عودان من القصب وحلة قلقاس

عيد الغطاس ويسمى "عيد الظهور الإلهي" من الأعياد السيدية الكبرى، أي المرتبطة بالمسيح في الكنيسة.
الاحتفال بالغطاس يكون دائما في موعد ثابت أي بعد 12 يوما من الاحتفال بعيد الميلاد
القصب نبات مستقيم يشير إلى الاستقامة الروحية التى يجب أن يتحلى بها المسيحي خصوصاً المُعمد

من أقوال أمي التي أحبها وكان لسان حالها يرددها في الأعياد والمناسبات التي تحرص على أداء طقوسها "ربنا ما يقطعلنا عادة"، لذا نرتبط بأشيائنا البسيطة  ارتباطا وثيقا، لأن بداخلها تكمن سعادتنا، فربما أكلة معينة ترتبط بذكرى معينة أو احتفالية معينة وكعادة المصريين ترتبط كل أعيادنا بالأكل.
تغيرت كثير من الأمور بعد كوفيد 19، كنت في مثل هذا اليوم أزور صديقة مقربة وأتلذذ بصحبة أسرتها وبتناول القلقاس من يديها. أكتب هذه السطور محبة فيها وأتمنى لها شفاء قريبا.
عيد الغطاس ويسمى "عيد الظهور الإلهي" وهو من الأعياد السيدية الكبرى، أي المرتبطة بالمسيح في الكنيسة، حيث يحتفل المسيحيون بعيد "الغطاس" وهو ذكرى معمودية السيد المسيح في نهر الأردن على يد يوحنا المعمدان، والاحتفال بالغطاس يكون دائما في موعد ثابت أي بعد 12 يوما من الاحتفال بعيد الميلاد.
لعيد الغطاس كما لغيره من الأعياد صدى كبير في الموروث الشعبي لدي المصريين، وهناك العديد من الأمثلة الشعبية التي ارتبطت بالغطاس منها: "شوية مطر وقداس وعودين قصب وحلة قلقاس"، "اللي ماياكلش قصب يصبح من غير عصب"، "اللي ماياكلش قلقاس يصبح من غير راس"، "في الغطاس مصّ القصب وأكل القلقاس، و"يغطس النصراني ويطلع البرد الحقاني".
وقد اعتاد المسيحيون فيه أكل القصب والقلقاس لأسباب منها: 

Epiphany
ذكرى معمودية السيد المسيح في نهر الأردن

القصب، لكونه مزروع فى توقيت عيد الغطاس المجيد إضافة لما له من معانٍ روحية وتشابه روحى بالمعموديه فهو: نبات مستقيم وهذا يشير إلى حياة الاستقامة الروحية التى يجب أن يتحلى بها المسيحي وبخصوصاً المُعمد، ويمتاز بغزارة السوائل الموجوده بداخله، وهذا السائل رمز لماء المعموديه، كذلك فعصير القصب حلو المذاق، يعد رمزاً لفرحة المعمودية ونوال الخلاص ومغفرة الخطايا عن طريق المعمودية. ونبات القصب ينقسم إلى عقلات وكل عقلة تشبه الفضيلة التى نكتسبها فى حياتنا الروحية حتى نصل إلى العلوية.
والقصب كذلك ينمو فى الأماكن الحارة، ففي مصر مثلاً نجده ينمو في الوجه القبلي مثل الأقصر وقنا، وذلك يذكر بحرارة الروح أي الإنسان المسيحي المعمد يكون حاراً بالروح، ونبات القصب قلبه الداخلي لونه أبيض، وهذا يشير إلى نقاء قلب الإنسان المعمد والإنسان الروحي والقلب الأبيض يكون مملوءا حلاوة  مثل القصب.
وقديماً كانوا يضعون الشمع فوق القصب، وهذا يرمز لنور الروح القدس، ويتكاثر نبات القصب عن طريق العقل الساقية، حيث يتم غرسها تماماً في التربة. ثم يخرج بعد ذلك نباتاً كاملاً حياً، وهذا رمزاً للمعمودية، فالمعمودية موت وحياة مع المسيح.
أما عن ارتباط "القلقاس" بيوم الغطاس فهذه عادة مسيحية، منتشرة، وليس لها أصل في الكتاب المقدس بل لها معانٍ روحية، حيث  يزرع القلقاس عن طريق دفنه كاملاً في الأرض ثم يصير نباتاً حياً صالحاً للطعام، والمعمودية هي دفن أو موت وقيامة مع المسيح، ويقال أيضا أن فى القلقاس مادة سامة ومضرة للحنجرة، وهي المادة الهلامية، إلا أن هذه المادة السامة إذا اختلطت بالماء تحولت إلى مادة نافعة، مغذية، ومن خلال الماء يتطهر الإنسان من سموم الخطية كما يتطهر "القلقاس" من مادته السامة بواسطة الماء. كذلك القلقاس لا يؤكل إلا بعد خلع القشرة الخارجية، فبدون تعريته يصير عديم الفائدة، فلا بد أولاً من خلع القشرة الصلبة قبل أكله، وهذا ما يحدث في المعمودية يتم خلع ثياب الخطية أو الإنسان العتيق لكي يلبس ثياب الطهارة والقداسة عن طريق المعمودية.
كل عام وأنت بخير يا صديقتى وعيد غطاس سعيد على الجميع "وربنا مايقطلعنا عادة".