كلام يناقض الواقع

يتهم روحاني الصهيونية بالتدخل في دول الإقليم في حين ترفع رايات الحرس الثوري فوق الحشد في العراق والحوثي في اليمن وحزب الله في لبنان.

ما سر قلق وتوجس بلدان المنطقة من الدور الايراني فيها طوال العقود الاربعة المنصرمة على الرغم من التأكيدات المتكررة من جانب القادة والمسٶولون الايرانيون بأنهم لايستهدفون بلدان المنطقة وإنهم يعملون من أجل ضمان أمنها وإستقرارها؟ لماذا تصر بلدان المنطقة على عدم تصديق نظام ديني يٶكد بأنه ينصر الاسلام والمسلمين ويعمل من أجل مصالحهم العليا؟ وها هو الرئيس الايراني وفي أحدث تصريح له بمناسبة يوم الجيش الايراني، يخاطب دول المنطقة قائلا: "أريد أن أقول لدول المنطقة إن القوات المسلحة للجمهورية الإسلامية الإيرانية ليست ضدكم أو ضد مصالحكم الوطنية. إنها تقف ضد الغزاة... السبب الجذري لمشكلاتنا هو النظام الصهيوني والإمبريالية الأميركية"، لكن من المٶكد إنه لا يوجد من يمكنه هذا الموقف الايراني الجديد الذي هو امتداد للمواقف السابقة ولا يتغير عنها قيد أنملة.

عندما يتم إطلاق أي تصريح من قبل أي مسٶول في العالم بخصوص موقف سياسي محدد، فإن مصداقية ذلك التصريح تقاس بمقارنته مع الواقع الفعلي واكتشاف مدى تطابقه معه، وعندما نطابق تصريح روحاني هذا مع ما يجري في بلدان المنطقة ولاسيما العراق ولبنان واليمن وسوريا، فإننا نجد هناك تعارضا كبيرا بينهما إذ إنه وفي العراق مثلا، تنبري ميليشيات الحشد الشعبي التي تصرح علنا بتبعيتها للحرس الثوري بالاعلان عن مواقف منساقة مع الموقف الايراني من دون الاكتراث لمصالح العراق بهذا الصدد، بل وحتى إن تصريح وزير الخارجية الاميركي  جورج بومبيو بأن الحرس الثوري الايراني يسيطر على 20% من الاقتصاد العراقي وهو تصريح لم يتمكن رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي من تكذيبه وإنما أكد بأن الحكومة العراقية لا علاقة لها بذلك وهي تتفق مع الحكومة الايرانية!

في اليمن، يجاهر الحوثيون علنا بتبعيتهم للنظام في إيران ويتبعون نهجا سياسيا لا يتفق إلا مع النهج الايراني وحتى إن إجراءهم لمحاكمة صورية للرئيس الاميركي في صنعاء على خلفية مواقفه ضد طهران، يتماشى مع إعلان إيران لتصنيف الجيش الاميركي ضمن قائمة الارهاب الايراني. أما في لبنان فإن مواقف وسياسات حزب الله كلها جعلت من لبنان مجرد ورقة بيد إيران يساوم ويفاوض بها هذا وذاك وفي سوريا فإنه يقوم علنا بتشكيل ميليشيات تابعة له مع الإشارة الى دوره في عمليات تغيير ديموغرافي في هذا البلد.

بعد كل هذا، كيف يمكن لبلدان المنطقة أن يصدقوا روحاني وغيره؟ أليس تصريحه وكل التصريحات المشابهة له ليست سوى كلام منمق تمويهي لايوجد له أي صوت أو صدى على أرض الواقع والافضل لهم أن يرددوه في وسائل أعلامهم فقط ويمتنعوا عن بثه على مستوى المنطقة والعالم إذ إنه ضحك على الذقون وتحديدا على ذقونهم!