوان نعم أني مصرية – هيئة الكتاب (2002)،ومجموعة قصصية "امرأة من زمن أت" - هيئة الكتاب (2003)، وفي الأدب المقارن - هيئة الكتاب (2004)، وتحرير الرجل – نهضة مصر (2006)، ديوان رجل تاه - هيئة الكتاب (2008).
أكدت المفكرة والباحثة المصرية دكتورة عزة أحمد هيكل أن في كل أحاديث السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي يوجه خطابه إلى رفع درجة وعي المواطن إلى مستوى الاستعداد والتأهب لمواجهة مخاطر المؤامرات الخارجية والداخلية التي تستهدف الوطن وأمنه واستقراره. ويصُر الرئيس على توضيح الأدوات والآليات التي يتبعها العدو المتآمر على مصر في نشر الشائعات والأكاذيب من خلال الإعلام المرئي ووسائل التواصل الاجتماعي وفبركة الأخبار والصور واستغلال نقاط ضعف أو تغيير أو إصلاح واللعب على فكر ومشاعر الشعب وتصوير الحكومة والدولة المصرية بالفاسدة أو العاجزة عن حل المشاكل اليومية والحياتية للمواطن، وتكمن المشكلة في أن الإعلام فقد كل مصداقيته وحيويته وإبداعه، وتحولت كل البرامج بدون استثناء إلى استنساخ وتكرار وكلمات معادة وأصوات مكررة منقسمة إلى برامج المساء التي تسمى حوارية، وهي اتجاه واحد فقط، فجميع المذيعين أصبحوا يرددون ذات الكلمات والمعلومات والأخبار ولا يقدمون أي رأي، والحقيقة التي على المواطن أن يعلمها ويعرفها من خلال صوت تلك القناة وهذا المذيع الشاب!! وأن وعي المواطن والمواطنة سوف يقف حائط صد لكل تلك المهاترات والمؤامرات مع تعدد برامج الطبخ والطباخين وأصناف الطعام وكذلك برامج الرجيم والجمال والدلال وبرامج العلاقات العاطفية والزوجية والمشاكل النفسية للطبقة الأرستقراطية وتداعيات الشات والتيك توك والحفلات والسهرات، وقطعاً برامج أهل الفن ومشاكلهم النفسية والعاطفية وصراعاتهم مع منافسيهم وأزواجهم السابقين واللاحقين.

الانتخابات فرض واجب علينا ولكن أيضاً لن ننتخب أو نشارك ونحن لا نعلم ولا نعرف أو نحن نعلم ونرفض إعادة تدوير مخلفات الماضي 

