لدغة الخيانة: التحالف المعلن مع تل أبيب

سيتعين على بعض الحكومات العربية، في الايام القادمة، مواجهة تحدٍ بالغ الصعوبة وهو تبرير تحالفها الاستراتيجي مع تل أبيب.

تبدو حكومة نتنياهو عازمة على كشف جميع العملاء والمطبعين والمتعاونين معها في العالم العربي، في خطوة تهدف إلى وضع هذه الأطراف أمام شعوبها.

يشير الصحفي الاميركي/الصهيوني ديفيد إغناتيوس في مقاله المعنون "ما لم يتغير في السابع من أكتوبر"، الى ان دولا عربية عديدة هي من بين تلك التي الدول التي تضخ الاسلحة وتساند العمليات العسكرية الموجهة ضد غزة والضاحية الجنوبية.

وتعرض ميراف زونسزين كبيرة محللي الشؤون الإسرائيلية في مجموعة الأزمات الدولية، أدلة جديدة على تورط عدد من الدول العربية في التصدي لمسيّرات وصواريخ إيرانية كانت متجهة إلى الكيان، وتعتقد بان الصفقات الدبلوماسية حيوية لتحقيق الاستقرار لإسرائيل.

سياسة "قلب الطاولة" على العملاء التي تتبعها حكومة نتنياهو تقوم على فرضية مفادها أن الجهات التي أعلنت تعاونها مع الكيان الصهيوني تفوقت في أدائها على تلك التي حافظت على علاقات سرية معه.

 من الواضح ان اسرائيل لم تعد ترغب بتلقي الخدمات من النوافذ والأبواب الخلفية، وباستثناء العملاء الذين يؤدون وظائف خاصة، فان جميع الجهات المتعاونة سيتم تسريب بيناتهم وطبيعة خدماتهم للكيان في الفترة القادمة.

ويرجع ذلك الى أن الانكشاف العلني للتعاون يمنحهم حوافز أكبر لتحقيق نتائج ملموسة تبرر عمالتهم، مقارنة بالجهات التي تخفي تعاونها خوفًا من ردود الفعل الداخلية الرافضة للتطبيع ومتوالياته.

وهذا ما يفسر لنا تصرفات الحكومة الصهيونية في استعراض كشوف العملاء إما بشكل رسمي او من خلال تسريبها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بهدف اجبار العملاء على كسر حاجز الخوف والتردد.

ومن المؤسف أن جهات عربية عديدة، رسمية وأهلية، سياسية وإعلامية، قد ساهمت بشكل فعال في الترويج للرواية الصهيونية، وأظهرت حماسة مفرطة لاستمرار الأعمال العدائية، وتصفية المقاومة، ولا يمكن استبعاد تورطها في كشف مواقع قادة الميدان، وتسهيل الوصول إليهم وتصفيتهم.

ويبدو لي ان انتصار المقاومة عام 2006 شكل نقطة تحول في الحسابات الاسرائيلية، إذ أدركت تل أبيب أن نجاح نموذج "المقاوم المنتصر" من شأنه ان يوحد الشعوب حول قضاياها، ويفشل مشاريع التجزئة المذهبية، بما يمثل تحديا وجوديا لها.

ومنذ ذلك الحين، شرع الكيان الصهيوني وبإسناد غربي منظم في توجيه الرأي العام العربي لصالح أجندته التوسعية، مستخدما أدوات متنوعة كالتحالف مع الحكومات وشراء الولاءات والهيمنة الاعلامية والرقمية.

في الحرب الجارية، على سبيل المثال، كان اداء العديد من القنوات الفضائية العربية في دعم الكيان لا يقل سوءا عن مواقف بعض الحكومات المتواطئة مع الاحتلال.

سيتعين على بعض الحكومات العربية، في الايام القادمة، مواجهة تحدٍ بالغ الصعوبة وهو تبرير تحالفها الاستراتيجي مع تل أبيب، وتبرير عمالة اجهزتها الاعلامية المكشوفة، لذا استعدوا للفضائح القادمة.