لنتعرف على جلدنا يا أبناء جلدتنا

الحليف الروسي لا إعتراض له على ضرب حليفه السوري من قبل إسرائيل، فقط المطلوب إخباره قبل وقت كافٍ من الهجوم.

أيمكن لبوتين أن يكون صديقاً لبشار الأسد وبنيامين نتنياهو في آن واحد؟

وإذا كان فأيهما الأعلى مرتبة أو الأقرب؟

لأن بشار ونتنياهو متباعدان جداً، متناقضان جدا، متصارعان جداً، ومتعاديان جداً، فإن بوتين أن كان صديقاً لكليهما، فأنه سيكون كاذباً، أو يكون صديقاً حقيقياً لأحدهما وعدواً مُبطناً للآخر، أو مُدع لصداقته لمآرب شتى.

****

تقول روسيا حول إسقاط الطائرة الروسية: أن إسرائيل لم تعلمها بالهجوم إلا قبل وقوعه بأقل من دقيقة، مما جعل الطائرة الروسية غير مُتمكنة من الإبتعاد عن مجال القصف، وتقول أيضاً أن الطائرات الإسرائيلية إحتمت بالطائرة الروسية وهي تقصف الأهداف السورية، مما جعل الدفاعات السورية تعتبرها ضمن الطائرات المهاجمة، لذا قامت بقصفها.

هذا يعني أن الحليف الروسي لا إعتراض له على ضرب حليفه السوري من قبل إسرائيل، فقط المطلوب إخباره قبل وقت كافٍ من الهجوم ليتمكن من أخلاء الساحة أو الفضاء من أي تواجد له، وتأخذ إسرائيل المعتدية حريتها في ضرب الحليف، الذي ينبغي أن يحضى بالحماية من قبل الحامي، فهل هذا موقف أخلاقي، أو موقف ينم عن صدق التحالف؟

ويعني أيضاً أن إسرائيل جعلت من الطائرة الروسية متراساً تحتمي خلفه طائراتها وهي تقصف الحليف الذي جاءت الطائرة الروسية لحمايته، ويعني أيضا أن الطائرة الروسية كانت بمثابة طائرة مخطوفة أثناء العمليات القتالية، مما يجعلها وركابها ضحايا تتحمل إسرائيل والقوات الإسرائيلية جريرة إسقاطها ومقتل ركابها.

السؤال هنا هو ما الموقف الذي سيتخذه بوتين حيال الإهانة الشخصية له، ولمكانة روسيا، هذا ما ستكشفه الأيام القادمة.

****

ما تتعرض له الأمة من إذلال ومهانة يذكرنا بما نسيناه أو تناسيناه جراء تعاقب الكوارث، وهو بالتحديد ما كنا نتغنى به قبل أكثر من نصف قرن، وما حسبناه الطريق الأمثل لكرامة ونهوض الأمة، ألا وهو وحدتها أو توحدها.

فلنتخيل أن أمتنا من المحيط حتى الخليج موحدة أو متحدة، عبر وحدة أو إتحاد، فدرالي أو كونفدرالي، فهل يا ترى ستعاني الذي عانته الآن والتي ما زالت تعانيه، وربما – وعلى الأرجح – ستعانيه مستقبلاً؟

ليس هذا سؤالاً إفتراضياً، إنما هو سؤال يندرج في صلب البحث عن خلاص، بعد أن انسدت كل الطرق أمام نهضة وتطور أي بلد على حده، وبعد أن أصبح وجود هذه الكيانات الكبيرة والصغيرة والمجهرية في مهب الريح.

قلب نظرك أخي في حالنا، ووضعنا الراهن. سوريا تعتمد على روسيا وإيران في بقائها، ولسوريا وإيران حسابات قد لا تتفق مع حسابات سوريا. الخليج يعتمد على أميركا داعمة إسرائيل وحاميتها، ومن أجل بقاء هذا الدعم هي ملزمة على التطبيع مع إسرائيل، والتعاون معها ضد أعدائها، ولا خيار لها غير هذا أو الخروج من مظلة الحماية الأميركية التي لا بديل عنها، بعد أن قطعت حبالها مع الغير، وآت اليوم الذي سيكون لأميركا فيه رأي آخر فيما يتعلق بوجود هذه الدول، بعد استنزاف ما لديها من ثروة. العراق أحتل من قبل أميركا، وهو واقع تحت نفوذها بالتشارك مع النفوذ الإيراني، وليس بعيداً أن ينصب هندي أو أوربي أميراً على إماراتها، وعملاً بالديمقراطية ربما يأتي عن طريق الإنتخاب بعد أن أصبح المواطنون أقلية لا تذكر. ليبيا أصبحت ساحة للدمار الشامل، تجرب فيها كل مخابرات العالم صراعاتها. السعودية تحارب عدوتها اليمن، وقد تفطنت إلى أن الحوثيين الذين كانت تناصرهم في نزاعهم ضد عبدالناصر والذين حكموا اليمن مئات السنين، تفطنت إلى أنهم فرس مجوس يهددون أمنها القومي. دول الجوار، تركيا وإيران والحبشة يقطعون المياه عن الرافدين والنيل، وسيأتي اليوم الذي يبيعوننا فيه ماء الشرب أو يبادلون برميل الماء ببرميل النفط. الصومال ساحة حرب لا تنتهي، وهي إن توقفت عادت مرة أخرى بشكل أقسى وأشد، وجيبوتي الصغيرة تبيع أرضها الصغيرة قواعد للغير من أجل أن تبقى. لبنان يخشى سوريا، وسوريا تخشى الأردن، والسعودية تتآمر على العراق الرافضي، والعراق ضد السعودية الناصبية، المغرب ضد الجزائر، وصراعهما يحتدم ويشتد أوراه بسبب البوليساريو والصحراء. مصر مهمشة، قرارها مختطف بعد كامب ديفد، وحتى الخليج دخلته آفة الشقاق، قطر محاصرة من السعودية والإمارات والبحرين، وسلطنة عمان على الحياد غير الإيجابي، والكويت في حيرة، فهي تخشى الشمال الذي غزاها، وتحذر أطماع الشقيقة الكبرى التي تتحين الفرص بها، وفلسطين مقسمة بين فتح وحماس، وكلما قلنا اقترب الصلح إتسع شق الخلاف أكثر بفعل تدخلات الأشقاء وذوي الرحم.

والأشد وألأنكى، أن البعض يدعو الآن، من أجل أن يزاول المواطن حكم نفسه بنفسه، بأن تكون البصرة دولة وكركوك دولة والموصل دولة، وأن تدول الأراضي المقدسة، وتقسم الجزيرة العربية، وأن تكون للأقليات أوطانها الخاصة، وللطوائف دولها، وربما للعشائر الكبيرة، وتالياً دول صغيرة.. هل سنشهد فيما تبقى لنا عمر ظهور دويلات المدن؟

يقول المثل "ماحك جلدك مثل ظفرك"، والمهم، بل الأهم أن يعرف كل منا ما هو جلده!