وتبارى المذيعون والمذيعات في تقديم الهيافة والتفاهة بدعوى أن هذا هو الخط الإعلامي، والأدوار الغائبة لتلك المؤسسات والرؤية الضبابية لمفهوم تشكيل الوعي في الإعلام والثقافة والتعليم هي العدو الحقيقي اليوم لأن القوى الضاربة في مصر هي الشباب الذين يشكلون أكثر من 60 في المئة من السكان ومنهم 25 مليونا من مرحلة التعليم، هؤلاء قد تركوا على مدار عام كامل بلا أي روافد حقيقية للتعليم وللتثقيف وانحسر دور الثقافة في حفلات الأوبرا وعمر خيرت واختفت المهرجانات والمسابقات في المحافظات وقصور الثقافة والتجمعات الشبابية الإبداعية وتحولت كل الندوات في المجالس الثقافية إلى دوائر مغلقة والمسارح لها قصة أخرى من نقص وفقر في الإمكانات والدعاية وتدخل المسئولين في النصوص والممثلين والموظفين وذلك التداخل بين دورٍ الموظف وفكره ومفهوم المبدع والفنان والمثقف واقتصر دور الكتاب في معرضين أحدهما بالقاهرة والآخر بالاسكندرية وانفصلت الثقافة عن الإعلام بكل صوره وأشكاله..
وأوضحت عزة أحمد هيكل أن وعي المواطن صار في مهب الريح لا يشكله إلا أخبار من قنوات أو وسائل تواصل اجتماعي سواء مع أو ضد الوطن، وهو لا يملك إمكانات العقل النقدي ولا أدوات تكوين معرفي عبر أعمال فنية جادة تنمي القيم والمبادئ وتؤكد على الهوية وعلى الإنسانية وخطة إعلامية ثقافية تعليمية متكاملة تشكل هذا الوعي الوطنى المصري وترفع درجة الاستعداد حتى نعبر جميعا إلى بر الأمان والاسقرار.
وحول الانتخابات والشارع قالت الباحثة عزة أحمد هيكل اتفقنا أم اختلفنا فإن الانتخابات البرلمانية استحقاق دستوري وواجب وطني علينا جميعاً المشاركة في ذلك من أجل الوطن ومن أجل مستقبل أفضل لأبنائنا وأحفادنا والأجيال القادمة، ولكن القضية الكبرى هي أن الحالة السياسية في مصر تمر بأزمة عصيبة ما بين الخوف على أمن واستقرار الوطن وتلك المؤامرات الدينية الخبيثة من قوى الشر الإخوانية، ومن يساندهم خارجياً ويدفع بالشائعات والقلاقل والإرهابيين والمشككين والمنافقين الذين لا يبغونها إلا عوجا ولا يريدون لهذا الوطن أن ينهض ويسعون جاهدين إلى السلطة وإلى تدمير كل إصلاح وكل تطوير يجرى على أرض المحروسة. 
هذا من جانب، وعلى الجانب الآخر نجد أن العديد من فلول الماضي وبقايا ورموز الحزب الوطنى الذي أفسد الحياة السياسية والاقتصادية في مصر وتقلد المناصب واستفاد من زواج رأس المال الفاسد مع السلطة في أواخر أيام حسني مبارك وظهور حزب المستقبل بقيادة جمال مبارك وأرباب السلطة وتفصيل القوانين والدساتير وتوجيه الإعلام آنذاك تجاه هذا الوريث الجديد حتى يتم تأهيل الرأي العام بالقوة والإلحاح إلى قبول التوريث، كل هؤلاء الذين وصل عددهم قبيل ثورة يناير إلى أكثر من 5 ملايين عضو في الحزب الوطني، هؤلاء يعودون إلينا في ثوب جديد وشكل مختلف وقصة شعر ولون عيون صناعية وملابس حديثة في إطار جديد داخل كيانات بأسماء سياسية براقة ليست تابعة لأي حزب حقيقي لأنه لا يوجد سوى حزب «الوفد» حاليا الذي اقتحم الانتخابات بقوة بالرغم من كل الظروف والصراعات الداخلية والجبهات المتعددة التي انفجرت قبيل الإعلان النهائى لقوائم الانتخابات، ومع هذا فإن بقية القوائم التي ظهرت لكيانات سياسية وحزب جديد لا يملك قاعدة شعبية حقيقية ويملك مرشحوه أموالاً لا تحصى ولا تعد ينفقونها بلا هدف سوى الأصوات.

وأشارت عزة هيكل إلى أن كل هذا أدى إلى حالة من الرفض في الوسط الشعبي المثقف وحزب الكنبة أو حزب الكتلة الصامتة وأيضاً حزب المثقفين وحزب الوطنيين الحقيقيين الذين يرغبون في غد أفضل لهذا الوطن وتلك الأمة في ظل كل الصراعات والأزمات لاسيما أننا جميعاً دفعنا أثماناً غالية خلال السنوات الماضية وعانينا من الإرهاب والمفسدين والتداعيات الاقتصادية التي أثرت على كل فرد وعلى كل أسرة مصرية شريفة. ولأن الكثير من المصريين يعرفون أننا لن نعود إلى الفوضى ولن نعود إلى الإخوان ولا إلى الثوار ولا إلى منظمات أجنبية مشبوهة تحت مسميات حقوق الإنسان أو المرأة، وأننا جميعاً علينا أن نلتف حول السياسة التي أنقذت مصر والعالم من شر الهمجية الإخوانية ومن مخطط صفقة القرن وبيع سيناء مقابل الدولة الإسلامية التي كانت سوف يعلن عنها من قبل مرسي وجماعته وبحماية أميركية من أوباما وهيلاري كلينتون، وهذا الحزب الديمقراطى الفاشي.
وأكدت أن الانتخابات البرلمانية الحالية بكل أسف لم تعد تعبر عن الشارع المصري، وكان من الممكن تدارك تلك الأزمة التي حدثت في مجلس الشيوخ وعزوف الناخبين وعدم الإقبال على المشاركة، ولكن الإصرار على استمرار ذات الأسلوب والمنهج في الطرح السياسي والفكري وطريقة تقديم المرشحين للانتخابات بهذه الصورة القديمة، وذلك الإعلان عنهم كما لو كانوا ضيوفاً أو نجوماً في مسلسل أو برنامج أو شركة اتصالات يسيء إلينا كشعب ويسيء إلى العملية الديمقراطية ويسيء إلى الحالة السياسية والمزاجية والصورة الذهنية للانتخابات ويقدم دليلاً للمعارضين والمغرضين وفرصة لأن يطلقوا أبواق الحقد والشك والدم. 
الانتخابات فرض واجب علينا ولكن أيضاً لن ننتخب أو نشارك ونحن لا نعلم ولا نعرف أو نحن نعلم ونرفض إعادة تدوير مخلفات الماضي. 
تحيا مصر بشعبها وجيشها وقائدها، وكفى.