كلاي قاسم والناي السحري

كلاي يواكب الفن العالمي الحديث دون التفريط في موروثه الحضاري الذي يمنحه الاصالة ويتناول في 2021 موضوع اوبرا عايدة ببصمة فنية معاصرة تدمج بين الهوية المصرية وروح العصر.
كلاي قام بترجمة الجمل الموسيقية لقصة 'الناي السحري' لموزارت إلى حلول تشكيلية بصرية

المتابع لأعمال ولوحات كلاي قاسم يلاحظ ارتكازها على عدة أفكار أساسية يستلهم منها فلسفة موضوعاته، وماهية أعماله الفنية، وأيضاً سيلاحظ التطور الذي صاحب مسيرته وإنتاجه الفني الممتد لأكثر من عشرين عاما في ثبات وثقة.
ومن أهم هذه الركائز ركيزتين أساسيتين هما : أولاً: الهوية المصرية كون مصر تمتلك إرثاً حضاريا وثقافيا ضاربا في التاريخ، مما يتيح لفنانيها أن ينهلوا من الموروث الثقافي والحضاري للأجداد الذي يعدّ المعلم الرئيسي للبشرية، ومعنى الفن وماهيته بما تركه لنا من إرث عظيم من لوحات جدارية على أسطح المعابد تحمل في طياتها قيم حداثية لفلسفة التصميم والتحكم اللوني والقيم الخطيّة وقيمة المفردة وجميع معطيات وقيم العمل التصويري . 

ثانياً : ما نواجهه اليوم مما يُطرح في وسائل التواصل والميديا العالمية حيث أصبح العالم قرية صغيرة تتبادل الأخبار والصور ويمكن الدخول الى أهم المتاحف العالمية وزيارتها من مكانك ومتابعة كل جديد . 
 وينطلق كلاي بفنه الرصين وبحثه الدؤوب مواكبا الفن العالمي المعاصر مرتكزاً على موروثه الحضاري الذي يمنحه نوعاً من التميز والاصالة من جانب، وخبرته واطلاعه على جديد من جانب آخر.
فكان ذلك محور أعماله منذ تخرجه عام 2000 وحتى ثورة 2011 فقد أحدثت تحول بداخله جعلته يعيد تفكيره ويقترب أكثر من الناس ليصنع فناً يتحاور مع قضاياهم .
 فجاءت أعماله تتحدث عن الرزق والعائلة والمائدة التي تجمعهم حتى عام 2019 عندما أقام مشروعه الفني بينه وبين السوبرانو العالمية فاطمة سعيد في دراسة لحياتها في الاوبرا وكيف أصبحت من النساء المصريات اللاتي وصلن بفنهن الى العالمية.
 فوجد في الاوبرا ملاذه الفني حيث وجد فيها ما أحب، وأطلق لخياله العنان في تكوين الشخوص وبين كونها مردوداً لواقع أو فكرة نبيلة تطرحها أعماله للمتلقي.

 وفي عام 2019 أقام معرضه من وحي أوبرا الناي السحري في محاولة لترجمة الجمل الموسيقية والأداء الحركي والقصة لاوبريت "الناي السحري" لموزارت إلى حلول تشكيلية بصرية على مسطحات تحمل باقة من الجمل والقيم المجتمعية التي يتفهمها المتلقي في الداخل والخارج .
 فقدم نصوصاً بصرية موازية لهذه الأوبرا فانطلقت مشاهده الغرائبية هذه المرة من أحداث ومشاهد ومواقف وشخصيات الاوبرا، حيث وجد في أجوائها السحرية مجالاً يناسب عوالمه وخياله الحر وفضاء اللوحة كما أحبها، وفي التفاصيل المشحونة بالأحداث والمشاهد والشخصيات العجيبة، حيث استدعى أطياف أحداث الأوبرا متداخلة متراكبة كأنما أُعيد إنشائها بعد تفكيكها وسردها بصرياً وفق أحداث ومواقف محددة، ليست محاكاه لمشاهد سينوغرافيا الاوبرا.
 وإيماناً منه بطرح قضايا مجتمعية عبر أعماله وبين المضمون الفكري المرتبط ارتباطاً وثيقاً بهويته المصرية وموروثه الحضاري، واستمراراً لاهتمامه وشغفه بما تضيفه الاوبرا لاطلاق الخيال، وبخطى ثابتة تناول كلاي في 2021– موضوع اوبرا عايدة – في قالب فني معاصر يعتمد على فلسفة التصميم بالفن المصري القديم في حلول مسطحات التصوير وطرحها بما يتناسب مع قيم ومفردات العصر. حيث دمج الهوية المصرية وطرحها بما يناسب العصر، وحاول طرح قيم المجتمع من خلال موضوعاته بحرّية كاملة وخيال لا محدود .