في ظلال الرعب

الذكرى الأربعون لتأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران تذكير بحجم الاخفاقات أكثر منها بالانجازات.

لا يبدو إن الاحتفالات بالذكرى الـ40 لتأسيس نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية ستكون مريحة وطبيعية كسائر الاعوام المنصرمة، بل إن الاوضاع السائدة في في إيڕان والاجواء المتوترة والمكهربة السائدة فيها، لا تدل على ذلك وإنما توحي بأن هناك حالة من الترقب والحذر على أكثر من صعيد.

قبل فترة ليست بطويلة، إعترف الرئيس الايراني حسن روحاني بأن الشعب لم يعد يثق بالنظام، وهو إعتراف غير مسبوق يدل على خطورة المرحلة التي دخلتها الاوضاع في إيران على أثر الانتفاضة الاخيرة وإستمرار الاحتجاجات المتداعية عنها مصحوبة بجنوح طهران نحو عزلة غير مسبوقة وتراجع ملفت للنظر في دورها على مختلف الاصعدة. وكما يبدو فإن السلطات الايرانية قد اتخذت كل الاجراءات والاحتياطات الامنية غير المسبوقة من أجل جعل الاحتفالات بمناسبة مرور 40 عاما على تأسيس النظام ناجحة ولذلك لتسويقها لأكثر من هدف وغاية.

زيادة السخط والغضب الشعبي الايراني بسبب ما آلت إليه الاوضاع والمعاناة غير العادية للشعب الايراني في مختلف المجالات، يضفي الكثير من الحساسية على الشعب وهو يلاحظ الاحتياطات الامنية وكون الاجهزة الامنية في حالة إستعداد غير عادية للإجهاز على أي تحرك شعبي مضاد للنظام. ولا ريب فإن الشعب الايراني يعلم جيدا بأن النظام يقوم بهذه الاحتفالات وفي هذه السنة بالذات من أجل تخفيف الضغط الدولي عليه والإيحاء بأن الشعب راض عن النظام وملتف حوله، فهل سيسمح الشعب بذلك؟ ذلك هو السٶال الذي يٶرق ليس الاجهزة الامنية بل وحتى معظم القادة والمسٶولين الايرانيين بعد أن صارت الحياة في ظلم هذا النظام وبعد 40 عاما أشبه بالجحيم كما يصفه الايرانيون الهاربون.

أكبر مشكلة تواجه السلطات الايرانية وتسبب لها صداعا وأرقا مزمنا هو إن الشعب الايراني بعد الانتفاضة الايرانية لم يعد كما كان عليه قبل الانتفاضة وهذه حقيقة باتت تفرض نفسها بقوة ولاسيما بعد رفع شعارات تنادي بالموت للديكتاتور أي المرشد الاعلى للنظام وهو أصل وأساس نظام ولاية الفقيه بل وإن النظام كله قد بني على أساسه إضافة الى الشعار الآخر ذي المغزى والاعتبار الخاص: عدونا هنا أمامنا وليس في أميركا. وهذان الشعاران يٶكدان بأن الاوضاع والامور لم تعد كما كانت عليه في الاعوام السابقة وإن ما وصفه روحاني بعدم ثقة الشعب بالنظام كان دقيقا الى أبعد حد لأنه يترجم حرفيا على أرض الواقع. ومن هنا، فإن الاحتفالات الـ40 لا يمكن أن تكون كالاحتفالات السابقة بل ويمكن أن تكون هناك الشرارة التي تحرق كل شيء!