لا أحد ينتظر حلا من الفاشلين

ثمة خيط يربط بين الحريري والغنوشي وعادل عبدالمهدي.

أكان فرضا على اللبنانيين أن يصدقوا أن في إمكان سعد الحريري أن ينقلب على نفسه ليكون رجل الحل في مرحلة ينبغي أن لا يكون الحريري نفسه موجودا فيها؟

ما من حدث يجيب على ذلك السؤال مثل ارتقاء راشد الغنوشي سلم الحكم في تونس ليكون رئيس وزراء محتمل في المرحلة المقبلة التي لا يمكن أن تكون آمنة إلا إذا تم استبعاد الغنوشي وحزبه من السلطة.

تلك معادلة يمكن العثور على ميزانها القلق في العراق حيث يسعى رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي إلى فرض شرعية وجوده على شعب قرر أن يُسقط تلك الشرعية عن طريق الاحتجاج الذي يعتبر استفتاء شعبياً.

فرض حزب الله سعد الحريري ليكون ممثل مصالحه في حكومة طائفية. اما عادل عبدالمهدي فإن الأحزاب الدينية الفاسدة ومن ورائها إيران تتمسك به، كونه صمام الأمان الذي يضمن استمرار مصالحها. وفي تونس فإن حركة النهضة الإسلامية لا تجد مرشحا أكثر كفاءة من زعيمها الغنوشي لتتخطي عتبة الدولة المدنية.

يشترك الثلاثة في كونهم ممثلين لمشروع الدولة الفاشلة. ذلك ما يحظى برضا دعاة الدولة الدينية ومباركة إيران، باعتبارها الدولة الوحيدة في عالم اليوم التي يمكن أن تنطبق عليها صفات الدولة الدينية.

إذن الفشل صار عنصر تفوق، يمكن للشخص من خلاله أن يُزيد من حظوظه في أن يكون رئيسا للوزراء. وهو ما يمكن أن ينذر بسنوات مقبلة من القحط والخواء ستمر بالدول الثلاث إذا لم يقع التغيير الذي تسعى أطراف إقليمية وعالمية عديدة إلى منع وقوعه.  

لقد باركت دول عديدة في المنطقة مثل قطر وتركيا حالة الفشل في العراق التي يمثلها استمرار حكومة عبدالمهدي. كما أن أحدا من تلك الأطراف لم يضع يده على قلبه خشية أن يصل الغنوشي إلى السلطة التنفيذية. غير أن الأسوأ من جهة فضائحيته حدث في لبنان. ذلك لأن القوى الميليشاوية التي ظهرت إلى العلن لتتصدى للتظاهرات كان وجودها إلى وقت قريب محل استهجان عالمي ومع ذلك فقد أدار المجتمع الدولي ظهره للقمع الذي مارسته تلك القوى في حق المتظاهرين السلميين المطالبين بالتغيير.
شيء ما كان يحدث في الخفاء دفعت به الاحتجاجات إلى الظهور إلى العلن. ذلك هو أكبر التحديات التي تواجهها المنطقة. فالدفع بالدول الثلاث إلى القبول بالفشل من خلال تطبيعه صار هدفا في حد ذاته.
ما من جهة قادرة على تنفيذ برامج الفشل الحكومي مثل الجهاز التنفيذي الذي يقوده رئيس وزراء فاشل ومسلوب الإرادة وخادم لقوى حزبية لا تؤمن بالوطنية ولا بالمواطنة ولا بالوطن.

ما يهم أن تبقى الخرائط السياسية كما هي. ففي بقائها حفاظ على مصالح أطراف عديدة ليس الشعب العراقي من بينها. وإذا ما كانت إيران هي أكثر المستفيدين من حالة النكوص السياسي تلك فإن تركيا على سبيل المثال لا تحبذ أن يقع تغيير في المنطقة. تركيا هي قوة اخوانية ليست أقل خطرا على مستقبل الوضع السياسي في العالم العربي من إيران.

ما يشعر به الكثيرون من استغراب بسبب الموقف السلبي الذي اتخذه المجتمع الدولي من مطالبات الشعبين العراقي واللبناني بالحرية وبالعدالة الاجتماعية وبالعودة إلى نظام المواطنة يمكن الإجابة عليه من خلال كل تلك المعطيات والوقائع التي تعبر عن حقيقة الموقف العالمي من المنطقة العربية.

فالفشل السياسي هو المطلوب عالميا.

وهو ما صار واضحا بالنسبة للمحتجين الذين لم يراهنوا على دعم دولي. إنهم يدركون أن مسيرتهم في اتجاه النجاح الوطني ستكون طويلة وشاقة لذلك فإنهم ليسوا على عجلة من أمرهم.

سيكون الصبر هو خطوتهم الأولى في اتجاه النجاح. ذلك مفتاح الحل.